سيدي الرئيس لست ضدّك، ولا معك الى حد اللحظة أنا في النقطة الفاصلة بين هذا وذاك. أنا ككل التونسيين يجرفني مجرى تيّار الأحداث المتلاطمة ولا أعرف في أية ضفة من الضفتين سيلقي بي إن لم يدفني في أوحاله حيّا. الوضع مستراب في جثومه على الرّقاب وتحرّكه على الصدور وحيثما التفتّ يقابلك عجز حلّه عصيّ على المعجزات لا أطلب منك يا فخامة الرئيس في غياب عصا موسى أن تتكئ لا على عصا الأئمّة ولا على عصا البوليس، وإنما أن تكون المتّكأ عليك تتكئ الدولة حتى تسترجع بعضا من أنفاسها لعلها تنهض وتبدل الخطوة بخطوة وهي التي تكلّست مفاصلها وانسدّت شرايينها بأتربة البناء الديمقراطي الفوضوي بدون رخصة وأنت المدعو الأول والأخير الى جهرها وتنظيفها واستئصال الأوحال منها. لا أطلب من فخامتكم جنّات الدنيا تجري من تحتها ينابيع زيت الزيتون وأودية النفط بين أزهار عملة البيئة اليانعة بفسفاط المناجم وحيث الحور يمارسن رياضة التزحلق على قمم جبال الملح. نحن قوم يا فخامة الرئيس قد يلدغ من جحوره مرارا ولكن لا نصدق من يعدنا بالجنّة في الدنيا فلقد وعدونا بها وصدقناهم ومضينا معهم الى أن توقفوا بنا على عتبة جهنّم. مطلبنا العاجل ليس البرد والسلامة يا سيادة الرئيس وإنما إيقاف حمّالة الحطب وتحجير دخول الغابة على أنصارها واحذرهم فقد يلجأون الى أن يأخذوا من كراذن وأوراق الانتخابات وقودا لشيّنا في جهنّم فهم على شبع وبطنة ولا يأكلون إلا الديمقراطية بالشعب المشوي.