الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة تدعو المواطنين الى تلافي تشغيل هذه التجهيزات في فترة ذروة الطلب    المنتخب التونسي للجيدو يتحول إلى أنغولا للمشاركة في بطولة إفريقيا 2025    الكشف عن موعد سحب رزنامة البطولة الوطنية لموسم 2025-2026    عشية اليوم: خلايا رعدية محلية مع نزول أمطار متفرقة بهذه المناطق    الصحبي بن ضياف: أسطول وسائل الإطفاء لدى الإدارة العامة للغابات متوسط لكن فعال... ونعمل وفق مقاربة جماعية للتوقي من حرائق الغابات    اضراب قطاعي في الفلاحة يوم الخميس المقبل    سبعة أنشطة لمجلس نواب الشعب خلال الأسبوع القادم منها حوار مع وزيرين    ضبط الكليماتيزورعلى 26.. سر التوفير اللي ما تعرفوش    قفصة: مهرجان قفصة الدولي يلتئم من 27 جويلية إلى 17 أوت القادم    قابس : خيمة بيطرية بشنني للتوقي من داء الكلب    عاجل/ الكشف عن اصابة الرئيس الايراني في الهجومات الاسرائلية..وهذه التفاصيل..    منحة جديدة للأمهات.. شكون عندو الحق؟    الدورة ال16 للصالون الوطني للصناعات التقليدية من 17 الى 27 جويلية الجاري بمعرض سوسة الدولي    الوزير الأول الجزائري يؤدي زيارة رسمية الى الجناح التونسي ب"إكسبو 2025 أوساكا    تخلي الكرهبة في Point Mort؟ شوف الحقيقة قبل ما تضر روحك    ممنوع تبدأ يومك بالسكر: الحقيقة اللي لازم تعرفها    فاجعة: وفاة أربعة أطفال أشقاء تباعا في نفس اليوم..ما القصة..؟!    الشهيلي يضرب من جديد.. وهذه حالة البحر    محرز الغنوشي: '' السباحة ممكنة فقط تجنبوا اوقات ذروة الحرارة''    15 جويلية: خدمة جديدة تفكّ عقدتك الإدارية في تونس    الأجهزة الكهربائية الي ننساوها موصولة بالكهرباء.. هاو قداش تخسرنا فلوس!    مباراة الحسم: PSG وتشيلسي نهائي نار وكأس تاريخية    عاجل: الوكالة الفنية للنقل البري تفتح 95 منصب...شكون ينجم يشارك؟    كيفاش تغسل سنيك وما تضرهمش؟ نصايح لازم تعرفها    أدوات لُعب السباحة للأطفال: آمنة ولا خطر على صغارك؟    صرخة مواطنين: الرديف والمظيلة: المياه موجودة ... والمواطن ضمآن    الليلة.. لعنة النهائي في مباراة الحسم بين تشيلسي وسان جيرمان.. الموعد والقنوات الناقلة    نادي باريس سان جيرمان يحقق ايرادات تصل الى 850 مليون يورو    بطولة اسبانيا: فينيسيوس يتوصل إلى اتفاق مبدئي مع ريال مدريد لتمديد عقده حتى 2030    المهاجم فيكتور جيوكيريس سيتعرض لغرامة مالية كبيرة    جلسة عمل بمقر بلدية تونس للنظر في تسوية الوضعية العقارية للمنطقة الصناعية المغيرة 5    همس الموج .. «سيدي المحرصي» بنابل شاطئ .. بنكهة التاريخ والجمال    مسؤول بالبرلمان الإيراني: اكتشاف شرائح تجسس في أحذية مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية    تحذير صادم صدر قبل 6 سنوات.. عطل بسيط قتل 260 شخصا!    ثلاثة ضحايا و39 مصابا في حريق بمبنى شاهق في أنقرة    افتتاح ساحر للدورة 38 لمهرجان الجم: الأوركستر الإيطالي "فيورنتينا دي كاميرا" ينقل الجمهور إلى عالم السينما والموسيقى الخالدة    صيف المبدعين .. الكاتب الأمجد العثماني .. عشت طفولة عذبة وبحر سوسة شاهد على الذّكريات    بلدة وتاريخ: سدادة (توزر): أرض الطبيعة والتاريخ والروحانيات    جهات وتقاليد .. «الكبّوس المحرسي» ...لزينة المرأة و مالها    تاريخ الخيانات السياسية (13) ...الحجّاج يخشى غدر يزيد    أعلام من بلادي .. محمد الخضر حسين أسّس اول مجلّة في تونس .. وناضل ضد الإحتلال الفرنسي    ماكرون يدعو إلى "الدفاع بحزم عن المصالح الأوروبية"    27 شهيدا إثر ضربات إسرائيلية في غزة اقرأ المزيد على موقع ارم نيوز    حرف من الجهات: فخار نابل .. عبق التراث وروح الإبداع    على باب المسؤول : توزر: مشروع لتربية الأسماك في المياه العذبة ينتظر الدعم والإحاطة    وزارة الأسرة تعلن عن نجاح 56 من بين مكفوليها في دورة المراقبة لامتحان الباكالوريا    11 عرضا فنيا فى الدورة ال45 لمهرجان باجة الدولي من 22 جويلية الى 5 اوت القادم    الحدادي يمضي لنهضة البركان    خبير يُحذّر: تركيبة خطيرة في مياه مجهولة المصدر تفتك بالتونسيين    ''طريق المطار'': بلطي يطرح أغنيته الجديدة على جميع المنصات    شيرين وفضل شاكر يستعدّان لاطلاق أغنية جديدة مشتركة    عاجل/ نشرة متابعة: أمطار غزيرة بهذه الولايات ورياح قوية بالجنوب    وزارة التعليم العالي تعلن عن موعد الحصول على كلمات العبور الخاصة بالناجحين في دورة المراقبة للبكالوريا    عاجل/ اليوم: أمطار غزيرة ورياح تتجاوز سرعتها 80 كلم/س بهذه المناطق    ديوان الإفتاء يصدر مجلة "فتاوى تونسية "    علاقة وثيقة بين النوم والعمل..    التوانسة الليلة على موعد مع ''قمر الغزال'': ماتفوّتش الفرصة    شنية سرّ السخانة في جويلية.. بالرغم الي أحنا بعاد على الشمس؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"سيدة البحر": تراجيديا " حياة".. بلا ألوان ولا بكائيات
نشر في حقائق أون لاين يوم 28 - 10 - 2019

