كرّمت أيام قرطاج السينمائية في دورتها الرابعة والعشرين المخرج السينمائي التونسي الطيب الوحيشي في حضور فنانين وسينمائيين وإعلاميين من تونس ومن ضيوف أيام قرطاج السينمائية ممن واكبوا مسيرته وآمنوا بفكره وأسلوبه في التعامل مع الكاميرا وسرد الواقع المزين بالحلم وذلك مساء الاثنين في المسرح البلدي بالعاصمة. التكريم لم يكن بالورود والهدايا الرمزية والوقوف على الأطلال وسرد الذكريات ولا بالوقوف على ركح المسرح البلدي بالعاصمة كما جرت العادة لكنه كان ببرمجة باقة متنوعة من أعماله كفلم "ظل الأرض" و"قابس الواحة والمصنع" و"غوريا جزيرة الجد" و"أهل الشرارة " وهي الأفلام التي تلخص تقريبا أسلوبه المتفرد في الجمع بين السيرة الذاتية والسيرة الإبداعية. والطيب الوحيشي مخرج رفض التعامل مع السائد وفضل التجريب والإيغال فيه على طريقته وحسبما يتوافق مع قناعاته لا حسب القوالب الجاهزة التي طرحها غيره على الطريق واختار ان يجمع بين الشاعرية وقوة التحدي والرفض ويراوح او يجاوز بين الحلم والواقع في رؤيته الإخراجية لأفلامه الروائية فخلق لنفسه أسلوبا خاصا به ومتميزا تتسم به كل أعماله ويحاول من خلاله إقناع الآخر برؤيته الإبداعية خاصة وانه من كتاب السيناريو صاغ اغلب أفلامه ان لم نقل كلها تقريبا وبذلك استطاع ان يدفع بالمتلقي لأعماله إلى التعبير عن أحاسيسه وآرائه بالطريقة التي يقتنع بها ويراها صالحة. علاقة وطيدة مع الجوائز تحصل الوحيشي على شهادة الدكتوراه في الأدب وعلم الاجتماع لكنه اكتشف انه مسكون بهاجس تخليد اللحظة سينمائيا فدرس السينما في باريس وبدا بإخراج الأفلام القصيرة بمعدل فلم كل سنة منذ 1970 ومن بينها نذكر أشرطة"أقنعة" و"غرفة الفنان" و"صرخة الحجر" والمتاهات" و"قريتي بين القرى" الذي تحصل على التانيت الذهبي في أيام قرطاج السينمائية سنة 1972 و"زيارة لجد المرابطين" و" الخماس" و"زمن التعليم" وقرطاج سنة 12. ومن أفلامه الروائية الطويلة نذكر كذلك"ظل الأرض"(1982) الذي اختير وتوج في أسبوع النقد بمهرجان" كان "وعدة مهرجانات أخرى ووصل عدد الجوائز التي نالها 15 جائزة. والحقيقة ان علاقة الطيب الوحيشي وطيدة مع الجوائز العالمية والوطنية والعربية حيث فازت أفلامه "قوريا جزيرة الجد "(1987) بالجائزة الخاصة للجنة التحكيم في مهرجان السينما بالجزائر و"مجنون ليلى"( 1989 ) الذي اختير ضمن المسابقة الرسمية في موسترا فينيس وتوج في مهرجانات السينما بميلامو وواغادوغو وتوجت أعماله "عرس القمر"و" رقصة الريح" في مهرجانات باري مونديال وجوهنزبورغ و"قابس الواحدة والمصنع5" (1983) و"غوريا جزيرة الجد"(1987) و" أهل الشرارة"(2011) وقد استوحى مضمونه من ثورة 14 جانفي. وفاء لصحراء تونس وإفريقيا ولئن كانت مسيرة الطيب الوحيشي حافلة بالإنتاج والجوائز والألقاب فان أحب الألقاب وأكثرها تطابقا مع شخصيته كان لقب" أكثر المخرجين انتماء إلى إفريقيا" ومخرج الصحراء في أشارة إلى مسقط رأسه بالجنوب التونسي (مدينة مارث) وأسلوبه الخاص جدا في تصويرها وإبراز مكامن الجمال فيها. لم يتخل الوحيشي عن حبه للسينما حتى في أصعب فترات حياته وحتى بعد الامتحان العسير الذي ابتلاه به الله فتعلم منه الصبر والثقة في نفسه هذا الامتحان العسير عاشه بعد تعرضه لحادث مرور كاد يودي بحياته سنة 2006 واصل العمل خلف الكاميرا وهو حاليا بصدد إتمام اللمسات الأخيرة على فيلمه الروائي الطويل"أبناء الشمس".