دخل القضاة التونسيون في إضراب عام حضوري بداية من يوم أمس الجمعة ليتواصل طيلة الأسبوع ، مطالبين بفتح تحقيق، في كل الأحداث التي جدت أمس الأول الخميس مع هيئة الدفاع عن الشهيدين بلعيد والبراهمي ومحاسبة كل من يثبت تورّطه. تونس الشروق : بدت أمس الحركة غير عادية بمقر المحكمة الابتدائية بتونس حيث شهدت منذ الصباح توافد عدد كبير من القضاة من محاكم أخرى التحقوا لمساندة زميلهم وكيل الجمهورية وللتعبير عن استنكارهم لما آل إليه وضع القضاء عموما. بصوت واحد قال القضاة «لا للمس من هيبة القضاء ولا لترويع القضاة ونعم لتطبيق القانون» في المقابل تمسّك عموم المحامين بحقهم في التشهير بوكيل الجمهورية بعد استنفاذ كل الطرق القانونية في تقديم طلباتهم. فتح تحقيق جدي اعتبرت عائشة بن بلحسن نائبة رئيس جمعية القضاة في لقاء مع « الشروق» ان ما وقع أمس الاول بقصر العدالة سابقة خطيرة لم تشهدها محاكم تونس من قبل، بعد «اقتحام» مكتب وكيل الجمهورية و«احتلاله» ورفض مغادرته و«التهجّم» عليه بأبشع عبارات النعوت والالفاظ النابية»، وفق قولها. وقالت ان جمعية القضاة دعت عموم القضاة الى الدخول في اضراب عام حضوري في انتظار ان يفتح الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بتونس بحثا تحقيقيا سريعا وجديا في الاحداث الخطيرة بالمحكمة. وأكّدت الرئيسة عائشة بن بلحسن تعرض وكيل الجمهورية الى التهجم و العبث بمكتبه مما اجبره على مغادرة مكتبه ملاحظة انه تم توثيق ذلك وتعهدت الشرطة الفنية بالامر. واستنكرت ما اقدم على فعله المحامون مشيرة الى الحادثة تهدد الامن القومي باعتبار وزن وكالة الجمهورية بتونس وحجم الملفات المتعهدة بها. وشددت بن بلحسن على رفض الجمعية تقويض مقر سيادة كمحكمة تونس الابتدائية واعتبرت ان المس منها فيه مس من الدولة. وأضافت في جانب آخر ان هناك مساع توفيقية تمت لتطويق الخلاف لكن للأسف لم تفض الى حل توفيقي بين الجهتين . واستنكرت نائبة رئيس جمعية القضاة تصرف المحامين وقالت انها غير مبررة مهما كانت الاسباب . وردا عن الاتهامات الموجهة لجمعية القضاة بالتستر عن وكيل الجمهورية قالت القاضية بن بلحسن ان محاولة توريط الجمعية بهذه الطريقة امر يستحق تقديم الدليل و طلبت على ضوء ذلك من هيئة الدفاع عن الشهيدين نشر ما لديها من وثائق تدين الجمعية او رئيسها للعموم . تكذيب .. نفي وجه محامو الشهيدين الاتهامات بالتستر على «خروقات» وكيل الجمهورية تحديدا لكل من رئيس جمعية القضاة انس الحمادي وعضو المكتب التنفيذي توفيق السويدي وردا عن تلك الاتهامات قال القاضي السويدي في تصريح خاص ل«الشروق» ان ما صدر عن المحامين أمر مدان وهو ضرب لمفهوم الدولة وضرب لمرفق العدالة ولثقة الناس في القضاء. وبخصوص اتهامه بالتستر عن التهديدات التي تعرض لها قاضي التحقيق 12 قال ان الاتهام فارغ ضرورة ان من هدد وجب عليه ان يخرج للرأي العام ويذكر انه تم تهديده ثم قال «لست وصيا على احد اذ متى صدق القول انه وقع تهديد الزميل فيتوجب عليه تحمل مسؤوليته بعدم الخضوع والارتهان لاي تهديد من أي جهة كانت بل عليه فضح ذلك» ونفى القاضي توفيق السويدي نفيا قاطعا هذا الاتهام مؤكدا عدم معرفته بتاتا زميله قاضي التحقيق 12 كما انه لا تربطه اي علاقة خاصة عدا الزمالة بوكيل الجمهورية بمحكمة تونس. وأضاف ان