خارج الأُطر القانونية للعمل التشريعي، من المنتظر أن يكون البرلمان الجديد مساحة لخطابات سياسية مُغرقة في «الشعبوية «،شكلها شديد التوتّر ومضمونها مثير للصراعات، وأبطالها نواب عُرفوا بخطاباتهم المتطرفة . تونس «الشروق» أفرزت الانتخابات التشريعية مشهدا برلمانيا شديد التشتّت من ناحية الكتل البرلمانية التي ستؤثثه. أما في ما يتعلق بملامح النواب الذين سيصبحون من العناصر الأساسية في الفعل البرلماني على امتداد خمس سنوات فأغلبهم يتميزون بخطاب حاد اللهجة. وهو ينبئ بإمكانية التصادم في أغلب الجلسات العامة. يُجمع المراقبون للمشهد السياسي التونسي على أن البرلمان الجديد سيكون مساحة «فرجة « و»استعراض « عبر استعمال خطاب المعارضة وتأثيثه بكل ما يلزم من آليات الاتهام والنقد اللاذع واستعراض العضلات .. حتى أن البعض يعتبرون أن الجلسات العامة ستتحول الى مهرجانات خطابية . حجم المعارضة وما يزيد الامر اثارة للانتباه أن حجم المعارضة البرلمانية من المنتظر ان يكون اكثر عددا من المعارضة في زمن المجلس الوطني التأسيسي او البرلمان المنتهية مهامه، إضافة الى ان هذه المعارضة تنطوي على أصوات تعودنا سماعها في المنابر الإعلامية في سياقات التوتّر واثارة الصراعات والخلافات. ومن المنتظر ان تكون مداخلاتها في البرلمان مواصلة لنفس هذا السياق . ومن هذه الأسماء من كان يميّز خطاب المعارضة البرلمانية سواء في فترة عمل التأسيسي او البرلمان المنتهية مهامه. ومن ذلك من يمكن اعتباره صوتا جديدا، يضاف الى باقي الأصوات التي تعود التونسيون سماعها من تحت قبة البرلمان . عبّو وملفات الفساد من هذه الأسماء نائبة التيار الديمقراطي سامية عبو التي أصبحت رمزا لخطاب المعارضة في البرلمان بعد تجربة امتدت على ما يقارب الثماني سنوات، كانت خلالها سامية عبو من الأسماء التي لفتت الأنظار بخطابها الحاد وإثارتها عددا من القضايا المتعلقة بالفساد، ومطالبتها بالتحقيق مع عدد كبير من المسؤولين والوزراء. أشهر خطابات سامية عبو كانت في الجلسات العامة التي تحضرها الحكومة، او في جلسات طرح الأسئلة الشفاهية على الوزراء، في اطار ما ينص عليه الدستور من دور رقابي للنواب على الوزراء. وكثّفت عبو من استعمالها هذه الصلاحية حتى انها وجهت أسئلة الى أغلب الوزراء. وعرضت ملفات فساد فُتحت فيها تحقيقات وآلت الى نتائج مختلفة. موسي والموقف من «الاخوان» عبير موسي، نائبة الحزب الدستوري الحر هي أيضا من الأسماء التي ستؤثث البرلمان الجديد.وهي شخصية عُرفت بموقفها القطعي من حركة النهضة التي تشدد على توصيفها «بالاخوان «. وتتبنى عبير موسي خطابا حادا ضد النهضة وما تعتبرها «مشتقاتها «من الأحزاب الأخرى . عبير موسي من المنتظر ان تكون من بين الأصوات العالية في البرلمان، خاصة انها قررت منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية الانضمام الى المعارضة. وهي متمسكة بأن حركة النهضة تتحمل مسؤولية كل ما آلت اليه الأوضاع في تونس من تأزم. وهو ما يؤكد ان المواجهة بين النهضة وعبير موسي ستكون شديدة التوتّر . الرحوي والصراع مع النهضة منجي الرحوي نائب الجبهة الشعبية، تميّز الرحوي بقوة خطابه في كل ما يتعلق بالمعطى الاقتصادي وخاصة في قوانين المالية والميزانيات.