أيها الملأ الذي لم يملأ فراغ البلد. أسألكم ماذا تساوي «البراكاجات» التي أرعبت عقول ونفوس وقلوب الجميع. ماذا تساوي مهما تكاثرت واستفحلت. ماذا تساوي على خطورتها وفظاعاتها وهمجيتها وشناعتها ووحشيتها وكثرة ضحاياها. ماذا تساوي مهما أرعبت وفكّت وانتشلت ودغرت وجرحت وشوّهت وقتلت. ماذا تساوي أمام ذاك «البراكاج» الشامل الذي شنه صعاليك الحقوق وعصابة الحريات على تلك الأم الفاضلة الحنون ساعة تمّ تحويلها غصبا إلى محمية وحوش الديمقراطية الناشئة بين أحضان التمرّد والانفلات والنهم المقيت حيث تم اغتصابها بالتداول السلمي والتوافق ولم يقبض عليهم أمن وماطالهم قضاء ولا حساب ولا عقاب وهم جرّدوها من فستانها القدسي وتركوها للعراء ونكّلوا بضلوعها ومفاصلها ضلعا ضلعا ومفصلا مفصلا بعدما انتشلوا منها جرابها بما حمل من مال ومتاع بما في ذلك أوراق الهوية. وقطعوا عقدها الذهبي حبّة حبّة. وأسقطوا تاجها في الوحل المقدس ودغروها في الظهر والرحم نكالة في ما حملت من مجد وما أنجبت من أمجاد، و«شلّطوا» وجهها الصبوح بشقوف زجاجات الحبر الانتخابي المهمّشة على جدران قصور قرطاج والقصبة وباردو وتركوها طريحة أرضا تستجدي الدواء والغذاء من زوّار مقابر الكومن والث وتجار السلاح والمرتزقة والرق حتى إذا نهضت عرضوها في سوق النخاسة للبيع على عتبات السفارات. جارية عند أمراء البعير العرب. أو شغالة في حقول عباد الشمس والبطاطة عند الأتراك أو مرضعة للكلاب عند العجم. عن الماجدة أم الجميع. عن تونس أتحدث.