القول بانه يتستر عليه يفترض حتما عدة أشياء أولها ان يكون على علم بمحتويات الملف وهذا يتناقض مع مبدإ سرية التحقيق ثانيا ان يكون القاضي المذكور قد أسر له أو عهده بموضوع ولم يقم بأي ردة فعل او تستر عليه وهو ما لم يحصل بالمرة. و قال ان هناك مؤسسة المجلس الاعلى للقضاء وكان عليه ان يعلمها بالتهديد المسلط عليه. وفي سياق متصل أوضح القاضي توفيق السويدي انه اذا ما تستر على زميله وكيل الجمهورية يعني انه يملك من المنصب والنفوذ ما يجعله في موقع قوة وهو أمر «مضحك» باعتبار وان وكيل الجمهورية وكذلك قاضي التحقيق 12 هما رؤساه في العمل. وأشار الى وجود عضوين بهيئة الدفاع عن الشهيدين على معرفة جيدة بشخصيته كقاض مؤكدا التزامه بواجب الحياد والتحفظ ولا تعنيه الحسابات السياسية الضيقة. لن نحمي أي قاض يثبت تورّطه بغضب كبير تحدثت القاضية أميرة العمري كاتب عام نقابة القضاة ل«الشروق» مستنكرة الاحداث التي جدت بالمحكمة الابتدائية بتونس. وقالت ان الدخول في إضراب عام دون استثناء ليس للدفاع عن شخص وكيل الجمهورية بقدر ماهو دفاع عن صفة القاضي وعن السلطة القضائية وأضافت انه في حال انهار القضاء فان ذلك يعني انهيار الدولة. وأشارت الى وجود طرق قانونية للتعبير عن الاحتجاج وليس التهجم والتهكم و«الهمجية». وقالت القاضية اميرة العمري ان هناك احترام متبادل بين القضاة والمحامين ومن العيب ان تصل الامور الى هذا الحد لكن للأسف تم التطاول على القضاء بتعلة «المحاماة حرة» و«حصانة المحامي» وأكدت في جانب آخر ان القضاة لن يدافعوا عن اي قاض يثبت تورطه وتواطؤه في خرق القانون. واعتبرت أن ما صدر عن المحامين لا يمكن تبريره وغير مسموح به بالمرة ملاحظة ان القضاة ليسوا فوق القانون لكن هناك اجراءات قانونية يمكن اتخاذها ضدهم. وتمسّكت بضرورة محاسبة كل من يثبت تورّطه في الاعتداء على وكيل الجمهورية لوضع حد لما وصفته بالتطاول الممنهج على القضاء. وساندها في الرأي القاضي حسن قريرة عضو نقابة القضاة قائلا في تصريح ل«الشروق» ان عموم القضاة يطالبون بضرورة فتح بحث تحقيقي مع اصدار البطاقات القضائية اللازمة ضد كل محام يثبت تورطه مشيرا الى ان ما حصل أمس الاول بمكتب وكيل الجمهورية يعتبر «جريمة تلبسية» كما طالبوا المجلس الاعلى للقضاء بسن القانون الاساسي للقضاة وتوفير الحماية اللازمة بكافة المحاكم. كما وجه القاضي قريرة لومه الى الاعلام وطالب الهايكا باتخاذ موقف صارم ضد المؤسسات الاعلامية التي تتعمد تشويه القضاء وتأليب الرأي العام ضد القضاة. الأستاذ كثير بوعلاق عضو هيئة الدفاع عن الشهيدين ل«الشروق» وكيل الجمهورية يأتمر بأوامر حركة النهضة «نحن ماضون في ما يخص «التحقيق الشعبي» حول الجهاز السري لحركة النهضة مهما كانت التعطيلات» هذا ما أكّده المحامي كثير بوعلاق عضو هيئة الدفاع عن الشهيدين بلعيد والبراهمي في تصريح ل«الشروق» امس مضيفا ان وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس متمسك برفضه القيام بواجبه واتخاذ القرار في ما يخص الشكايات المحالة عليه إما بالحفظ او الاحالة. وأكّد الاستاذ بوعلاق ان وكيل الجمهورية يأتمر بأوامر حركة النهضة لذا فهو يرفض استدعاء قياداتها المشتكى بهم مشيرا الى ان جزءا منهم من المنتظر ان يتحصل على الحصانة البرلمانية إثر الانتخابات التشريعية.