شددت المخرجة السعودية شهد أمين التي تشارك لأول مرة في المسابقة الرسمية لأيام قرطاج السينمائية بفيلم بعنوان " سيدة البحر " على أن التغييرات الإيجابية في المجتمع السعودي لا يمكن أن تمحو بسهولة ما تم زرعه طيلة عقود . تونس (الشروق) حاز فيلم "سيدة البحر"، أحدث أفلام المخرجة السينمائية السعودية شهد أمين إعجاب الجمهور التونسي، لدى عرضه في هذه الدورة من أيام قرطاج السينمائية ضمن المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة. بل رشحه كثيرون للحصول على تانيت في الدورة ال30 للمهرجان. ويروي الفيلم قصة "حياة" الفتاة اليافعة القوية، التي تنشأ في قرية فقيرة تعيش على صيد السمك. وتحكمها تقاليد بالية ومتخلفة. حيث تُجبر كل أسرة على منح الإناث من أطفالهم لمخلوقات بحرية تعيش في المياه المجاورة. وبدورهم يصطاد أهل القرية تلك المخلوقات البحرية. وبعد أن ينقذها والدها من التضحية بها للمخلوقات الغامضة، تصبح "حياة" في أعين أهل القرية لعنة لتعيش منبوذة طوال حياتها. ولكن لم تذعن لمصيرها. وتناضل ليكون لها شأن داخل القرية. وتظهر على جلد قدم حياة نتوءات جلدية تتحول إلى حراشف مضيئة حين توضع في الماء. وحين تحمل والدة حياة بطفل جديد، يصبح على حياة أن تتبع تقاليد القرية بأن تهب نفسها لتلك المخلوقات وأن تختار بين أن تصبح واحدة منهن أو تجد طريقة أخرى للهرب. كان هذا ملخص فيلم "سيدة البحر"، الذي تحدثنا عن قضيته الرئيسية المطروحة مع صاحبته، شهد أمين، والتي كشفت في هذا الحوار أن العنوان الأول للفيلم كان "حراشف". لكن هذا العنوان، على حد تعبيرها يبرز الجوانب السلبية للشخصية وللفيلم، لذلك اختارت محدثتنا العنوان الجديد "سيدة البحر" لرمزيته الإيجابية التي أرادت تمريرها من خلال الشخصية الرئيسية في فيلمها. المرأة هي الماء وفي ذات السياق جاءت فكرة فيلم "سيدة البحر" من مكان طبيعي ساحر سنة 2012. وفي هذا الشأن قالت محدثتنا: "عندما كنت بصدد كتابة فيلم قصير، ووقعت بين يدي قصّة أسطورة حورية بحرية أتراغاتيس، التي ترمز الى الخصوبة، روادتني فكرة أنها قد تكون مصدراً ملهماً للمرأة الحرّة الأبية التي تحدد مصيرها بيدها وترسم طريقها بنفسها. وتقرر رفض العادات والتقاليد حتى وإن كان ذلك سيعود عليها بعواقب وخيمة". واعتبرت المخرجة السينمائية السعودية المتمردة، تمرد بطلة فيلمها "حياة"، المقتبسة في جانب منها أسطورة الحورية البحرية أو الآلهة التي ترمز الى الخصوبة، والتي تحدد مصيرها بيدها فهي "سيدة البحر"، أن المرأة بالنسبة لها هي الماء وبالتالي هي الحياة. واستشهدت بالنص القرآني "وجعلنا من الماء كل شيء حي" لتعطي قدسية رمزية للمرأة. عالم يقمع المرأة وأكدت شهد أمين، أنها أرادت من خلال فيلم "سيدة البحر"، بناء عالم يقمع المرأة. ويمنح الرجال السلطة والمكانة العالية، من خلال عقلية ذكورية. وتسبر شخصية "حياة" أغوار حالة الضغوط والتأثيرات الواقعة على كاهل الفتيات داخل المجتمع بشكل عام. وكان هدفها الفني على حد تعبيرها، هو سرد قصّة منسوجة على أوتار أحداث خيالية بأقل قدر من الحوار، والاعتماد على أسلوب الرمزية كعنصر أساسي، كي يكون البحر عالماً موحشاً وغامضاً. فالحديث عن الفيلم وعن علاقته بمخرجته باعتبارها مواطنة سعودية، ولدت في مدينة جدّة وعاشت هناك، كان منطلق سؤالنا عن رؤيتها لنظرة المجتمعات العربية للمرأة عموما، والمجتمع السعودي، على وجه الخصوص. فكان رأيها واضحا "العالم العربي يضطهد المرأة لأنه عالم ذكوري، يجعل المرأة مقيدة ومكبلة إلى درجة أنها تكره نفسها. كما حصل مع "حياة" في الفيلم. لكنها في آخر الفيلم تؤمن بنفسها كإمرأة وكإنسان". وأما بخصوص، التحولات الاخيرة في المجتمع السعودي ، التي استفادت منها المرأة السعودية، وجعلتها أكثر تحررا، فقالت محدثتنا، إنه لا يمكن إنكار هذه التغييرات الإيجابية الحاصلة منذ سنة ونصف. وهي فخورة بها، لأن خروج المرأة السعودية إلى الشارع بعث الحياة في المدينة على حد تعبيرها. لكن هذه التغييرات الإيجابية لا يمكن أن تمحو ما زرع في عقود من الزمن، لأن تغيير القانون سهل. لكن تغيير العقول أو العقليات صعب. واستدلت في هذا السياق، بقولها إن الشاب السعودي اليوم يخاف مما سمته "معاكسة" البنات، لأنه لم يتعود على ذلك، ونفس الشيء بالنسبة للفتيات.ومن هذا المنطلق تغيير العقليات صعب جدا. ويتطلب سنوات من العمل. فالمرأة لم يكن لها أبسط الحقوق في السعودية، كقيادة السيارة أو الخروج عارية الرأس، أو الاختلاط في المجتمع... «الكواسر» والسينما اللاتينية وعن بداية تعلقها بالسينما، كشفت المخرجة شهد أمين أن بداياتها كانت عندما لم تتجاوز 10 سنوات من العمر، وأول من تأثرت بأعماله المخرج السوري نجدة إسماعيل أنزور، وتحديدا من خلال مسلسل "الكواسر"، الذي أرادت أن تنجز عملا مثله، مشيرة إلى أنها تحب السينما اللاتينية على غرار أعمال المخرج ألفونسو كارون، ومن المخرجين التونسيين، عبرت محدثتنا عن إعجابها الكبير بالمسلسلات التي أخرجها الفقيد شوقي الماجري...