كان يحبها حبا عظيما ... وكان الصحفيون يعلمون أن هذا الحب من طرف واحد فقط ولكنه كان يخلق لنفسه عالما من الوهم والخيال، وكان يحب الكثيرات ... كان يحب نادية لطفي وسعاد حسني وثلاث مذيعات جميلات في التليفزيون. ولكن حبه الكبير ... حبه الذي استغرق منه ديوانا من الشعر ... حبه الذي صوره في تجربته العاطفية الشهيرة باسم «لا تكذبي» هو حبه لنجاة ! إنه الشاعر الكبير كامل الشناوي .... وكانت قصته الأشهر مع نجاة هي الأكثر خلودا، فلقد أحبها بجنون ولم تبادله وفاءه، وكان يعلم ذلك لكنه لا يستطيع أن يتوقف عن حبها، بل كان عذابه يستوحش أثناء الخصام فلا يتحمل بُعدها «افهميني على حقيقتي.. إنني لا أجري وراءك بل أجري وراء دموعي»... هكذا كتب اليها ذات مرة في إحدى نوبات عشقه. ولقد تعرض الشناوي لكثير من الصدمات أثناء حبه لنجاة الصغيرة، كان أبرزها عام 1962 في عيد ميلادها عندما اشترى هدايا الحفل، وحضر برفقة أصدقائه في شقتها بالزمالك، وعند إطفاء الشموع اختارت يوسف إدريس ليقطع التورتة معها ممسكا بيدها، فانسحب الشناوي حزينا باكيا، ثم تضاعفت أحزانه حين رآهما يخونانه، فكتب كلماته التي تقطر اسى « لاتكذبي « ثم كتب قصيدته الرائعة التي غناها عبد الحليم حافظ: «حبيبها لست وحدك حبيبها أنا قبلك وربما جئت بعدك وربما كنت مثلك».. وفي إحدى المرات شاهد أحد محبيها يتودد إليها، فكتب ساخرا: «إنها كالدنيا.. لا تبقى ولا تتجدد إلا إذا خرج من حياتها أناس.. ما أكثر الذين شاهدتهم وهم يغادرونها وما أكثر المواليد الذين رأيتهم على بابها».. الشناوي الذي وُلد في 7 ديسمبر 1908 كان شغوفا بالعلم، محبا للآداب، عمل على الاقتران بمجتمع المثقفين، وعمل بالصحافة مع الأديب الراحل طه حسين، ودرس الآداب العربية والأجنبية في عصورها المختلفة. الشاعر الذي تغنى بقصائده أكبر نجوم زمن الفن الجميل أمثال؛ عبد الحليم حافظ، فريد الأطرش، أم كلثوم، نجاة الصغيرة، وغيرهم، عاش قصة حب شهيرة، وظل مخلصا لبطلتها حتى وفاته رغم عدم مبادلتها له نفس الشعور. بطلة قصة حبه هي المطربة المصرية «نجاة الصغيرة»، التي ساهم بشكل كبير في تلميعها، وقدم لها أجمل القصائد التي أظهرت جمال ونعومة صوتها هو وشقيقه مأمون الشناوي، ولكنها فضلت عليه الأديب المصري الراحل يوسف إدريس، وهي قصة الحب التي نفتها الصغيرة أكثر من مرة. وعن قصة حب الشناوي الأليمة قال صديقه الصحفي المصري الراحل مصطفى أمين في كتابه الشهير «شخصيات لا تنسى»: «عشت مع كامل الشناوي حبه الكبير، وهو الحب الذي أبكاه وأضناه. وحطمه وقتله في آخر الأمر، أعطى كامل لهذه المرأة كل شيء المجد والشهرة والشعر ولم تعطه شيئا أحبها فخدعته. أخلص لها فخانته. جعلها ملكه فجعلته أضحوكة» صد المطربة لحب الشناوي كان يمثل أمرا صعبا عليه، ولم يرغب في تصديقه، حتى أن مصطفى أمين كتب أن كامل كان يقول: «لا أفهمها، فهي امرأة غامضة لا أعرف هل هي تحبني أم تكرهني..؟، هل تريد أن تحييني أم تقتلني..؟». لعنة الحب الفاشل أصابت الشاعر، حتى أنه كان يشعر أن هجرة محبوبته قتلته، ولم يبق سوى موعد تشييع الجنازة، وكان يجلس يوميا يكتب عن عذابه، وأصبح يتردد على المقابر، وحينما سأله مصطفى أمين عن ذلك، أجابه بابتسامه حزينة وقال: «أريد أن أتعود على الجو الذي سأبقى فيه إلى الأبد»». جراح الحب الأليم ظلت تنزف في قلب كامل الشناوي الذي ظل مخلصا لجرحه رغم العذاب الذي كان يشعر به، حتى قيل إنه مات مكتئبا، وذلك في 30 نوفمبر 1965.». حبيبها تاليف كامل الشناوي الحان مجمد الموجي غناء عبدالحليم حافظ. حبيبها.. لست وحدك.. حبيبها.. حبيبها ... أنا حبيبها أنا قبلك ... وربما جئت بعدك ... وربما كنت مثلك.. حبيبها.. حبيبها.. حبيبها.. فلم تزل تلقاني.. وتستبيح خداعي بلهفة في اللقاءِ.. برجفة في الوداعِ.. بدمعة ليس فيها.. كالدمع إلا البريق برعشة.. هي نبض.. نبض بغير عروق حبيبها وروت لي .. ما.. كان منك ومنهم فهم كثيرٌ ... فهم كثير ولكن.. لا شيء نعرف عنهم وعانقتني.. وألقت برأسها فوق كتفي تباعدت وتدانت.. كأصبعين بكفي ... ويحفر الحب قلبي ... يحفر الحب قلبي. بالنار.. بالسكين وهاتفُ يهتف بي .. حذاري يا مسكين وسرت وحدي شريدا.. محطم الخطواتِ تهزني انفاسي.. تخيفني لفتاتي كهارب ليس يدري .. من اين او اين.. يمضي شكٌ.. ضبابٌ.. حطام.. بعضي يمزق بعضي سألت عقلي فأصغى وقال لا لا .. لن تراها.. لن تراها وقال قلبي اراها.. ولن أحب سواها لن أحب سواها.. لن أحب سواها ما أنت يا قلب قل لي .. أأنت لعنة حبي.. أم أنت نقمة ربي.. الى متى.. الى متى.. الى متى انت قلبي إلى متى!!!