انعقدت نهاية الأسبوع الماضي الدورة 32 لمجلس شورى حركة النهضة لتدارس الوضع العام بالبلاد بعد صدور نتائج الانتخابات التشريعية والرئاسية والاستحقاقات الدستورية المستقبلية والتحديات المطروحة على البلاد. الدورة الأخيرة شدت كسابقاتها الأنظار وصنعت مقدارا كبيرا من الترقب لنتائجها. باعتبار ارتباط القرار الوطني خلال السنوات الأخيرة بما يتقرر داخل أروقة هذه المؤسسة الحزبية. ويعود السبب في ذلك الى ان حركة النهضة تحوّلت منذ سنة 2011 الى العمود الفقري والمحوري لكامل العملية السياسية بعد ان حافظت على مواقعها الانتخابية المتقدمة. ويعد مجلس الشورى أعلى سلطة داخل حركة النهضة ويضم خيرة أبنائها ممن انتخبهم المؤتمرون خلال آخر مؤتمر منعقد والذي بلغ عدد الحضور فيه خلال المؤتمر العاشر ازيد من ألف عضو ، ويتم اختيار الأعضاء الذين يبلغ عددهم 150 عضوا على مرحلتين تضم الأولى 100 عضو يتولون في مرحلة ثانية انتخاب 50 عضوا وذلك لمراعاة النقص الذي قد يحصل في بعض القطاعات التي يمكن ان يسجل فيها نقص ما ، مثل الشباب والمرأة والاطارات والتمثيلة الجهوية. وقد عمل هذا المجلس على ترشيد القرار داخل حركة النهضة وساهم بقسط وافر في حماية الديمقراطية بين مؤسساتها طيلة أربعة عقود ومثل المرجع الأساسي الذي يفصل بين الرؤى المختلفة فاكتسب هذه الأهمية لدى الملاحظين. وكذلك لدى منتسبي حركة النهضة بفضل الاحترام والاذعان التام لجميع قرارته. ويذكر المراقبون أحاديث عجيبة عن اجتماعات مجلس الشورى التي كانت تجرى خلال سنوات الحصار على الأحزاب حين كان جميع الأعضاء مطلوبون لدى قوات الامن ولكنهم كانوا ينجحون في عقد اجتماعاتهم في كنف السرية وتوزع أعمالهم وقرارتهم على جميع الجهات والهياكل في اشكال تحتاج الى الدراسة والبحث . كما يذكر المراقبون كيف كانت قرارت مجلس الشورى فيصلا حاسما في خيارات مصيرية مثل المصادقة على الدستور ومثل رفض التمشي الذي أراد اعتماده رئيس حكومتها الأولى حمادي الجبالي الذي قرر الذهاب الى حكومة كفاءات وطنية وادى رفض المجلس ساعتها الى استقالة رئيس الحكومة. ومثل القبول باجراء الحوار الوطني والرضى بمخرجاته بما فيها التخلي عن الحكم ومثل اعتماد سياسة التوافق بين النهضة ونداء تونس وغيرها كثير. لا تفاوض حول رئاسة الحكومة الدورة 32 لمجلس الشورى جاءت بعدة قرارات هامة مثلما صرّح بذلك رئيسه عبد الكريم الهاروني الذي قال ان خلاصة المشاورات أجمعت على ان تتشكل الحكومة على أساس برنامج اقتصادي اجتماعي تم تقديمه للاعضاء ومناقشته وتم الاتفاق على ان يكون محور المشاورات مع الأحزاب والمنظمات الوطنية بعيدا عن فكرة المحاصصة الضيقة وبعد الاتفاق على هذه المحاور وتعديل النقاط التي قد يكون حولها خلاف يمكن وقتها النظر في الأسماء على أساس تنفيذ البرنامج وليس العكس. كما أكّد الهاروني ان المجلس اتفق على حركة النهضة ستشكل حكومة برئاستها وشدد على ان هذه المسألة بالذات لا تخضع للتفاوض قاطعا بذلك عديد التأويلات حول امكانية اختيار شخصية وطنية لموقع رئاسة الحكومة نزولا عند اشتراطات وضعتها بعض الأحزاب للموافقة على الدخول في حكومة مع النهضة. الهاروني أضاف ان النهضة انطلقت في مشوار التفاوض حول رئاسة الحكومة رغم ان القانون الداخلي للحركة يعطي الأولوية