لا حاكم في القبيلة إلا شيخها، وهو ما يقره دستور كل القبائل من الرحل في الأرض وفي الفكر في بنده الأول الذي ينص على أن «البل تمشي على كبارها» والكبر هنا هو كبر السن والمال وعدد الذرية من بني العشيرة ذوي الدم الواحد وإن اختلفت فصيلته إيجابية كانت أم سلبية أم غيرها. وشيخ القبيلة هو من يملك العصا لمن عصى وفي كل الحالات يبقى شيخ القبيلة هو العصا التي تتكئ عليها العشيرة وفي أغلب الأحيان إن لم نقل كلها يكون الشيخ هو في حد ذاته «زلاط» أعوج لا يستقيم له ظل بناء على الفصل الثاني من ذاك الدستور الذي يقر بأن «الأرنب ما يقتلها إلا الزلاط لعوج» ومن اعوجاجه تستمد القبيلة غنائمها في الصيد البري للأرانب.
ومن إديولوجية الاعوجاج تولد الشيوخ «الشايخة» على الدنيا الكلبة فيصبح الشيخ هو الرئيس القائد الأوحد وهو المشرع والآمر بالتنفيذ أي أنه يجمع السلطات الثلاث الرئاسية والتشريعية والتنفيذية بالتوافق مع نفسه دون سواها ولهؤلاء الشيوخ ديمقراطيتهم التي لا تخضع للانتخابات ولا لصناديقها ولا لأصوات الناخبين وإنما إلى الأغلبية وتحديدا إلى الغلبة إذ أن القبيلة الغالبة تحكم القبائل المغلوبة بمن فيها من تحالف منها مع الغالب حسب دستور صغير بالتوافق أيضا ينص على نصرة الأخ ولو كان ظالما وعلى الأقربين أولى بالمعروف وعلى أن «قطرة دم خير من ألف صاحب» وعلى أن «الصدقة ما تحل كان ما يتززى أهل الدار» وعلى أن «إلي عجبو عجبو واللي ما عجبهوش يشرب مالبحر» وما على الحليف إلا أن «يأكل خبزتو مسارقة» خاصة إذا كانت الخبزة خبزة «قاطو» في طبق «البي» يا با شاباي يا «بويا».
فالقبائل لا يحكمها صغار السن وإنما كبارها شيخوخة ولا يهم إن كانوا من أرشيف الأحباس المحبسة على الأولياء الصالحين أم من «دفتر خانة» ضمن أملاك العرش والأجانب وإنما المهم أن يبقى الناس «شايخين دايخين» إلى يوم الدين.