خلصت نقاشات الاجتماع الاخير لشورى النهضة الى وضع خط أحمر لإمكانية التفاوض مع الحزب الثاني قلب تونس، بما يزيد من تعقيد الوضع في علاقة بتشكيل الحكومة، فهل يدفع ذلك الى فرضية إعادة الانتخابات، أم أن الالتقاء بين الحزبين ممكن رغم الاعتراضات؟ تونس-الشروق-: من ناحية عددية قد تكون حركة النهضة في طريق أيسر لتشكيل الحكومة لو قبلت بأن يكون الحزب الثاني قلب تونس في حسابات ائتلاف السلطة الجديد، غير أن تمسّك الحركة برفض التفاوض مع حزب نبيل القروي يعقد المسألة ويتركها مفتوحة على خيارات عدّة من بينها إعادة الانتخابات التشريعية بعد أشهر معدودات، فماهي آفاق الالتقاء بين الحزبين؟ رئيس الجمهورية يعلّي السقف على المستوى الشكلي، حظي الموقف الداعي لاستثناء التفاوض مع قلب تونس بنقاش مستفيض صلب اشغال الشورى، وبدا واضحا من خلال المدافعين عنه أن فكرة اقصاء حزب نبيل القروي تختزل في داخلها رسائل تلقتها الحركة من ناخبيها ،الذين دعوها الى ما يصفونه بعدم المهادنة مع الفساد سيما وأن النجاح الباهر لرئيس الجمهورية قيس سعيد كانت احد اهم مرتكزاته ما ترسخ في الاذهان حول نظافة يديه واعتزامه محاربة الفساد. وتفاعلا مع هذه الرسالة كان رد النهضة أو على الاقل جزء منها اعلان رفض التفاوض مع حزب قلب تونس بناء على ما ترسخ في اذهان جزء كبير من قواعدها، وتأكيد قياداتها انها متجهة الى الحكم ولن تفرط في حق اختيار شخصية من صلبها لإدارة الحكومة الجديدة. أنصار التوافق على الخط في المقابل، تشير كواليس مجلس الشورى الاخير الى بروز أصوات منتقدة للمنطق الاقصائي التي عانت منه الحركة، حيث دفع عدد من أعضاء الشورى في سياق محافظة الحركة على سياسة التوافق بعيدا عن الاقصاء الذي يمكن ان يعود عليها بالوبال. وفي هذا السياق شدد لطفي زيتون في مداخلته التي نشر نصها على ضرورة التجميع وان تعود حركة النهضة الى الوسط وان تنخرط في التوافق من جديد وذلك بعد أن مالت خلال الحملة ميلا خطيرا الى اقصى اليمين وفق تعبيره، حيث كان لهذا النقاش انعكاسا واضحا في البيان الختامي لمجلس الشورى والذي رفع الفيتو ضمنيا من خلال اقراره بالسعي الى تعميق الحوار مع مختلف الفاعلين السياسيين والاجتماعيين على قاعدة برنامج يضمن للحكومة حزاما سياسيّا واسعا. ولئن تبدو تصريحات قيادة حزب قلب تونس بدورها رافضة للتحالف مع حركة النهضة، من ذلك أن الناطقة الرسمية لحزب قلب تونس سميرة الشواشي قد أكدت ان حزبها سيكون في المعارضة ولا يمكن له ان يتحالف مع النهضة، فإن مجال الممكن في السياسة قد جسده سفيان طوبال في تصريحه الاخير. وأوضح النائب من قلب تونس سفيان طوبال أن المشاركة من عدمها في الحكومة الجديدة مرتبط ببرنامج الحكومة وتقاطعه مع برنامج الحزب مضيفا بالقول أنه وان دعتهم حركة النهضة الى التفاوض والمشاركة في الحكم سيكون لكل حدث حديث، بما يعني أن حسابات الربح والخسارة ستكون المحدد الابرز في امكانية تحالف الحزبين من عدمه. فرضيات مفتوحة على كل الخيارات غير ان فرضية تحالف الحزبين تحمل تبعات داخلية على الحزبين من شأنها تنفيرهما من ذلك، فتحالف النهضة مع حزب القروي من شأنه ان يزيد في خسارتها لقواعدها التي باتت منجذبة اكثر لخيارات "المد الثوري"، وينسحب الامر على حزب قلب تونس الذي واكب عدد كبير من قياداته تفكك احزابهم السابقة نتيجة التقارب مع الحركة. كما تجد فرضية التحالف بين النهضة وقلب تونس ايضا دعائم قوية تعزز حدوثها، من ذلك ان الحديث عن امكانية هجرة بعض نواب قلب تونس في سياق السياحة البرلمانية بات حديث الكواليس السياسية على الرغم من نفي الحزب لذلك، يضاف الى ذلك ان الشروط التي يضعها حزب حركة الشعب والتيار الديمقراطي وائتلاف الكرامة قصد التحالف قد لا تجد طريق التحقق من قبل النهضة التي