«رقصة الريح» هو عنوان الفيلم التونسي الثالث الذي يعرض لاول مرة للجمهور في اطار مهرجان أيام قرطاج السينمائية. وعرض الفيلم عشية أمس الاول في قاعة الفن السابع، بحضور جمهور غفير جدا ظل أغلبه إما واقفا او جالسا على الارض بين الصفوف. وشارك الفيلم في قسم البانوراما شأنه شأن فيلم «الأمير» للمخرج محمد الزرن. رحلة شاقة ويحمل الفيلم امضاء المخرج الطيب الوحيشي الذي تجاوز في هذه المرة دعم وزارة الثقافة والشباب والترفيه، وأقدم على انجاز العمل بمفرده مستعينا في ذلك بعدد من المؤسسات الاجنبية مثل TV5... و»رقصة الريح» هو رابع فيلم روائي طويل للمخرج الطيب الوحيشي أخرج قبله الشريط المعروف «ظل الارض» ثم «مجنون ليلى» و»عرس القمر»، واستغرق انجاز الفيلم «رقصة الريح» أكثر من أربع سنوات، قال المخرج أنها كانت شاقة جدا... وأشار قبل العرض الى أنه عانى كثيرا خلال عملية البحث عن مصادر التمويل، وأوضح أن هذا الفيلم يختلف تماما عن باقي أفلامه السابقة... وبين ان فيه تصورا جديدا للسينما ورؤية مختلفة من حيث الحكاية والمعالجة الفنية. الزازية وبالفعل خرج الطيب الوحيشي في «رقصة الريح» من أسلوب الحكاية التقليدية الواقعية، مركزا بدرجة أولى على الصورة والمخيال الشعبي... اذ يبدأ الفيلم بحدث بسيط وواقعي يتمثل في رحلة مخرج سينمائي الى الجنوب التونسي لمعاينة الاماكن التي سيصور فيها فيلمه... ولكن ما ان يصل الى الصحراء، حتى يتغير مسار الحكاية فتصبح حكاية اخرى بطلتها من نسج المخيال الشعبي للمخرج. وفي الصحراء يختفي أبطال الفيلم او السيناريو الذي جاء المخرج من أجله ليعوضه أبطال آخرون وهميون...فبمجرد ظهورطيف «الزازية» ثم تعطب سيارة المخرج، يتغير كل شيء، ويأخذ الفيلم منحى مغايرا أبطاله من نسج الخيال ومن حالة اللاوعي التي يدخل فيها المخرج نتيجة الجوع والعطش... قيس وليلى... وبقدر ما يبدو الفيلم مختلفا عن تجارب المخرج السابقة وخصوصا على مستوى التصور او الرؤية الا أن فيه اشارات كثيرة يذكر «بمجنون ليلى» الفيلم قبل الأخير للمخرج... ومن الاشارات الواضحة: الصحراء والشخصيات المأخوذة من المخيال الشعبي... فقيس وليلى هما «يوسف» المخرج و»الزازية» يلتقيان حينا في الواقع وآخر في الخيال أو في حالة اللاوعي التي يدخل فيها المخرج... منعرج وعموما يشكل «رقصة الريح» منعرجا في مسيرة الطيب الوحيشي السينمائية ولكن يبدو أن المنعرج لم يستكمل نموه بعد في انتظار ما قد تأتي به الأيام لاحقا... والواضح أن الوحيشي تجاوز في هذه المرة انتظارات الجمهور العادي مركزا بدرجة أولى على جمالية السينما والصورة، فالفيلم كما يبدو موجه لجمهور النخبة والمهرجانات...