تونس (الشروق) أكد الدكتور فتحي ليسير في الدرس الافتتاحي صباح أمس الأربعاء في المعهد العالي للتاريخ المعاصر بمنوبة أن الكتابة التاريخية تعيش أزمة كبيرة منذ أربعين عاما مستحضرا علاقة التاريخ بالرواية. قال الدكتور فتحي ليسير الروائي والمؤرخ إن الكتابة التاريخية في أزمة منذ أربعين عاما. وأبرز أننا في تونس نعيش في العصر الحجري في مستوى البحث العلمي بما في ذلك العلوم الانسانية. وأشار ليسير الى أن كتابك يقرأ كرواية يقولها البريطانيون والفرنسيون كرواية لها دلالات مختلفة فإن قالها من كان من غير الاختصاص فهي للتنويه والإطراء لكن إذا قالها مؤرخ فهي تشير إلى التشكيك في الجدية العلمية المؤرخ وأكد ليسير على أن علاقة الأدب بالتاريخ ظهرت ما بعد الحداثة. فالرواية سردية تخييلية والتاريخ سردية مرجعية. ليسير قال إن بضاعة المؤرخين اليوم كاسدة. وسيتواصل هذا الوضع. في حين هناك كتب لم يكتبها مؤرخون تباع بعشرات الآلاف. وأبرز أن المؤرخين ليسوا معنيين بالانشغالات اليومية والراهنة مثلما هو حال بقية العلوم الانسانية وخاصة علم الاجتماع مثل العنف والبيئة والبطالة. ولو كانت قيمة التاريخ في استخلاص الدروس لما تكررت الحروب. الدكتور فتحي ليسير أستاذ التاريخ المعاصر والروائي قال إن التاريخ فقد صدارته للعلوم الأنسانية فالتاريخ هو الأختصاص الوحيد الذي ليس حكرا على المؤرخين فالأعمال الابداعية قد تكون شهادات تاريخية مهمة أكثر من الوثائق التاريخية كما قال هيدن وايت وأشار إلى أن المؤرخ هو الذي يبني التاريخ بلغته وحسب منظوره فتاريخ ما بعد الحداثة لا علاقة له بالحدث ذاته. إذ أن هذه الأحداث لا معنى لها إلا إذا انتظمت في خطاب معين فنحن أمام أسلوب جديد في الكتابة التاريخية. وأشار ليسير إلى أن التاريخ اليوم لا يباع ولكن لابد من تحديث كتابة العلوم الاجتماعية ومن بينها التاريخ فالأدب لا يضعف منهج العلوم الاجتماعية بل يعززها والسؤال هو كيف يمكن الجمع بين الخيال والجرأة والصرامة فالتاريخ هو سردية مرجعية والرواية سردية تخييلية واستحضر الدكتور فتحي ليسير مجموعة من الروايات المرجعية التي يمكن اعتبارها مصادر تاريخية مثل ثلاثية نجيب محفوظ واعمال أمين معلوف وواسيني لعرج وغيرهم الدكتور فتحي ليسير صاحب الأعمال القصصية والروائية أكد أنه استفاد من التاريخ في كتابة الرواية واعتبر أن الكتابة هي بعد من أبعاد الحياة وأن من يكتب الرواية له ما يقوله وما يعبر عنه وبدون هذا الموقف تصبح الكتابة الروائيّة بلا قيمة ولا معنى ولا مضمون. وترأس جلسة الدرس الافتتاحي الدكتور علي الطيب مدير المعهد العالي للتاريخ المعاصر بحضور عدد كبير من المؤرخين والطلبة الباحثين.