تاريخ العراق مُثقلٌ جدّا: حروب ودمار، حضارات ومعمار... أعراق ومذاهب وشيع... علماء ومفكرون وأهل بدع... فيه الماء الغزير والنفط الوفير وفيه وصف اطلقه عليه يوما الحجاج بن يوسف الثقفي... منذ استقلاله لم تصمت البنادق، ولا هدأت النعرات، بتعاقب الحكومات والسياسات، مع تكالب قوى خارجية من شرق وغرب... بعد الاستقلال حكم ذرية الشريف حسين حتى ذبحوا وسحلوا في ثورة عبد الكريم قاسم عام 1958. وتوالت الانقلابات حتى استقر الأمر لصدام حسين في بغداد... . لكن الاكراد في الشمال وهم ليسوا قلّة، كانوا يشنون الحرب مطالبين باستقلال يشحنهم جارهم الفارسي الشاه محمد رضا بهلوي... حرب لم تهدأ منذ 1961 الا عام 75 عندما جمع الرئيس الجزائري بومدين الشاه وصدام. ولم تمض الا 4 سنوات حتى اطاح الخميني بالشاه... وفي سبتمبر80 اندلعت بين العراقوايران حرب ضروس استمرت ثماني سنوات اطلق عليها حرب الخليج الاولى... هل كانت امريكا محرضة؟ قيل ذلك... لكن ما لم يكشف عنه الا بعد سنوات هو ان الامريكان كانوا يعدون لاحتلال دول عربية عديدة منها العراق... توقفت حرب الخليج الاولى عام 88 ليدخل صدام في ازمة مع جارته الكويت تحولت الى غزو عراقي للامارة عام 1990... هل كانت السفيرة الامريكية في بغداد هي من اوعزت بذلك؟ قيل ان ذلك حصل... لكن ما حصل ايضا هو ان امريكا سارعت لشن الحرب على العراق فيما سمي حرب الخليج الثانية... ودمرت قوة البلد العسكرية والاقتصادية ونصبت مظلة جوية تقتطع الشمال للاكراد واخرى جنوبية للشيعة... وفرضت عقوبات على العراق أوهنته فيما كانت إيران تُراكِم القوة... وجاءت احداث سبتمبر الشهيرة في نيويورك فاتهمت القاعدة المتمترسة في افغانستان فتم احتلالها... ثم وجهت التهمة للعراق بدعم القاعدة وبصناعة اسلحة محرمة فزحفت القوات الامريكية لاحتلاله وتدميره. وفصلت للعراقيين نظام حكم ورتبت لتقسيمه الى ثلاث دويلات على الاقل ونظمت انتخابات عام 2011 وبات لها في بغداد من يحكم بامرها وينهب الثروات وينشر الفساد فيما اقتنص الاجوار الفرصة ليثبتوا لهم مواطئ اقدام... فكانت السعودية على رأس شق وكانت ايران شقا اخر... حصلت مقاومة اجبرت أمريكا على الانسحاب جزئيا لكن بعد توقيع ما سمي اتفاقية أمنية... وقامت باطلاق مرحلة الارهاب من القاعدة الى داعش ليغرق العراق في مستنقع دموي رهيب وتعود امريكا لتتموقع من جديد في مواجهة ايران التي اصبحت القوة الاكثر تاثيرا في البلد... ثم كانت انتخابات 2018 التي كرست السيطرة للجناح الايراني رغم مقاومة امريكية خليجية واسعة... ولم يجن العراقيون الا مزيدا من البؤس والفساد فتفجر الشارع غضبا ولا جدال في ان كل القوى المعنية دخلت على الخط في محاولة توليد حرب اخرى في بلد لم تتوقف فيه الحرائق عن التوالد.