تشتّت، فسيفساء انتماءات حزبية ،اختلافات حد التناقض.. سمات أساسية في ملامح مشهد برلماني مُنتظر، يؤشّر على فترة صعبة ستعيشها تونس، سيغلب عليها التوتّر والصراع. تونس «الشروق»: النتائج الأولية للانتخابات التشريعية، لا تنبئ بخير من حيث الكُتل التي أفرزتها وبنية البرلمان القادم والأسماء التي تمكّنت من حجز مقعد نيابي سواء بعدد هام من الأصوات أو بأكبر البقايا، فكل المؤشرات تؤكّد أن الملامح التي أنتجتها الانتخابات التشريعية تبدو غير متجانسة وغير قادرة على تشكيل هويّة واضحة للمؤسسة التشريعية. الأكثر تشتتا كل القراءات والمقاربات تؤكّد أن المشهد البرلماني المقبل هو الأكثر تشتّتا منذ سنة 2011، فالمشهد أيام المجلس الوطني التأسيسي كان أكثر انسجاما باعتبار توفّر حركة النهضة على كتلة تضم 89 نائبا وكان يكفيها التحالف مع كتلة المؤتمر من أجل الجمهورية (29 مقعدا) لتحقق الأغلبية المطلقة، لكنها فضلت إضافة حزب التكتل (21 مقعدا) وكان للترويكا الحاكمة حينها أغلبية مريحة . حتى البرلمان الذي انتهت مهامه كان أكثر تماسكا من البرلمان الحالي، بالرغم من أنه أصبح مشتتا في الدورتين النيابيتين الأخيرتين، فحزب النداء كانت له كتلة تضم 86 نائبا تليه حركة النهضة التي كان لها 69 نائبا، وهو ما يجعل الكتلتين قادرتين على الحكم وتحصيل الأغلبية لكنهما قررتا إشراك حزب الاتحاد الوطني الحر ( 16 مقعدا ) وافاق تونس ( 8 مقاعد) وكان لائتلاف السلطة اغلبية تجاوزت ثُلثي نواب البرلمان. توتر وصراع أما البرلمان المقبل فيمكن مقاربته في سياقين أساسيين ، السياق الأول يحيلنا الى تشتّت كبير يتمثّل في فوز عدد كبير من الأحزاب والقائمات الائتلافية بمقاعد وهو ما يجعل من المشهد داخل المؤسسة التشريعية بمثابة الفسيفساء الحزبية، والسياق الثاني يتمثل في أن الكتل التي ستؤثث هذا المشهد مختلفة فكريا حد التناقض حتى أن قيادات احزابها تبادلوا اتهامات التخوين والفساد في الحملات الانتخابية، ويبدو أن مسألة تجميعهم ليست بالامر الهيّن. تركيبة هذا البرلمان تُحيل إلى أسئلة حارقة حول الدور الذي يمكن ان تقوم به هذه المؤسسة ،في ظل انقسام وتشتّت واضح، وفي سياق خطاب سياسي متشنّج لعدد كبير من الأسماء التي تمكنت من حجز مقاعد فيها، وهو ما يجعل من فرضية قدرة هذا البرلمان على القيام بمهامه محل شك كبير ،خاصة وان الملفات التي تنتظره تتطلب أكبر قدر ممكن من التوافق والاتفاق. غياب الانسجام دور البرلمان في الفترة القادمة، وإمكانية اضطلاعه بالوظائف التي حددها له الدستور، أصبحت محل تساؤلات عدّة فتشكيل حزب سياسي يدعم الحكومة أمر شديد التركيب والصعوبة باعتبار حالة عدم الانسجام الفكري التي تميز علاقة الكتل المؤثثة له ،إضافة الى ان حجم هذه الكتل لا يساعد على تشكيل صورة منسجمة . أما عن وظيفة التشريع والتي تتطلّب قدرا كبيرا من المسؤولية تبدو صعبة في ظل البُعد العقائدي المُكثّف لبعض الكُتل، وهو ما يوحي بأن المهمة لن تكون سهلة . حدّة الخطاب السياسي الذي ميّز الحملات الانتخابية للأحزاب التي تمكّنت من الفوز في الانتخابات التشريعية، تؤشّر على انفتاح البرلمان القادم على سلسلة من الصراعات التي لا تنتهي منها ما يتعلّق بالهوية ومنها ما له علاقة بمشاريع الإصلاح وبالنصوص التشريعية التي سيتم تمريرها. «نجوم» البرلمان القادم فائزون كُثر يمكن توصيف خطابهم بالمتشنّج والمتوتّر، ومن المنتظر أن يؤثث هذا الخطاب النقاشات داخل البرلمان منهم الفائزون من ائتلاف الكرامة راشد الخياري وسيف مخلوف ورضا الجوادي، ومن حزب صوت الفلاحين فيصل التبيني، ومن التيار الديمقراطي سامية عبو ، وعن حزب الرحمة سعيد الجزيري ومن المستقلين عدنان الحاجي .. المصلحة الوطنية أبرز الرهانات المطروحة على البرلمان القادم، التخلّص من الانتماءات الحزبية الضيقة، ومن المرجعيات الفكرية التي تجعل من الكُتل البرلمانية جُزُرا معزولة عن بعضها البعض ولا رابط بينها، والبحث عن نقاط تقاطع بينها ومحاولة توسيع المشتركات وتقليص الاختلافات خدمة للمصلحة الوطنية. ذوبان الانتماءات والمرجعيات في الاستحقاق الوطني من أهم ما يُمكن أن يُطرح على نواب البرلمان القادم باختلاف انتماءاتهم، ونجاحهم في الوصول الى نقاط مشتركة لبرنامج عمل الحكومة وإلى ملامح مشتركة للنصوص التشريعية التي سيفرزها البرلمان، تبقى من أوكد الأولويات. لا يجوز أن يتولى طبيب توليد المرأة اعتبر رئيس حزب الرحمة الحاصل على عدد من المقاعد في البرلمان في تصريح تلفزي،انه من غير المعقول ان يشرف طبيب رجل على توليد النساء، مشددا على ضرورة ان تتولى طبيبة توليد النساء . سفير فرنسا لن يغادر سفارته هاجم الفائز في الانتخابات التشريعية عن ائتلاف الكرامة راشد الخياري السفير الفرنسي بتونس قائلا :›› ذلك الاقرع سفير فرنسا لن يغادر مقر سفارته مستقبلا» مضيفا أنه تلقى تحذيرات من محاولات اغتياله ولكنه لن يخاف أبدا من الموت.