كذّب القيادي في النداء منجي الحرباوي ما أشيع حول وجود خلافات بين حزبه ومرشحه للرئاسية عبد الكريم الزبيدي تنذر بقرب الطلاق بينهما. الحرباوي أكد أن الدعم للزبيدي مطلق، ولكن من له منفعة من الآخر ومن يستطيع فرض شروطه على الآخر؟. تونس الشروق: «دعم النداء للمرشح عبد الكريم الزبيدي مطلق» هذا ما أكده الناطق الرسمي باسم حركة نداء تونس منجي الحرباوي قبل أن يفند في تصريح ل"الشروق أونلاين" أول أمس كل ما أشيع حول وجود امتعاض لدى قياديين ندائيين من المرشح المستقل للرئاسية عبد الكريم الزبيدي وتهديد بعضهم بقطع العلاقة بينه وبين حزبهم. الزبيدي، الذي تعاطف مؤخرا مع حافظ بعد تفتيشه الموصوف ب"المهين" في مطار تونسقرطاج، مرشح مستقل وقد ارتأت بعض الأطراف السياسية مثل نداء تونس ترشيحه بدل مرشح من داخلها لكن تصريحات الحرباوي لا تنفي وجود امتعاض حقيقي من هذا المرشح وهو امتعاض متجدد وليس جديدا. فقبل أيام دعا القيادي رؤوف الخماسي الزبيدي نيابة عن بعض قياديي الحزب إلى «مراجعة خطته الاتصالية» والحذر ممن أسماهم ب»الانتهازيين»، وقد هدده صراحة بسحب الدعم عنه إذا لم يسارع ب"تعديل الأوتار" قبل فوات الأوان. فما الذي يعيبه الندائيون (أو بعضهم) على الزبيدي؟. مسائل خلافية بين بعض الندائيين والزبيدي مسائل خلافية أولها عدم مجاهرته بكونه مرشح حزب النداء، وثانيهما عدم تعرضه إلى الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي صاحب الفضل عليه في الشهرة وارتفاع الأسهم من وجهة نظر ندائية، وثالثها عدم اعتماده خطة اتصالية ناجعة ومتطورة بما يعرض حظوظه ومصالح حزب النداء الذي يراهن عليه إلى الخطر، ورابعها تعويله عند إعلانه ترشحه على فريق لا يتضمن الندائيين. الجديد أن الزبيدي استجاب طوعا أو كرها لبعض الشروط التي طرحها حزب النداء فقد غير من خطته الاتصالية. كما تكفل الحرباوي بالتهوين من قيمة بعض المسائل الخلافية الأخرى عندما قال في تصريحه ل»الشروق أونلاين» إن بعض القيادات الوسطى والصغرى تخلط بين المرشح الحزبي وبين المترشح المستقل الذي ترشحه بعض الأحزاب بما يعني أنه لا يجوز مطالبته باعتماد برنامج انتخابي حزبي ولكن هل يجوز للنداء أن يفرض شروطه على الزبيدي وهل يجوز للثاني؟. شروط مستحيلة لا علاقة حزبية للزبيدي بالنداء فهو غير متحزب ولا ينتمي بالتالي إلى أي حزب، وعندما أعلن عن نيته في الترشح ارتأت بعض الأطراف السياسية ترشيحه بدلا عن ترشيح شخصية حزبية من صلبها. «لو كان الباجي حيا لرشح الزبيدي للرئاسية عن نداء تونس» ما قالته القيادية أنس الحطاب قبل أيام في برنامج تلفزي كان ضمن الأسباب التي دفعت بالنداء إلى ترشيح الزبيدي لكن هذا الترشيح لا يوفر للنداء الحق في فرض شروط لا يقدر عليها مرشحه مثل التحدث باسمه واعتماد برنامجه الانتخابي. الزبيدي مرشح آفاق تونس في الآن ذاته وما يباح للنداء يباح بالضرورة لآفاق وبقية المراهنين على وزير الدفاع المستقيل ومن باب الاستحالة على مرشح مستقل اعتماد جملة من البرامج الانتخابية والتحدث باسم العديد من الأطراف. يمكن لأحد الأحزاب أن يفرض شروطه على مرشحه كأن يطلب منه تنفيذ برنامجه والتحدث باسمه مقابل مواصلة دعمه وما على المترشح إلا المفاضلة بين خيارين فإما أن يرفض طلب ذلك الحزب ويكتفي ببقية الأطراف التي تدعمه وإما أن يقبل بالشرط ويضحي ببقية الأطراف. استفادة الطرفين نداء اليوم أضعف من أن يخنع له الزبيدي ويضحي من أجله بحزب آفاق تونس وبعض المستقلين وربما اتحاد الشغل، كما أن النداء لن يغنم شيئا من قطع علاقته بالزبيدي فهو المرشح الأقرب إليه ولن يجد أفضل منه للمراهنة عليه. في هذه المراهنة يبدو النداء مستفيدا أكثر من الزبيدي فعند فوزه بالرئاسية أو بلوغه الدورة الثانية منها على الأقل ترتفع حظوظ النداء في الانتخابات التشريعية وحتى في صورة فشله تشريعيا فإنه يضمن وجوده في الحكم عبر رئيس الجمهورية المقرب منه وعليه فمن العبث أن يهدد بسحب ترشحه منه وعدم المراهنة عليه. في المقابل لا يستطيع الزبيدي إقصاء طرف لمجرد إرضاء طرف آخر، فهو مستقل ويحتاج إلى أكبر قدر ممكن من الأحزاب حتى تقوى شوكته خلال الحملة الانتخابية وأثناء التصويت وعليه فهو يحتاج نداء تونس بقدر حاجته إلى آفاق تونس وكل طرف يراهن عليه. علاقة الزبيدي بالنداء لا ينتمي الزبيدي لحزب النداء فهو سياسي مستقل لكن هناك علاقة تقارب بين الطرفين بدأت على الأقل منذ أن ترأس الراحل الباجي قايد السبسي الحكومة الانتقالية بعد استقالة الغنوشي خلال فيفري 2011. وعندما فاز حزب النداء بالتشريعية وبات يملك حق تشكيل الحكومة فكر في ترشيح الزبيدي لرئاستها لكن بعض الأطراف المشاركة في تلك الحكومة اعترضت عليه. علينا أن ننتظر حتى سحب الثقة من حكومة حبيب الصيد (أوت 2016) لنشهد عودة الزبيدي إلى الأضواء السياسية فقد رشحه رئيس حكومة الوحدة الوطنية يوسف الشاهد لحقيبة الداخلية لكنه رفض، عندها استدعاه رئيس الجمهورية الراحل الباجي قايد السبسي إلى قصره فلم يغادره إلا بعد أن قبل بحقيبة الدفاع. وقد كان حضور الزبيدي لافتا خلال الأيام التي سبقت وفاة الباجي والتي لحقتها حتى بدا لجميع الملاحظين أنه كان من أقرب المقربين إليه لكن لا نعلم إن كان الباجي قد اقترح عليه فعلا الترشح لرئاسة الجمهورية أم إنه استجاب لرغبة أطراف أخرى. تجابة قد يكون أكبر من نفعها.