قليل من التونسيين حتى الذين هم في موقع المسؤولية والقرار يعرفون هذه الحقيقة، حقيقة ان أكثر من خمسين بالمائة من الأراضي الزراعية والفلاحية في تونس مهملة وغير منتجة. ملايين الهكتارات تتوزع على ولايات ومدن وقرى وأرياف الجمهورية صارت مهددة بالانجراف والتصحر وتحولت الى أراض بور لا منفعة ولا جدوى منها. يحدث هذا في الوقت الذي ثار فيه امننا الغذائي مهدد وفي الوقت الذي تنفق فيه الدولة الآف المليارات لتوريد المنتوجات الفلاحية. للأسف في تونس أصحاب القرار يرفضون وضع برامج وخطط لاستغلال هذه الأراضي الزراعية المهملة. في تونس نعيش معادلة صعبة، الدولة ترفض توزيع وإسناد هذه الأراضي الزراعية المهملة لمن يطلبها من التونسيين وترفض تمكين المستثمرين الأجانب من استغلالها وإقامة مشاريع زراعية عملاقة عليها. تونس اليوم بحاجة الى ثورة زراعية فانهيار القطاع الفلاحي يعني انهيار كل المجتمع. يمكن لتونس اليوم ان تتحوّل الى بلد زراعي عملاق اذا توفرت الإرادة السياسية وإذا توفرت نية الإنجاز والإصلاح. الفلاحة قادرة ان تتحوّل الى محرّك حقيقي للتنمية وقادرة على إنقاذ تونس من البطالة والفقر والتهميش. يمكن اليوم ان تتحول كل المدن التونسية الى اقطاب كبرى وعملاقة للصناعات التحويلية. للأسف الفلاح التونسي لايزال يعاني من التهميش والتفقير ولايزال القطاع مكبلا بالإجراءات الادارية الصعبة والمعقدة. هناك مناطق فلاحية وزراعية عريقة في تونس أصبحت اليوم تعاني من نزوح وهجرة سكانها نحو المدن الأخرى بحثا عن فرص عمل خارج القطاع الفلاحي المهمش وهذا يهدد بكارثة أخرى وازمة جديدة. نحتاج اليوم الى إعادة النظر في برامج ومناهج مدارس التكوين الفلاحي ونحتاج الى إعادة هيكلة جهاز الإرشاد. وبعث مراكز البحوث الفلاحية في كل المناطق حتى تكون قربية من الفلاح ليستفيد منها، ونحتاج الى خلق جيل جديد من الفلاحين بنظرة جديدة وبعقلية عمل أخرى. نخشى أن نخسر في السنوات القادمة كل الأراضي الزراعية لتصبح كلّها مهملة ولكن قبل ذلك لابد من اتخاذ قرارات عاجلة الآن بانقاذ القطاع ليكون القاطرة الحقيقية للتنمية وخلق الثروة. سفيان الأسود