انتشرت في تونس ظاهرة مراكز التجميل التي تقوم بتدخلات من مشمولات طب التجميل الى جانب «التاتو» او الماكياج الدائم مستخدمة في ذلك الإبر والبنج والمعدات الطبية بغير دراية وقد تبين أن بعضها يفتقر لشروط السلامة الصحية. تونس (الشروق): ازداد إقبال السيدات وحتى بعض الرجال على مراكز التجميل ليس فقط لتصفيف الشعر أو تجميل الوجه كما في السابق بل للحصول على خدمات جديدة ومتطورة تعرضها بعض هذه المراكز المنتصبة في عدة احياء راقية منها «التاتو» أو الماكياج ورسم الحواجب الدائم والذي يتم عبر استخدام البنج الموضعي والابر التي يجب استبدالها مع كل حريفة بالإضافة الى ان الجرح في حاجة الى معقم وأدوية للتماثل للشفاء كما ان هذه القاعات تعرض خدمات طبية تجميلية جديدة أصبحت مطلوبة بكثرة من الفئات المتوسطة والراقية بعد ان كانت حكرا على الفنانين والمشاهير وهي تقنيات القضاء على التجاعيد بالإبر والفيتامينات أو «البوتكس» ودون الحاجة الى جراحة والغريب ان هذه العقاقير تتم في نفس الفضاءات التي تقوم فيها الحلاقات بالقيام ب«الكيراتين» وتصفيف الشعر وبأسعار باهضه وفق ما عايناه تتراوح من 300 الى 750دينارا للتدخل حسب الخدمة المطلوبة لكن هل تتم هذه العمليات وفق الدراية والظروف الصحية اللازمة في ظل غياب الرقابة الصحية لهذه التدخلات التي تستخدم فيها معدات طبية من بنج وإبر وأدوية على أيدي غير المختصين؟ وهل ان هذه المراكز تدفع الضرائب التي تتماشى مع مداخيلها المقدرة يوميا بمئات الدنانير ام انها تدفع نفس الضريبة السنوية الرمزية المفروضة على قاعات الحلاقة التقليدية؟ تجاوزات عن هذه المسألة ذكرت احدى العاملات في محل حلاقة بالمنزه السادس ان صاحبة المحل تقوم بتدخلات تفوق الألف دينار يوميا تعرف بالماكياج الدائم وتقدر كلفة الحاجب ب350 دينارا والفم ب400 دينار لكل حريفة ومع ذلك فان الاداء الضريبي الذي تدفعه سنويا لا يختلف عن سعر الحلاقات العاديات والذي يقدر بنحو 150دينارا سنويا. لكن الاشكال لا يكمن في عدم انسجام الضريبة مع الدخل فحسب بل في وجود تجاوزات في التعقيم وحفظ الصحة ذلك انه لا يتم في بعض الاحيان تغيير الابر لكل حريفة بل تكتفي الحلاقة بتغيير الابرة وتعقيمها مما قد ينجر عنه عدوى الامراض المنقولة دون وجود رقابة صحية لهذه الفضاءات التي تعمل في ظل وجود فراغ تشريعي وجبائي باعتبار ان هذه التدخلات التجميلية شبه الصحية جديدة ولم تكن مدرجة في السابق ضمن مهام الحلاقات. كما ان فنون طب التجميل من حقن فيتامينات و«بلاسما» والتخلص من الهالات السوداء تحت العين والتخسيس وغيرها من الخدمات التي كانت لزمن قريب من اختصاص اطباء التجميل اصبحت تتم في مراكز تجميل على يد غير المختصين وبلا ترخيص والأهم من كل ان ظروف اجراء هذه التدخلات تفتقر في أغلب الاحيان الى التعقيم الضروري مما يعرض صحة الحرفاء للمخاطر وتعكر وضعهم الصحي والجمالي رغم ان كلفة هذه التدخلات كبيرة كما انها متوفرة في المصحات وعيادات أطباء الاختصاص. ولم تخف احدى ضحايا هذه المراكز انها ارتادته للتخلص من الهالات السوداء اسفل العين لكنها لم تحصل على النتائج الموعودة بل ترى ان شكلها كان أفضل دون تدخل. من جهتها ذكرت الدكتورة تيسير بن عاشور انه أصبح هناك الكثير من التداخل بين صالونات التجميل ومراكز العناية بالبشرة، لذلك يجب على النساء وحتى الرجال الباحثين عن الجمال أن يدققوا عند اختيار الخدمات المطلوبة وعدم الانجرار خلف الاشهار والوعود التي اصبحت تغزو مواقع التواصل الاجتماعي كما دعت الى عدم التوجه لمراكز التجميل للحصول على خدمات طبية حتى وان كانت في مجال التجميل وتعتبر انها بسيطة فصالونات التجميل العادية تدعي انها قادرة على اجراء عمليات تقشير أو تنظيف عميق للبشرة وشدها وحقنها بالبلاسما والبوتوكس وغيرها من التدخلات التي تتطلب معرفة من اطباء مختصين في المجال حتى لا يحصل طالب الخدمة على نتيجة عكسية. كما يجب ألا ينساق طالب هذه الخدمات وراء ما تقدمه بعض الصالونات من مستحضرات تجميل مجهولة الهوية والمنشأ، حتى