بدأ مارطون الاتصالات التي تجريها حركة النهضة مع الأحزاب المفترضة للمشاركة في الحكومة القادمة يبوح بأسراره ، ومعه بدأت بعض الاحزاب تغادر السباق لتترك مكانها لغيرها . بعد البداية غير الرسمية التي تحسست فيها حركة النهضة عبر عدد من قياداتها اراء مجمل الطيف السياسي وانتقدها البعض واعتبرها غير جدية بل ذهب منهم الى القول انها تصب في خانة الضغط والهرسلة ، ولكنها حسب النهضة بداية لا بد منها لمعرفة النوايا وقياس درجة الحماس وتبين التوجهات . البداية كانت مع حزب التيار الديمقراطي ورغم ان الجلسة الرسمية التي انعقدت بداية الأسبوع كانت ناجحة نسبيا وظهر فيها حوار بناء تعلق بالبرنامج الاقتصادي وأولويته الا ان التصريحات التي تلته من حزب التيار لم تكن موفقة حسب القيادي في النهضة جمال العوي الذي شدد على رغبة النهضة في مزيد التشاور وتقريب وجهات النظر رغم ما يلوح من تشدد لدى كل من التيار الديمقراطي وحركة الشعب. ولعل هذه الأخيرة اكثر تمسكا باشتراطاتها ولم يظهر في الجلسة التي دارت في مقر حزبها ما يدل على رغبة حقيقية في دفع التحاور الى مسار الاتفاق. اذ أكّدت حركة الشّعب أنّها لن تشارك في حكومة تترأسها أو تشكّلها حركة النهضة. وتمسّكت برؤيتها في ضرورة تشكيل حكومة تترأسها شخصية وطنية ذات كفاءة ويكون لهذه الحكومة برنامج محدّد ومفصّل زمنيا ويسندها طيف واسع من الحساسيات البرلمانية والسياسية والشعبية. واطلقت عليها وصف حكومة الرئيس. وقد أصدرت على اثر اللقاء بيانا يؤكد هذا المعنى. ويشدد على التمسك بهذه الخيار . وأضاف جمال العوي رغم هذا التشبث والاصرار على أن لا يكون هناك حوار الا بعد الاتفاق على هذه النقطة فإن النهضة عرضت رؤيتها القائمة على أحقيّتها في تشكيل الحكومة برئاستها. وانتهى اللّقاء باتّفاق الطرفين على مواصلة الحوار للوصول إلى حلّ . توافق أما اللقاء الثالث الذي جمع رئيس الحركة راشد الغنوشي مع وفد من الاتحاد الشعبي الجمهوري يتقدمه أمينُه العام السيد لطفي المرايحي ، فقد وصفه العوي بالإيجابي. وتم فيه التركيز على الصعوبات الاقتصادية. وقد لمست النهضة في الحوار مع قيادة الوفد تقاربا كبيرا في وجهات النظر. وعبر فيه رئيس الحزب لطفي المرايحي عن انه يدعم الحكومة القادمة بكل الصور ويتوافق مع الرؤية المقترحة دون اشتراطات . وختم العوي بأن ما لمسته حركة النهضة خلال مشاوراتها لم يكن مفاجئا لها. وستعمل على التكيف معه اولا بمزيد الحوار وثانيا بالتقييم الجيد لخيارات جميع الأطراف وحدود خياراتها هي أولا وعلى هذا الاساس من المنتظر أن ينعقد مجلس للشورى بعد اسبوع تقريبا لتتم فيه مناقشة تفاصيل المشاورات واتخاذ القرارات التي تتناسب معها واعطاء كل طرف ما يستحق من جواب . المشاورات تبدو في طريق مسدود من جانب التيار الديمقراطي الذي يطالب بنصف الحكومة ، وكذلك من جانب حركة الشعب التي ترفض الالتقاء بحركة النهضة وتعتبرها من القوى البعيدة عن الثورة. وهو ما يجعلهما نظريا خارج دائرة الحكم ، ويتنافسان على مقعد المعارضة الذي خبراه وتمرسا به . ويبقى على النهضة أن تحدّد موقفها الذي لا توجد فيه كثير من الخيارات .