تونس «الشروق»: على امتداد عشريّات خلت وإلى حدُود سبعينات القرن الماضي تقريبا كانت الأعراس التي تُقام خصُوصا في جهات الجنوب التونسي بغربه وشرقه ووسطه تتميّز بكثير من طقُوس العادات والتقاليد التي تُصاحبُ يوم العرس و»المِرْوَاحِ» الذي يقترنُ بلمّة العرّاسة «والجحفة» الفارحة وبرغم التحوّلات الاجتماعية و»عصْرنة» أفراح الأعراس بمختلف مراحلها فإنّ التقاليد القديمة مازالت تُطلّ برؤوسها ببعض الجهات في عودة الأحفاد لمآثر المخزون التُراثي للأجداد واختيار لوحات زاهية من العادات وإدماجها في الأعراس العصريّة لخلق فرحة وفُرجة متنوّعة المقاصد تلبية لرغبات مختلف الأجيال العمريّة. حاشية العريس أعراس الجنوب تتّسمُ بعادة «إنزواء» العريس في مكان بعيد عن الأب والأعمام وكبار القوم من الأهل خلال مدّة العرس «حِشْمَةً» ورفْعا لمنزلتهم ويُصاحبه في هذه الخُلوة أصدقائه المقرّبُون من جيله الذين يختارُ منهم «حاشيته» المتكوّنة من السّلطان – الوزير – الجلاّد والحجّاب وكلّ له مُهمته فالسلطان يُصدر أحكام الجلد على كلّ مُنهَزِم في الألعاب المُقامة والوزير يُلتجئُ إليه لاستئناف «العقوبة» والجلاّد يُنفّذُ الأحكام وتدُور هذه الطقُوس في أجواء تُخيمُ عليها الفذلكة و»القوالب» الحينيّة أمّا الحجّاب فيقُوم بالإشراف على خدمة العريس في «هربته» ومسيرة عودته و»دُخلته» على عرُوسه موكب الفرحة والدّخلة يقترنُ يوم نقل العروس من بيت والديها إلى منزل زوجها بإبرازها في أحلى صُورة جمالية باستعمال مواد تجميل طبيعية إضافة إلى ارتدائها لأحلى لباس تقليدي الذي تزينهُ الحلي الذهبية وكانت تنقلُ العروس في موكب فرحة «الجحفة» أو الهودج الذي يتكوّن من «فُورمة» لقفص قصبي أو خشبي مُتشابك سهل التثبيت و»الكبس» على ظهر الجمل ويتسع لركوب العروس وأريحيّة حركتها إلى جانب تأمين سلامتها ويُزيّنُ ظهر بغطاء المرقوم أو الكليم وبأحزمة ملوّنة برقبته ورأسه ومفاصل رُكبه وتُوضعُ العروس وهي مُغطاة بداخل الهودج من قبل شقيقها أو خالها أو من ذي القُربَى الرّاشد وعلى امتداد الطريق إلى منزل الزوج تُدقُّ طبول الفرحِ وتعلُو أنغام المزامير والتصفيق والزغاريد و»بَارُودَ» الفُرسان وكثيرا ما «تسترقُ» العروس نظر «الحشمة من ثنايا ألحفة الهودج على مكوّنات محفلها السّائر أمامها وخلفها وفي بعض الجهات تكتفي بالتلويح بالتحية بيدها اليمنى لعابري محفلها وبرشّ الماء ونثر الحبوب على مدخل «حُوش» زوجها وغيرها كثير من العادات ومع حلول المغرب يحلّ العريس برفقة جمع عرّاسته الذين تعلُو أصواتهم مردّدين الأناشيد الدينية والصلوات على النبي الكريم التي تمتزجُ بزغاريد النسوة وأجواء الفرح.