لا يتعرض المستهلك لعواقب وخيمة، فالعناية بالبشرة أمر يختلف عن تجميل الوجه، ويجب أن تقتصر ممارستها على الأشخاص المؤهلين لذلك، والذين يمتلكون المعرفة والدراسة والخبرة الكافية للتعامل مع كل بشرة بحسب نوعها، والقدرة على استخدام الأجهزة الحديثة بما تتضمنه من تقنيات متطورة. ويشار ان عديد الشهادات التي استقيناها من مواطنين تفيد ان هناك الكثير من الحالات التي توجهت للعلاج لدى اطباء مختصين نتيجة أخطاء وممارسات حلاقات في مراكز التجميل التي انتشرت بشكل واسع خلال السنوات الأخيرة، وواكب هذا الانتشار اتساع دائرة أنشطتها حتى تداخلت مع تخصصات عيادات علاج الأمراض الجلدية الذي يجب ألا يتم إلا تحت إشراف طبي متخصص ومن بين هذه الحالات سيدة تضررت بشرتها بشكل كبير مما اضطرها لانفاق الكثير من المال لإصلاح الضرر. وذكرت المتضررة انه للأسف لا تملك مراكز التجميل المعرفة والخبرة اللازمتين لاستخدام هذه التقنيات المتطورة مما أدى إلى وقوع العديد من حالات التشويه التي ذهب ضحيتها الكثير من الباحثات عن الجمال وتشمل هذه التجاوزات مراكز التجميل ومراكز التدليك لكن لا يعرف المتضرر الجهة التي يمكنه تقديم الشكوى فيها ذلك ان التجاوزات منها ما يعود الى وزارة الاشراف وهي التجارة ومنها ما يتعلق بمخالفتها الشروط الصحية ويعود الى التفقدية الطبية بوزارة الصحة. فراغ تشريعي شهادات عديدة تظهر تزايداً ملحوظاً في الأخطاء الناتجة عن تدخلات التجميل، سببه انتشار مراكز التجميل بسبب ممارسة المهنة من قبل غير المختصين رغم خطورتها، والتي ينتج عنها أخطاء طبية ومن أبرز صورها الأخطاء والتشوهات، أو المضاعفات بعد التدخلات التجميلية. ونظرا لتعدد الشكايات تم التفطن لوجود فراغ تشريعي يتم العمل على تداركه من خلال العمل على احداث كراس شروط منظم للمهمة قصد ادراج هذه الفضاءات ضمن قائمة المراقبة وبالتوازي على المواطنين توخي الحذر والتأكد من اختيار الأشخاص المتخصصين لإجراء عمليات التدخل التجميلية في العيادات الطبية وعدم اللجوء إلى أشخاص مجهولين الذين يقومون بتدخلات يعتبر البعض انها بسيطة مثل حقن الوجه والشعر بمادة البلازما المستخرجة من دم المريض نفسه وذلك قصد إزالة التجاعيد من الوجه او اليدين وذلك خاصة لان بعض هذه المراكز توفر عروض خاصة وخصم او تسهيلات في الدفع وعادة ما لا يتجاوز مفعول هذه التدخلات 6 أشهر اما كلفتها فتتراوح ما بين 200 الى 750دينارا حسب نوعية التجاعيد وتواتر عدد مرات التدخل... د. طه زين العابدين مدير التفقدية الطبية بوزارة الصحة : قريبا كرّاس شروط لتلافي الثغرات التشريعية ذكر الدكتور طه زين العابدين من التفقدية الصحية بوزارة الصحة أن هناك فراغا تشريعيا في مجال التدخلات الجديدة لمراكز التجميل ذلك ان كل تدخل على مستوى الجسد لا يمكن ان يتم سوى عن طريق تدخل طبي وليس من قبل الدخلاء وذلك نظرا لوجود اشكاليات على مستوى حفظ الصحة والظروف التي تتم فيها هذه التدخلات ويتم حاليا اعداد نصوص قانونية في حفظ الصحة وبيانات خاصة بتعقيم الابر حفاظا على صحة المواطن وتجنب عدوى الامراض المنقولة التي قد يتسبب فيها غياب شروط الصحة. ويشار الى ان الفصل 10من الامر 1974 المحدد لوظائف وزارة الصحة يمكنها من الرقابة القائمة وبالتالي فان الاهتمام بالموضوع يتعلق بوضع اطار تشريعي للمراقبة الصحية المتاحة وإعداد كراس شروط تتضمن المواصفات منها التعقيم. وأشار ان توسع نشاط هذه المراكز وتشكيات المواطنين من مخالفاتها دفع وزارة الصحة الى مراقبة مدرسة «تاتواج»(وشم) خلال السنة الماضية ومن خلال هذه الحادثة تم التفكير في اقرار تشريعات جديدة لتجاوز الفراغ التشريعي القائم في هذا المجال ومن هنا كان العمل على احداث كراس شروط ينتظر ان يكون جاهزا في موفى السنة الحالية وسيكون عمل التفقد بالتنسيق بين مصالح وزارة الصحة وأضاف أن هذه الأنشطة لا تتحصل على تراخيص من وزارة الصحة. واعتبر أن هذا القطاع تشمله رقابة وزارة التجارة والصحة. كما ستشمل الرقابة الصحية مستقبلا مراكز التدليك والحجامة.