لرئيسها في منحى يجمع بين مراعاة كل التحديات المرتبطة بالمسائل الداخلية للحزب او المتعلقة بالشأن الوطني او الدولي ، وقد تم تشكيل لجنة مكلفة بالتفاوض ممثلة من أعضاء في مجلس الشورى وأعضاء من المكتب التنفيذي يرأسها راشد الغنوشي رئيس الحركة. مجلس الشورى مازال في نظر الكثيرين المؤسسة التي نجحت في فرض نفسها وفي المحافظة على تماسك بقية مؤسسات حركة النهضة بفضل الخبرة التي اكتسبها أعضاؤها طيلة عقود في إدارة الشؤون الداخلية وضبط الاختلافات في الرؤى. كما يعود الفضل فيه حسب المراقبين وحسب المنتسبين الى النهضة الى التعامل الديمقراطي داخله بعيدا عن روح المغالبة والانتصار للرأي الشخصي وهو ما ظل يفرض الانضباط بين بقية أعضاء الحزب رغم الاختلافات بينهم والتي تصل أحيانا الى حد التناقض. تركيبة مجلس شورى حركة النهضة وصلاحياته مجلس شورى حركة النهضة هو أعلى سلطة بين مؤتمرين. وتتكون تركيبته من مائة وخمسين عضوا، ينتخب ثلثاه من المؤتمر الوطني بالاقتراع السري المباشر ويتم انتخاب الثلث الباقي في أول دورة من مجلس الشورى على أساس تمثيل القطاعات والجهات وأعضاء الحزب في الخارج والشباب والمرأة والكتلة النيابية والفريق الحكومي للحزب. ويرأس أول دورة لمجلس الشورى أكبر الأعضاء سنا بمساعدة العضوين الأصغر سنا. وينتخب المجلس إثر اكتمال أعضائه رئيسا له بالاقتراع السري والحر والمباشر ويتولى الرئيس تمثيل المجلس ويتكلم باسمه ويرأس الجلسات العامة ومكتب المجلس وجلسات اللجان إذا حضرها. ويسهر رئيس المجلس على فرض احترام النظام الداخلي وتنفيذ قرارات وتوصيات الجلسة العامة وقرارات المكتب ويشرف على سير أعمال المجلس وله اتخاذ التدابير اللازمة لحفظ النظام داخل الجلسة العامة. وينعقد مجلس الشورى كل ثلاثة أشهر وكلما دعت الضرورة بدعوة من رئيسه أو ثلث أعضائه أو بطلب من رئيس الحزب. مهام مجلس الشورى 1) ضبط السياسات الكبرى وتحديد التوجهات العامة للحزب. 2) تزكية المرشح لمنصب رئيس الدولة أو رئيس الحكومة أو رئيس المجلس النيابي المقترح من رئيس الحزب في صورة تخلي هذا الأخير عن حقه في الترشح للمسؤوليات المذكورة بأغلبية الحاضرين على أن لا تقل هذه الأغلبية عن ثلث أعضاء المجلس. 3) تزكية الفريق الحكومي للحزب بأغلبية الحاضرين على أن لا تقل هذه الأغلبية على ثلث أعضاء المجلس. 4) تحديد شروط وإجراءات اختيار مرشحي الحزب للانتخابات البرلمانية والجهوية والبلدية وغيرها. 5) التدقيق على عمل الهياكل التنفيذية المركزية واللامركزية بعد التنسيق مع المكتب التنفيذي 6) تزكية أعضاء المكتب التنفيذي بأغلبية الحاضرين على أن لا تقل هذه الأغلبية عن ثلث أعضاء المجلس. 7) سحب الثقة من المكتب التنفيذي أومن أحد أعضائه بأغلبية الحاضرين على أن لا تقل هذه الأغلبية عن ثلث أعضاء المجلس. 8) ضبط السياسة المالية ومتابعة تنفيذها. 9) المصادقة على اللوائح والنظم المقدمة من المكتب التنفيذي. 10) اقتراح تعديل النظام الأساسي على المؤتمر العام. 11) تفسير مواد النظام الأساسي والنظام الداخلي. 12) الإعداد للمؤتمر العام وفق ما يحدده النظام الداخلي. 13) انتخاب رئيسي هيئتي النظام العليا والمركزية وأعضائها. 14) انتخاب رئيس هيئة الرقابة والتدقيق المالي وأعضائها. 15) وضع النظام الداخلي للحزب.