تونس -الشروق : تلقي رشاوى ، تصويت على المقاس ، وساطة ومحاباة .. شبهات طالت عددا كبيرا من نواب البرلمان ،شبهات بقيت حبيسة الخطاب ولن ترتقي الى مرحلة الحكم القاضي ، وهذا ما عمّق السّخط الشعبي على المؤسسة التشريعية ودفع إلى فقدان ثقة الراي العام في الطبقة السياسية من أخطر الملفات التي أثثت مسار مجلس نواب الشعب على امتداد خمس سنوات ،ما تم ترويجه داخل اسوار البرلمان وفي اروقته وحتى في أروقة المحاكم وفي النقاشات الشعبية ، من فساد عدد من النواب وعلاقتهم بمنظومة الفساد ،حتى ان جزءا من الرأي العام التونسي أصبح يعتبر أن بعض نواب البرلمان ،أصبحوا أذرعا تشريعية للفاسدين . منطلقات هذه الاتهامات تعود أساسا إلى تواتر طلبات رفع الحصانة التي تجاوزت العشرين طلبا ،عدد منها يتعلق بنفس النائب والباقي ينسحب على أكثر من عشرة نواب ، منها مطالب تأتي في سياق قضايا حق عام والأخرى تتعلق بقضايا فساد . ملفات رفع الحصانة التي تكدست في لجنة النظام الداخلي ورفع الحصانة ، لم تلق طريقها الى مصادقة النواب ،و بلغت في افضل الحالات مجرّد طرح للنقاش العام في جلسة مغلقة ،استقر الراي بعدها على ان الإجراءات التي تم اعتمادها خاطئة وطلب البرلمان من وزارة العدل الاتصال بشكل مباشر بالنواب المعنيين وان تمسكوا بالحصانة ،يتدخل البرلمان حينها ويصوت لصالح رفعها او الابقاء عليها . الإشارة الى وجود شبهات فساد صلب البرلمان ،لم يكن مجرد حديث شعبي بل كان ركنا هاما في الخطاب السياسي لعدد من النواب منهم نائبة التيار الديمقراطي سامية عبو التي طالبت النيابة العمومية بفتح بحث تحقيقي في تورط عدد من النواب في الفساد ، وهو ما حدث فعلا حيث اذنت النيابة العمومية بفتح تحقيق وتم الاستماع الى عبو لكن بقي هذا الملف في نفس نقطة البداية . قالت النائبة عن التيار الديمقراطي سامية عبّو أمس الخميس 19 ماي في برنامج بوليتكا على اذاعة جوهرة أف أم ان ثروات تونس من الرخام تنهب في الكاف من قبل مافيات فساد دون ترخيص من الحكومة. عدد من نواب المعارضة تحدثوا عن وجود شبهات فساد في عديد الملفات منها تسوية الوضعية القانونية لعدد من مستغلي المقاطع الرخامية ،إضافة الى رخص التنقيب عن النفط .. وهي ملفات شغلت الراي العام التونسي في وقت قصير ثم تم نسيانها دون اثبات أي تهمة . الحصانة ينص النظام الداخلي للبرلمان على ان كل نائب يتمتع بالحصانة، وبامكانه ان لا يتمسك بها ، كما نص على ان يتمّ النظر في رفع الحصانة على أساس الطلب المقدم من السلطة القضائية مرفقا بملف القضية إلى رئيس مجلس نواب الشعب.ويتولّى رئيس المجلس إعلام العضو المعني وإحالة الطلب المبيّن أعلاه ومرفقاته إلى لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية التي تتولّى دراسته والاستماع إلى العضو المعني الذي يمكنه إنابة أحد زملائه من الأعضاء لإبلاغ رأيه أمام اللّجنة. وتتولّى لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية النّظر في ما يعرض عليها من ملفّات وإعداد تقارير في شأنها في أجل أقصاه خمسة عشر يوما من تاريخ الإحالة. رفع الحصانة كما ينص النظام الداخلي في فصله 32 على ان «ينظر المجلس في هذه الطّلبات على ضوء التقرير الذي تعدّه اللجنة والذي يوزّع على كافّة الأعضاء قبل انعقاد الجلسة العامّة.يتمّ الاستماع إلى تقرير لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية، ثمّ إلى العضو المعني إذا رغب في ذلك أو لمن ينيبه من زملائه الأعضاء.ثمّ يتّخذ المجلس قراره في خصوص طلب رفع الحصانة أو إنهاء الإيقاف بأغلبية الحاضرين من أعضائه.ويتولى رئيس المجلس إعلام من يهمهم الأمر بقرار المجلس.وتكون الجلسات المتعلقة بالحصانة سرية.» البرلمان يتستر على النواب الفاسدين اثار عدم رفع الحصانة عن النواب الذين طالبت وزارة العدل رفع الحصانة عنهم في قضايا تتعلق بشبهات فساد ،استنكار الراي العام التونسي وعدد من السياسيين ومكونات المجتمع المدني ،وبلغ الامر حد رفع منظمة انا يقظ قضية عدلية ضد رئيس البرلمان محمد الناصر طالبة منه تمكينها من قائمة النواب المعنيين برفع الحصانة. وبعد ان رفض البرلمان نشر القائمة ،بتعلة انها تدخل في سياق المعطيات الشخصية ، قضت هيئة النفاذ إلى المعلومة بإلزام رئيس البرلمان محمد الناصر بتمكين المنظمة من القائمة الإسمية للنواب. ولم يستجب البرلمان الى هذا القرار وقام باستئنافه ،وهو ما جعل منظمة انا يقظ تعتبر ان قرار الاستئناف ، إمعان في عدم الكشف عن قائمة النواب الواردة في شأنهم مطالب رفع الحصانة جراء وجودهم كأطراف نزاع في قضايا متعلقة بشبهات فساد. وزير العدل يوضح حقيقة مطالب رفع الحصانة أفاد وزير العدل كريم الجموسي، خلال جلسة استماع أمام لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية في مجلس نواب الشعب الخميس أنّ القضاء تلقى 25 مطلبًا لرفع الحصانة. وأضاف الجموسي أنّ 7 ملفات لرفع حصانة تهم نائبًا واحدًا ، فيما تتعلق بقية الطلبات ب10 نواب. تونس أصبحت «دولة مافيا» دعا مؤخرا شوقي الطبيب، رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في تونس، الحكومة إلى ما اسماه «قلع أضراس بارونات الفساد» محذرا من خطر تحول تونس إلى «دولة مافيات» إن لم يتم التصدي لهؤلاء. وأفاد أن «بارونات الفساد اخترقوا بأموالهم وزارة الداخلية ووزارة المالية والديوانة والقضاء ووسائل الإعلام ومجلس النواب والأحزاب السياسية ..للاحتماء بها» والإفلات من المحاسبة القضائية. شفيق الجراية يخترق البرلمان مثل عدد من النواب أمام قاضي التحقيق في القطب القضائي والمالي بتهم الثراء غير القانوني وعلاقاتهم "المشبوهة" برجل الأعمال شفيق الجراية ..وحسب ما تم تسريبه من محاضر بحث في هذا الملف وغيره من الملفات المتعلقة بالنواب ، فان عددا من النواب تورطوا في إقامة علاقات مشبوهة مع رجال أعمال. وحسب محاضر تم نشر بعض تفاصيلها فان عددا من النواب اتهموا بربط علاقات مع اباطرة تهريب البنزين ، وتمت مساعدتهم على التهرب من عدد من القضايا ، إضافة الى تغيير الانتماءات الحزبية والانتقال من كتلة الى أخرى بعد تلقي رشاوى ومبالغ مالية ضخمة .