قياسا باضطلاع رئيس الجمهورية بضبط السياسة الخارجية، ونظرا لحاجة تونس الى التفاعل الايجابي في محيطها الحيوي المغاربي كان من المفترض حضور ملف المغرب العربي بقوة في الحملات الانتخابية، غير أن ذلك لم يحصل سوى بشكل عرضي، فما اهمية هذا الملف وماهي اسباب غيابه؟ تونس الشروق: وباستقراء مختلف انشطة الحملات الانتخابية وما رافقها من تصريحات ووعود وبيانات انتخابية وبرامج وتصورات، يتبين أن 13 مترشحا للانتخابات الرئاسية تقريبا تناولوا الملف المغاربي بشكل عرضي سواء بعبارات عامة أو تصريحات معوّمة غابت عنها التفاصيل. حضور عرضي للملف المغاربي ومن خلال التصريحات المنشورة على الاقل، اعتبر فريق حملة نبيل القروي ان اعادة الروح لاتحاد المغرب العربي من اولياته، وتحدثت عبير موسي عن تكثيف الحضور الديبلوماسي مع ليبيا وتوطيد العلاقة مع الجزائر كخيارات ثابتة في دعم وحدة المغرب العربي، واعتبر حمادي الجبالي ان انجاح خيارات تونس تقتضي الاعتماد على محيطها المغاربي، وقرن منصف المرزوقي تحقيق الاستقرار الاقتصادي باستغلال انتماءات تونس وفي مقدمتها الانتماء المغاربي كما قال عبد الفتاح مورو ان من اولياته تفعيل المغرب العربي الموحد اقتصاديا وتعهد سعيد العايدي بتطوير العلاقة بين الدول العربية وأشار محسن مرزوق الى ضرورة توحيد المغرب العربي وخلق قوة اقليمية بالمنطقة واعتبر الهاشمي الحامدي ان التبادل التجاري الحر بين تونس وليبيا والجزائر يمكن أن يكون قاطرة لتفعيل المغرب العربي الكبير. كما تعهد يوسف الشاهد بإحياء مشروع اتحاد المغرب العربي، وإنشاء منطقة للتبادل الحر مع الجارة الجزائر، وشدد الياس الفخفاخ على تفعيل الوحدة الاقتصادية بين بلدان المغرب العربي، وقالت سلمى اللومي ان أولى زياراتها –في حال الفوز- ستكون إلى الجزائر ثم المغرب وذلك للأهمية التي يكتسيها المغرب العربي الكبير بالنسبة إلى تونس، ولفت الصافي سعيد الى ان برنامجه الاصلاحي يتضمن تعزيز الديبلوماسية الاقتصادية مع بلدان المغرب العربي فيما رأى سيف الدين مخلوف ان تونس قادرة على ان تكون قاطرة التغيير في المغرب العربي. وذلك بغض النظر عن مضمون المناظرة التلفزية التي تضمنت بعض الاسئلة في هذا السياق. ومن اللافت أن الملف المغاربي وعلى الرغم من كونه في صميم صلاحيات رئيس الجمهورية لم يحظ باهتمام لافت من قبل المترشحين للاستحقاق الرئاسي، ويفسر ذلك الديبلوماسي السابق جلال الاخضر في تصريحه ل››الشروق›› بأن تناول مسألة السياسة الخارجية لا يثير اهتمام الرأي العام قياسا بطبيعة الظرف الانتقالي المشوب انتظارات اقتصادية واجتماعية. أهمية الملف المغاربي وشدد جلال الاخضر على ان العمق الاستراتيجي والحيوي حاضرا ومستقبلا لتونس يكمن في فضاءها المغاربي لافتا الى أن هذا الفضاء الحيوي مهم جدا لتونس ومن غير المعقول فيه ترك المجال للقوى الخارجية البعيدة للعب أدوار مختلفة. وشدد المتحدث على نجاعة فكرة بعث اقطاب للتبادل الحر بين تونس ودول الجوار المغاربية في سياق الاستجابة للمطالب التنموية الملحة وتنمية المناطق الحدودية والداخلية وتحقيق التمييز الايجابي للجهات، لافتا الى أن عدم الاهتمام بهذا الملف يمثل فرصة مهدورة للديبلوماسية التونسية. كما نوه الديبلوماسي السابق أحمد ونيس في تصريح ل››الشروق›› الى أن تفعيل المغرب العربي الكبير والموحد ضرورة حياتية طال الزمن او قصر لعدة اعتبارات من بينها تحويل فوائض الانتاج في هذه البلدان الى سوق مغاربية قابلة للاستهلاك، ومواكبة التطورات السريعة للاقتصاد والقائمة على قوة التكتلات الاقليمية، فضلا على محاربة الصورة النمطية التي تعلقت بالعالم الاسلامي من عنف من خلال البناء المشترك للأجهزة العلمية ومراكز البحوث. فلماذا اذن لم تحضر بشكل لافت تصورات السياسة المغاربية في اجندات المترشحين وبرامجهم بشكل دقيق ؟ صعوبات ومطبات وعلاوة على أن الحسابات الانتخابية المركزة على استمالة عواطف الناخبين لا تروم الاهتمام بشكل معمق للقضايا الاستراتيجية ولتصورات السياسة الخارجية وللتركيز على الفضاء المغاربي،فان دوافع اخرى تستبعد تناول هذا الملف على الرغم من اولويته القصوى. وفي هذا السياق يرى الديبلوماسي السابق أحمد ونيس أن واقع المغرب العربي مجمد منذ امد بعيد، وان لكل دولة عضو فيه اهتمامات ذاتية تكاد تكون حياتية ومتباينة من دولة اخرى، فقياسا بالغموض الذي يلف بالتجربة الانتقالية في الجزائر والحرب الاهلية المستعرة في ليبيا والانتقال السياسي الصعب في المغرب والمصاعب التي تعيشها موريتانا ومرور تونس بالتجربة الانتقالية تبرز صعوبة تصور أي من هذه الدول ستؤمن للمغرب العربي المساعدة الدفاعية و تمنع عنه التدخلات الخارجية. كما يرى أحمد ونيس الى ان قضية المغرب العربي على اهميتها البالغة من المجدي استبعادها من المحيط الانتخابي واحالتها الى اصحاب الخبرة للتعامل معها بترو مع الادراك بأنه لا مستقبل لشعوب هذه البلدان دون البناء القوي المشترك. وخلص الديبلوماسي السابق جلال الاخضر الى ان الفضاء المغاربي معطل لاسباب معلومة من بينها النزاع حول الصحراء الغربية بين الجزائر والمغرب وان كل الرؤساء والقادة المغاربيين لم ينجحوا في ترجمة حلم توحيد المغرب العربي الى واقع ملموس منذ تاسيسه،مستدركا بالقول أن تونس يمكنها تقديم خطوات مهمة في الملف المغاربي عبر المحافظة على موقف الحياد من قضية الصحراء الغربية وملائمة موقفها مع الموقف الاممي، والانتقال من الحياد السلبي الى الحياد الايجابي في الملف الليبي عبر احتضان حوارات وتبني مبادرات توافقية والاستفادة من فرص الاستثمار والتعاون البناء على الرغم من وجود منافسة في ذلك. في المحصلة قد تجد مسألة غياب الملف المغاربي من اهتمامات المترشحين للانتخابات الرئاسية تفسيرات تتعلق بطبيعة عمليات الاستقطاب التي تروم مخاطبة وجدان الناخب لا عقله سيما وان التجربة الانتقالية لم تؤسس بعد لبناء سياسي متين، غير أن ذلك لا يقلل أهمية الاشتغال على فرص التعاون المهدورة راهنا بين تونس واشقائها في البلدان المغاربية. فريد العليبي (محلل سياسي): القضية المغاربية ليست في اهتمامات المترشحين يركز المترشحون على مخاطبة عواطف الناخبين ومشاعرهم وهم يعلمون اليوم أن القضية المغاربية لا تلقى هوى عند عموم الناس فالمنطقة مفككة والحروب والنزاعات والخلافات تعصف بها بل ان انكار عروبتها أصبح رائجا وهناك دعوات انفصالية حتى داخل البلد الواحد لذلك تلاشى حلم المغرب العربي الموحد أو يكاد ومن هنا تركيز المترشحين على العلاقة مع اوربا وامريكا بصورة خاصة ووعد الناخبين بعلاقات متميزة معهما لحل المشكلات الاقتصادية وتسهيل السفر والعمل. المغرب العربي فضاء حيوي يمثل فضاء المغرب العربي الذي تأسس سنة 1989 فضاء حيويا مهما للدول الخمس الأعضاء فيه وذلك نظرا لتوفر جملة من المقومات المشتركة على غرار الانتماء الحضاري العربي الاسلامي المشترك والمميزات الطبيعية المتجانسة والثروات الطبيعية المتعددة التي يحويها مجاله الجغرافي والتي من شأنها ان تلعب دورا في التنمية الاقتصادية فضلا عن مقومات ثقافية مهمة منها وحدة اللغة والارث الحضاري المشترك على الرغم من تعدد الروافد.