استضاف نادي الشعر باتحاد الكتاب التونسيين الذي ينشطه الشاعر عبد العزيز الحاجي، في ثاني لقاءاته لهذا الموسم الجديد، الفيلسوف والشاعر والكاتب الحرّ سليم دولة، وذلك مساء الجمعة 18 أكتوبر الفارط. تونس «الشروق» : وقدم الكاتب والناقد والجامعي مصطفى الكيلاني، خلال هذا اللقاء دراسة أكاديمية مطولة عن الكاتب الحرّ سليم دولة، كفيلسوف وخاصة كشاعر من كتابه «ديلانو شقيق الورد» إلى آخر كتبه الشعرية «تلويحات الوداع» و«حين لا صيدلية عاطفية»، وقبل قراءة الدراسة الأكاديمية التي أبهرت الحضور من شعراء وكتاب وصحفيين، قال الكيلاني: «حينما دعيت لم أتردد ثانية واحدة، للعلاقة الحميمية التي تجمعني بسليم دولة الذي يصفني بصديقه الحبري، وهو أكثر من ذلك ما يصل بيننا من إحساس وحس وعلاقة لحمية...». وشدد الكاتب مصطفى الكيلاني قبل قراءة دراسته النقدية، على أن سليم دولة، هو الواضح جدّا حد الغموض والغامض جدّا حد الوضوح، لذلك اعتبر أنه تردد بين أن يقدم مداخلة تذهب هباء، وبين أن يكتب ما سماه ورقة قد تبقى أثرا وفق تعبيره، عنونها ب«سليم دولة والكتابة العاشقة»، «ورقة» في أكثر من 05 ورقات، تناولت جوانب عديدة في مسيرة سليم دولة الكاتب الفيلسوف والشاعر، صفق لها الحضور بحرارة، ليفسح المجال للمحتفى به. الصدمة الأولى وفي كلمته كشف سليم دولة، عن بداية عهده مع الكتابة وكان ذلك عندما بلغ الثالثة عشر من العمر، عندها كتب أولى قصائده، وكتب أيضا الرواية، وكان الشاهد على كتاباته الأستاذ رضا الزواري، خبر قد يبدو صادما لمن لا يعرفه، لكن الصدمة الأكبر في قصة الرواية، والتي جاءت على لسان سليم دولة كالآتي: «الرواية تتعلق بقصة حقيقية حصلت أمامي في الواقع، هي قصة امرأة اغتصبت في جامع وكانت بكماء وبدوية من قبل 06 كهول... مازال صوتها ينخرني، وربما من السخافة أني كتبت رقم السيارة المنجمي في روايتي..». وبالعودة إلى الشعر، وإلى تجربته الشعرية، أبرز «الكاتب الحرّ»، كما أقرت له بذلك الدولة التونسية في بطاقة تعريفه الوطنية، أن من قاده إلى الشعر ويعتبره «خالا»، هو الشاعر الجاهلي «الشنفرى». الصدمة الثانية الحديث عن علاقة سليم دولة الفيلسوف والكاتب بالشعر، لم تخل من صدمة كانت الثانية في اللقاء الذي انتظم باتحاد الكتاب، حيث اختصر سليم دولة علاقته بالشعر في قوله التالي: «أكتب ما أسميه شعرا لئلاّ أنتحر» وأضاف، وسط ذهول البعض: «الكتابة تحصّن من كره الحياة... والشعر هو الذي شد من عمودي الفقري»، وبعد الحديث عما سماه ثورة الشنفرى واختياره نظام الحيوانية على فوضى الانسانية، عاد سليم ليتحدث عن نفسه قائلا: «أنا سلفي شعري» ثم تابع مفسرا: «لمّا نكتب يستحيل الجسد إلى بدن، والبدن النوق التي تقدم قرابين للآلهة، وثمة غزل تونسي يقول «ملا بدن ينحي الراس»..». واعتبر سليم دولة في سياق متصل أن الثقافة لم تكن يوما ذكورية، والدليل أن أبو حكيمة يعترف إنه مخصيّ، مضيفا بأن الشعر تجربة ذاتية عاطفية لمعالجة أدواء كداء اليتم الرمزي الأكثر خطورة من اليتم المادي، وأشار في هذا الصدد إلى أن الكتاب في تونس يحسون اليتم، كما ذهب دولة إلى القول بأن اللغة ابتدعت لنقل الحواس والعواطف كما بين ذلك جون جاك روسو وهو يتحدث عن نساء قرطاج، في كتابه «محاولة في أصل اللغات»، لأن هاجسهن الأول هو نقل العواطف وليس نقل المعارف.قبل أن يوجه رسالة إلى الشعراء ليدافعوا عن مواطنتهم السياسية بطريقة شعرية، حين دعاهم قائلا: «على الشعراء أن يتدخلوا في الشأن العام بالاقتصاد في اللغة».