تراها عالية السقف. في المحصلة، يبدو لرفض النهضة التحالف مع حزب قلب تونس نقاشاتها الداخلية اعتبارات والتحفظ عن ذكر ذلك في بيان الشورى الختامي تماهي مع ماتتطلبه قواعدها ، غير أن الممارسة السياسية من ناحية الواقعية تحتمل امكانية حدوث كل الاحتمالات، بل واثبتت التجربة السياسية امكانية تغيير المواقف رأسا على عقب في كل لحظة تحت مسمى المصلحة الوطنية واكراهات المرحلة وضرورة التعايش وغيرها من المفاهيم التي شرعت من خلالها الحركة سابقا ذهابها في مسارات خلافا لما تطلبه قواعدها. التزام انتخابي أكّد القيادي في حركة النهضة رفيق عبد السلام رفض النهضة لأي مفاوضات مع حزب قلب تونس حول تشكيل الحكومة القادمة رغم اتصال نبيل القروي بقيادة الحركة وفق قوله لافتا الى ان تقدير هذا الموقف لا يتعلق بخلافات شخصية مع نبيل القروي بل هو الموقف الرسمي لحركة النهضة والتزام مع ناخبيها الذين عبروا عن رفض للتفاوض مع أحزاب تحوم حولها شبهات فساد. في المقابل لم يرد هذا الاستثناء في البيان الختامي لاشغال مجلس الشورى والذي وردت في نقطته الثالثة تحمل الحركة مسؤولية تشكيل الحكومة وترأسها وسعيها الى تعميق الحوار مع مختلف الفاعلين السياسيين والاجتماعيين على قاعدة برنامج يضمن لها حزاما سياسيّا واسعا. باب الالتقاء مفتوح اعتبر القيادي في حزب قلب تونس حاتم المليكي انه في عزم حركة النهضة تشكيل حكومة على المسألة الاقتصادية والاجتماعية ومحاربة الفقر فانه من الممكن مساندتها دون الدخول في حكومتها. في المقابل اشار سفيان طوبال الى ان حزبه سيتعاطى مع مسألة المشاركة في الحكومة بالوسائل التي يراها صالحة في صورة ما اذا دعتهم حركة النهضة الى ذلك. عبد الكريم الهاروني ..لا نسعى إلى انتخابات سابقة لأوانها قرر مجلس الشورى أمس في اختتام اشغاله تحمل الحركة مسؤولية تشكيل الحكومة وترأسها وسعيها الى تعميق الحوار مع مختلف الفاعلين السياسيين والاجتماعيين على قاعدة برنامج يضمن لها حزاما سياسيّا واسعا. كما تضمن بيانها الانتخابي تأكيد السعي الى وضع برنامج مع شركائها يتضمن التوجهات الكبرى لعمل الحكومة والإجراءات في الآماد العاجلة والمتوسطة للرفع من فاعلية المؤسسات الحكومية وتحسين الخدمات العمومية وتفعيل المشاريع المعطّلة وانفاذ القوانين. ودعا رئيس مجلس الشورى عبد الكريم الهاروني في ندوة صحفية مختلف الكتل البرلمانية إلى أن لا تهرب من مسؤولية الحكم التي فوضها لهم الناخبون الذين صوتوا لهم ليحكموا، لا ليعارضوا وفق تعبيره، مشددا على أنّ الحكومة ليست مجموعة حصص بل برنامج مشترك يحتاج التفافا قويا. وتابع الهاروني قائلا: «إذا فشلنا سنرجع الأمانة إلى الشعب التونسي الذي يقرر ما يريد، ونحن لا نسعى إلى انتخابات سابقة لأوانها ولا نخشى إجراءها». قلب تونس ..الاستقالات إشاعة وهذا شرط المشاركة في تشكيل الحكومة نفى حزب قلب تونس أمس ما راج من اخبار حول امكانية استقالة مجموعة من نوّابه والتحاقهم بكتل تابعة لأحزاب أخرى معتبرا ان كتلته البرلمانية متماسكة ومتمسّكة بانتمائها الحزبيّ ومتشبّثة ببرامجه ومواقفه. واعتبر الحزب ان هذه الاخبار الرائجة هي إشاعات مندرجة في سياق هرسلة الحزب وتشويهه وجزء مما وصفه بالحرب النفسيّة من قبل خصوم ساهموا في تسميم الأوضاع في الساحة السياسيّة وجعلوا من السياحة الحزبية وتفكيك الأحزاب مشروعهم الوحيد وكانوا وراء عزوف نسبة كبيرة عن العمل الحزبيّ وفق نص البيان. كما أوضح الحزب أن تصاعد وتيرة الإشاعات مرتبط أساسا بمأزق تشكيل الحكومة وترتيب التحالفات، لافتا الى انه غير معنيّ بالمحاصصات الحزبيّة ولن يخضع لأيّ شكل من أشكال الضغط وأنّه متمسّك بأنّ الشرط الرّئيسيّ للمشاركة في أيّ تشكيل للحكومة هو مدى تناسبه مع برنامج الحزب وأولويّاته ومبادئه.