انها ترسم ملامح عالمها الاستيتيقي وتتماهى معه، تمدّ لنفسها جسرا بين الحياة والسينما وتتوه في عوالمها العجائبية، تحلّق بأجنجة الواقع بعيدا حيث تنثر قضايا المرأة على قارعة الخيال، تدمّر الثابت تلو الثابت، وترقص على أنقاضها لعلّ صوت أقدامها يحجب أصوات الداعين إلى وأد النساء، هي المخرجة السعودية شهد الأمين صاحبة " سيدة البحر".

"سيدة البحر" الفيلم الروائي الطويل الأوّل للمخرجة التي تغرّد خارج السرب، مخرجة هربت إلى الواقعية السحرية لتنقل معاناة النساء في مجتمعها وفي كل المجتمعات التي مازالت تراها ناقصة عقل ومخلوقة من ضلع أعوج.

هو فيلم، ليس كغيره من الأفلام، يجنح إلى الأسطورة والخرافة علّها تكسر القيد وتمحي آثار الظلم والظلمات، هو برهان على أن الواقع سريالي لدرجة أنّك ترتطم به فيتعطّل إدراكك لكل ما هو طبيعي، فأنت أمام وضع غير طبيعي فتهرع إلى الخيال لعلّه يعيد إليك ملك الإدراك.

