اختلفت قراءات نتائج مجلس شورى حركة النهضة في دورته الثالثة والثلاثين بين انقسام داخلي يتحفظ فيه البعض عن القرارات ويرى فيه البعض الاخر انفتاحا جديدا، وبين تفاعلات من خارج النهضة لم تلمس مؤشرات لحلحلة أزمة تشكيل الحكومة. تونس- الشروق : وخلص اجتماع الشورى الى ترشيح رئيسه راشد الغنوشي الى رئاسة البرلمان واقرار التمسك بحقها في تشكيل حكومة برئاستها مع استعدادها للتفاوض حول شخصية رئيس الحكومة وبرنامجها. فأي انعكاس لنتائج هذه الدورة على مستقبل تشكيل الحكومة والتي ستشهد مشاوراتها منعرج الحسم بداية من هذا الاسبوع بعد التكليف الرسمي؟ وبداية بالتداعيات داخل النهضة، فإن القرار لم يكن محل اجماع، فمن جهته صرح القيادي سمير ديلو بأنه سيمتنع عن خيار التصويت لترؤس راشد الغنوشي البرلمان، كما ابدى القيادي عبد اللطيف المكي تحفظات من القرار المذكور معتبرا انه في السياسة امكانية تحمل مسؤولية سياسات وقرارات ليس بالضرورة ان يكون موافقا عليها. الغنوشي يمد يده لبقية الاطراف وتفاعلا مع نتائج دورة الشورى قال عضو المكتب السياسي لحركة النهضة عبد الله الخلفاوي ل››الشروق›› أنه في الوقت الذي اختارت فيه الحركة ترشيح راشد الغنوشي الى رئاسة البرلمان، تمسكت فيه بحقها الدستوري والقانوني في تعيين رئيس الحكومة دون التنصيص على المواصفات المطلوبة سواء من داخلها او من خارجها وهي بذلك تمد يدها في رأيه لبقية الاطراف وتعبر عن استعدادها تجاوز عقدة الرئاسة في تشكيل الحكومة واضاف الخلفاوي بأن راشد الغنوشي لا يفتح الباب لتنازله عن حقه الذي يكفله الدستور والاعراف ضعفا، بل هو في رأيه اقتناع منه بان تحقيق الانتقال الاقتصادي والاجتماعي يحتاج الى نفس الروح من الشراكة والتعاون التي ساهمت في نجاح الانتقال السياسي، وتابع قائلا:»فهو يلقي الكرة في ملعب بقية الاطراف واذا كانت هذه الاطراف جادة في تحمل مسؤولية الحكم ومواجهة الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة فلتبادل التحية باختها فالشعب ينتظر حلولا عاجلة للغلاء والاحتكار وغياب الادوية وغيرها..» الحيلة في ترك الحيل ولا جديد يذكر في المقابل اعتبر الامين العام لحزب حركة الشعب في تصريح ل››الشروق›› أن مجلس الشورى لم يأت بالجديد، معتبرا أن موقف الحركة من الحكومة فيه تلاعب بالمفردات وغموض ومناورة سياسية بدائية حيث كان عليها تقديم مقترحات واضحة. وقال المغزاوي أن حركة الشعب قدمت تصوراتها بوضوح اثناء اللقاء الذي جمع قياداتها بممثلي حركة النهضة وهي مستعدة للتفاعل الايجابي مع المقترحات الواضحة، وتابع بالقول:›› نقول لحركة النهضة الحيلة في ترك الحيل، اذا لم تقدم النهضة مقترحات جدية للمشاورات ولم تستجب مع تصوراتنا فنحن غير مستعدين لهذه المناورات وما على الحركة سوى تحمل مسؤوليتها وتشكيل الحكومة›› واضاف المغزاوي أن حزبه سيقدم بعد غد الاربعاء مرشحه لرئاسة البرلمان، وذلك بالتنسيق مع حزب التيار الديمقراطي الذي سيؤسسون معه كتلة برلمانية مشتركة. لمسنا نوعا من المقايضة وبدوره عقد حزب التيار الديمقراطي امس اجتماعا لمكتبه السياسي، وقال عضو المكتب السياسي للحزب المكلف بالاعلام محمد العربي الجلاصي ل››الشروق›› أنه لمس من نتائج دورة الشورى الاخيرة كما لو ان هدف الحركة هو الاطمئنان على مصير رئيسها فضلا عن وجود نوع من المقايضة من خلال الاطمئنان على رئاسة رئيسها للبرلمان ومن ثمة التنازل مستقبلا في سياق اختيار رئيس حكومة مستقل. واضاف محمد العربي الجلاصي أن الحديث عن رئاسة البرلمان ورئاسة الحكومة والوزراء لا ينبغي له ان يطرح في مسارات منفصلة، مشددا على انه من المطلوب من حركة النهضة ان تبادر في الايام القادمة بطرح الاسماء وتجاوز مرحلة الاستماع الى المقترحات والاهم من كل ذلك الاجابة عن المقترحات التي تقدمت لها بخصوص شروط نجاح الحكومة المتعلقة اساسا باختيار رئيس حكومة مستقل عن الاحزاب الحاكمة وعرض برنامج حكم تفصيلي. في المحصلة، وقياسا بردود الفعل الاولية من نتائج دورة الشورى الاخيرة لم تنته اشغالها الى تسريع تشكيل الحكومة بشكل صريح بل انها اعادت خلط الاوراق قبل التكليف الرسمي الذي سيمثل منعرج الحسم للتعرف على مدى القدرة على تشكيل الحكومة من ناحية وتركيبتها من ناحية ثانية.