واشتهر في سنوات عمل المجلس الوطني التأسيسي برفضه الزيادة في منح النواب. كما عُرف الرحوي بسلسلة من الصراعات مع نواب حركة النهضة بلغت حد «تكفيره» أيام صياغة الدستور. منجي الرحوي اصبح من ثوابت المعارضة البرلمانية، حتى انه ترأس لجنة المالية ما يقارب السبع سنوات. ومن المنتظر ان تكون المدة النيابية الجديدة للرحوي استمرارا للمسار الذي سار فيه على امتداد فترة عمل التأسيسي والبرلمان المنتهية مهامه . التبيني وسلسلة الصراعات فيصل التبيني، رئيس حزب صوت الفلاحين أحد اكثر النواب الذين كانت مداخلاتهم مثيرة للجدل في فترة عمل البرلمان الماضي. فالتبيني وجه انتقادات لاذعة الى الحكومة والنهضة وحتى الى رئيس البرلمان وجمعته سلسلة من الصراعات منذ بداية المدة النيابية الى آخرها . التبيني من اكثر النواب تمسكا بفساد أغلب حاكمي تونس، وبمسؤولية النهضة عن كل ما يحدث في تونس. وهو أيضا من النواب الذين يعتمدون على الخطاب «الشعبي « والمباشر ودون اللجوء الى اللغة الدبلوماسية. ومن المنتظر ان يكون التبيني من الأصوات العالية في البرلمان الجديد . مخلوف والخطاب «المتوتر « سيف مخلوف، الناطق باسم ائتلاف الكرامة، هو من اكثر الأسماء اثارة للجدل في الفترة الأخيرة. وهو شخصية صدامية لا يتردد في الدخول في أي خلاف، خاصة اذا تعلق الامر بمنظومة الحكم السابقة وبرموز الدولة انطلاقا من فترة ما بعد الاستقلال الى سنة 2011 . حضور سيف مخلوف في المنابر الإعلامية وتدخلاته أحدثت الكثير من الجدل في الفترة الأخيرة. وهو ما يؤشر على ان مداخلاته في البرلمان ستكون في نفس السياق. ولئن يعتبر ائتلاف الكرامة اقرب الكتل لمساندة الحكومة، فان خطاب سيف مخلوف سيكون موجها بالأساس الى من حكموا تونس على امتداد اكثر من ستين سنة . الحاجي وسنة «الدم» عدنان الحاجي، نائب الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي، كان من الأصوات العالية في البرلمان المنتهي. ومن اشهر خطاباته ما قاله في جانفي 2018، بأن تونس ستعيش سنة 2018 «سنة الدم « . ومن المنتظر ان يكون احد الأسماء المثيرة للانتباه، خاصة ان الحاجي يُعرف بخطابه الحاد وتوجيهه انتقادات حادة الى الحكومة وحركة النهضة . عدنان الحاجي كان من اهم الأصوات في البرلمان السابق. ويُنتظر ان يكون من الأسماء التي ستلفت الأنظار بحدة خطابها وبانتقادها اللاذع لكل من يُمثل السلطة. الجوادي والخطاب المتطرف رضا الجوادي، نائب ائتلاف الكرامة هو أيضا من الأسماء المثيرة للجدل. فالجوادي إمام سابق بمسجد سيدي اللخمي بصفاقس، اثار جدلا واسعا بمضمون خطاباته المتطرفة . ففي سنة 2015، وقّع حوالي 80 نائبا على عريضة مطالبة بفصله معتبرين أنه يمثّل خطرا على الأمن نظرا الى خطاباته المتطرفة ودعوته الى الفتنة ضد الدولة ورموزها. وبعد بضعة أشهر قام وزير الشؤون الدينية عثمان بطيخ بعزله بسبب ممارسته نشاطا نقابيا داخل المسجد تحت غطاء ديني فضلا عن خطاب كراهية ضدّ الوزارة.وتمّ استدعاؤه في 2018، من قبل الوحدة المختصة لمكافحة الإرهاب وتمّ اخلاء سبيله، بعد نشره تدوينة وصف فيها الجبهة الشعبية بكونها حركة إرهابية خاصة أن زعيمها حمّة الهمامي تلقى تهديدات بالقتل جرّاء هذا النوع من التدوينات التي تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي. برلمان لا يبشر بخير أكدت نائبة التيار الديمقراطي سامية عبو في تصريح اعلامي ان المشهد البرلماني القادم "لا يبشر بخير"،مشيرة إلى ان "المجلس سيجمع التطرف وشبهات الفساد و"الكناتريه" ورجال أعمال متورطين في قضايا"، مشددة على انها ليست مطمئة على وضع البلاد بمثل هذا المجلس.