فليس من الطبيعي أن تختزل المرأة في جسدها، وأن تنهمر الوصايا على هذا الجسد المنهمك من وخزات الأعين، وليس من الطبيعي أن تنزف المرأة ليحيا الرجل دون عرفان، وأن تبكي المرأة لتروي الأرض بدمعها ويضحك الرجل استخفافا.

وصايا لا حصر لها ونظرات دونية لا حد لها، وكلمات جارحة أبعد من المدى، أقاد بعضها مرئي وبعضها مخفي وأغلال وأشياء أخرى بعضها خلّف جراحا في الأرواح لا تندمل وبعضها زيّن الجسد بندوب لا تضمحل، هو واقع المرأة الذي صورته شهد أمين، في فيلمها الروائي الأوّل واختارت زمانا ومكانا لا ألوان فيهما ولا بكائيّات.

عودة إلى أفلام الأبيض والأسود، لا تخلو من دلالات ورسائل، فالأبيض ربّما يكون المرأة بسجيّتها الأولى، المرأة التي تضيء من حولها وتزهر حيثما داست، والأسود ربّما يكون واقعها القاتم جدّا، واقع هو نتاج كل تلك الأيادي التي وُضعت على عينيها حتّى لا يشعّ نورها، أبيض وأسود فيمتان ضوئيتان في عالم الألوان وفي عالم الإنسان دلالتان على الجيّد والسيء وعلى الخير والشر.

وكأن المخرجة أرادت من هذا الاختيار أن تقول "هاهو واقع المرأة امامكم بلا زينة ولا بهرج"، فتفكّروا وتأملوا قبل أن يقوت الآوان، وإن كان الإطار أسطوري بحت فإنّ الاحداث التي تدور فيه بما فيها من غرائبية تحاكي ما تعانيه المرأة من ضروب من الإهانة والانتهاك تحت مسمّيات عدّة تصبّ كلّها في العقلية الذكورية.

"أنا أنثى .. أنا أنثى.. نهار أتيت للدنيا..وجدتُ قرار إعدامي ..ولم أرَ بابَ محكمتي ولم أرَ وجهَ حُكّامي"، كلمات لنزار قباني يختزل فيها بعضا من معاناة المرأة في المجتمعات السلطوية الأبوية، وتقول "حياة" بطلة "سيدة البحر" نهار أتيت للدنيا وجدت قرار إعدامي ورأيت باب محكمتي ورأيت وجه حكامي.. البحر محكمتي وحكامي أهل قريتي الذين ينذرون الفتيات ليغدق عليهم البحر من خيراته ولكنّي كفرتُ بما وجدتُ وسدتُ مصيري".

هي تجربة شهد الأمين في معركة كسر القيود والتمر على العادات والتقاليد البالية التي لا تقدّم بالمرء قيد انملة، وتجربات نساء كثيرات عبر العالم، هي معركة المرأة الأزلية، مرأة في صيغة الجمع، تخنقها وتكبلّها لتُبعث من جديد أكثر ثورة ومقاومة.

قصّة خيالية ل"حياة" التي أبت ان تكون فريسة لمخلوقات غريبة يقدّسها اهل قريتها وتحدّت العادات والتقاليد وتحدّت موتا محتوما، بل تحد أن توءد لكل لا تسأل عن ذنب لم تقترفه، وقررت مصيرها بنفسها قبل أن تعرض عن أناس لم يحترموا فكرة كونها إمرأة ورحلت بعد أن تركت بعضا من الحياة في المكان.

حكاية منسوجة بكثير من الوجع والحلم والأمل والتوق إلى الانعتاق من كل القيود، بعيدا عن الدموع والضعف والاكسار والانهزام، تقدّم لنا المخرجة السعودية صورة جديدة للمرأة المقاومة التي لا تهاب شيئا، حكاية قال فيها الصمت قوله أكثر من الكلمات وجسّدتها النظرات قبل الهمسات، لتكون نداءات ضد التمييز وصرخات حريات وانعتاقات متمرّدة على الكل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.