حلّ مساء أمس الأول المخرج السينمائي الطيب الوحيشي بأيام قرطاج السينمائية، حيث كانت له لقاءات مع عديد السينمائيين... لقاءات مؤثرة غلب عليها طابع الشوق والتأكد من الحالة الصحية لهذا المخرج الفذ. كان الطيب الوحيشي الجالس على كرسي متحرك محاطا بالأصدقاء وضيوف الدورة في مشهد مؤثر بدا فيه هذا المخرج سعيدا ممتنا بهذه الحفاوة التي من شأنها ان ترفع من معنوياته وتدفع به الى النظر للمستقبل بكل تفاؤل وأمل، وقد اشتغلت آلات التصوير لتسجيل هذه اللحظات.
الطيب الوحيشي الذي قال تعليقا على الحادث الأليم الذي أقعده عن الحركة: «لقد تعلمت الصبر... والثقة بالنفس... والتأقلم مع الظروف» ورغم الشحوب الذي ظهر عليه فإنه كان متماسكا.. مبتسما.. مصرّا على المواصلة في مشروعه السينمائي الذي أسس له منذ ما يزيد على الثلاثين سنة... أفلامه تكتب سحر وصمت وسر الصحراء... ليس حبّا للصحراء بدرجة أولى، لكن حبّا وشغفا بهذا الفضاء الشاسع للسينما.. فكان «ظل الارض» و« مجنون ليلى».. وقبل ذلك «قريتي بين القرى» الحائز على التانيت الذهبي للأفلام القصيرة في دورة 1972 لأيام قرطاج السينمائية.
وفي سينما الطيب الوحيشي رفض للسائد.. فهو يجنح الى الحلم دون تجاوز للواقع.. ولا غرابة أن أفلامه التي أنجزها حتى الآن أخضعها كلها الى لحظات تفكير فيها من الجرأة الكثير... الطيب الوحيشي يرفض في أفلامه الاعتداء على حريته كمبدع.. بل هو يطالب ويفرض على المتلقي التعبير عما بداخله بالطريقة التي يريدها ويبغيها... من هذا المنطلق فإن للطيب الوحيشي مفرداته السينمائية الخاصة به.. رؤية فنية خاصة به هي موقفه ورؤيته للأشياء.. رؤية تجمع بين الشاعرية والتحدّي الى حد الصراخ بصوت عال.
تكريم خاص
اختارت كما هو معلوم الدورة الرابعة والعشرون لأيام قرطاج السينمائية الاحتفاء بهذا المخرج وتكريمه من خلال التوقف عند البعض من أعماله السينمائية التي تبرز هذا التفرّد والخصوصية في التعاطي مع الشأن السينمائي ظل الارض (1982) قابس الواحة والمصنع (1983) غوريا، جزيرة الجد (1987) أهل الشرارة (2012) وهذا الأخير هو أحدث انتاجات هذا المخرج والذي استوحى مضمونه من ثورة 14 جانفي.