رغم عديد الاتفاقات والتفاهمات، لايزال الوضع في الشمال السوري غير مستقر وقابل للانفجار في أي لحظة وهو ما يفسّر سقوط عشرات القتلى والجرحى في هجوم دموي استهدف مدينة تل أبيض. دمشق (وكالات) وانتقدت الإدارة الذاتية التي تحكم مناطق في شمال شرقي سوريا موقف الأممالمتحدة وما قالت إنه «صمتها» حيال الخطط التركية الهادفة إلى إحداث تغيير ديموغرافي في المناطق التي توغلت فيها. وحذرت الإدارة الذاتية في بيان، امس، من أن تركيا «تهدف لتغيير هوية مناطق شمال شرقي سوريا عبر إعادة لاجئين سوريين مقيمين في تركيا إليها، بعد أن شردت نحو 300 ألف من سكان المنطقة الأصليين». وطالبت الإدارة الذاتية بتحرك دولي لمنع وقوع ما وصفتها بكارثة بحق أهالي المنطقة، داعية الأممالمتحدة إلى العمل لمنع المشروع التركي «الهادف إلى تغذية الصراعات المذهبية العرقية والمجتمعية وتشويه الحقائق التاريخية». كما أشارت الإدارة الذاتية إلى أن قضية اللاجئين يمكن حلها بإعادة الأمن والاستقرار إلى سوريا، وعودة الأهالي إلى المناطق التي احتلتها تركيا، مؤخرًا، في رأس العين وتل أبيض، شرق الفرات، وقبلهما في عفرين وجرابلس واعزاز والباب، غرب الفرات. وأكدت الإدارة الذاتية أن "صمت الأممالمتحدة حيال الانتهاكات التركية يعد تأييدًا لها، وتعاونًا على تهجير السكان من بيوتهم وبلداتهم، وتوطين آخرين محلهم". وكان المتحدث باسم الأممالمتحدة فرحان حق قال للصحفيين في نيويورك، الجمعة، إن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس "ناقش مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خطة أنقرة لإعادة اللاجئين السوريين". وأشار حق إلى أن الأمين العام أكد على المبادئ الأساسية المتعلقة بالعودة الطوعية والآمنة والكريمة للاجئين، لافتًا إلى أن غوتيريس أبلغ أردوغان بأن مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين ستشكل فريقًا على الفور لدراسة الاقتراح والدخول في مناقشات مع السلطات التركية. ولم يشر المتحدث الأممي إلى مصير أكثر من 300 ألف شخص نزحوا من بيوتهم وبلداتهم، جراء الهجوم التركي الأخير، نحو مناطق أكثر أمنًا، بعيدًا عن الحدود التركية. من جهة أخرى سقط عشرات الأشخاص بين قتيل وجريح جراء تفجير استهدف، امس السبت، سوقا شعبية في مدينة تل أبيض الواقعة شمال سوريا والخاضعة لسيطرة القوات التركية. وأكدت مصادر محلية عديدة أن التفجير نفذ بواسطة سيارة مفخخة بالقرب من محطة وقود في سوق شعبية وسط تل أبيض الواقعة شمال محافظة الرقة، في ثاني حادث من نوعه منذ دخول الجيش التركي إلى المدينة، وسط تضارب الأنباء حول عدد الضحايا. وقالت وزارة الدفاع التركية، في بيان، إن التفجير أسفر عن مقتل 13 مدنيا وإصابة 20 آخرين، محملة «وحدات حماية الشعب» الكردية المسؤولية عن هذا «الهجوم اللاإنساني». من جانبها، نقلت وكالة «سبوتنيك» عن مصدر محلي أن تفجير سيارة مفخخة أدى إلى «مقتل 19 شخصا وإصابة 29 آخرين»، بينما سبق أن تحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن مقتل 10 أشخاص «من مدنيين ومقاتلين»، إضافة إلى 21 مصابا بجروح متفاوتة بعضهم في حالات حرجة. وسيطرت القوات التركية، بالتعاون مع حلفائها من فصائل المعارضة السورية، على تل أبيض في شمال محافظة الرقة على الحدود مع تركيا، يوم 13 أكتوبر الماضي، في إطار عملية نبع «السلام» التي أطلقتها يوم 9 أكتوبر الماضي ضد المسلحين من «وحدات حماية الشعب» الكردية المصنفة إرهابية من قبل أنقرة.