قدمت الجمعية الثقافية لإحياء تراث الفنون التونسية، مساء السبت 09 نوفمبر الماضي بدار الثقافة ابن خلدون المغاربية بالعاصمة، العرض الأول لإنتاجها الكوريغرافي الفرجوي «الخمسة المغاربية». تونس (الشروق) رغم أن الإقبال الجماهيري، كان متوسطا مساء السبت الفارط بدار الثقافة ابن خلدون المغاربية، في عرض «الخمسة المغاربية» إلا أن الجمهور أشعل قاعة العرض بالتصفيق الحار والتفاعل الإيجابي مع هذا العرض المبهر، عرض عن فكرة وتصور لصاحبته شيراز العبيدي، وكوريغرافيا هيثم بوغانمي، وموسيقى بلال دقي، أثث مختلف لوحاته الراقصون والراقصات شيماء العوني، ومحمد علي عوني، وفرح عامري، وياسين قاسمي، وصفاء بوغانمي. عرض، أنجزته شيراز العبيدي بإمكانياتها الذاتية المتواضعة، لكن عشقها لما قدمت، وتناسق اللوحات، والأداء المقنع للراقصين والراقصات في مختلف اللوحات الفنية المغاربية المترابطة، والبالغ عددها 14 لوحة، إضافة إلى الملابس المغاربية التي تحاكي تراث دول المغرب العربي، تونس والجزائر وليبيا والمغرب وموريتانيا، جعلت من العرض تحفة مغاربية، مبهرة للعين، تستدعي أغاني لفنانين تونسيين وأخرى من الفولكلور الشعبي للبلدان المغاربية. في عرض «الخمسة المغاربية»، تلمس فكرة مشروع كبير، خانته أحيانا المادة، فالفساتين مكلفة، والتمارين مع عدد أكبر من الراقصين مكلف أيضا، وإعداد موسيقى خاصة بالعرض مكلف جدا، لكن بإمكانيات متواضعة جدا، تمكنت شيراز العبيدي من إبهار الجمهور بدار الثقافة ابن خلدون المغاربية بعرض مغاربي خالص، وشحته في الختام بروح افريقية في اللوحة قبل الأخيرة، قبل أن يبلغ التفاعل أقصاه في المشهد أو اللوحة الأخيرة. فاللوحة الأخيرة، كانت جدّ معبرة: 06 راقصين وراقصات، كل واحد منهم يرتدي لباساتقليديا لبلد مغاربي، بالإضافة إلى لباس فلسطيني، ويضع الشال الفلسطيني، يمسكون بأيدي بعضهم البعض ليشكلوا جميعا خطا أفقيا، كان كفيلا بتقديم لوحة راقصة على أنغام الدبكة الفلسطينية وتحديدا الأغنية التراثية «أنا دمي فلسطيني»، لوحة معبرة تفاعل معها الجمهور بحرارة كبرى، وكانت أفضل تحية لفلسطين من «الخمسة المغاربية» في عرضها الأول بدار الثقافة ابن خلدون المغاربية. ولعمري، لم يكن اختيار دار الثقافة ابن خلدون المغاربية اعتباطيا، بل لتسميتها المتضمنة لمصطلح «المغاربية» وللون المميز لقاعة العرض وهو اللون الأحمر القاني، والمتناسق كثيرا مع ألوان الملابس وحتى مع الأغنية الفلسطينية والرمزيات المراد إيصالها من هذا العرض المغاربي، أو من هذه «الخمسة المغاربية». وإلى جانب اللوحات الجميلة، والتي يمكن أن تكون أجمل لو توفرت المادة ولو حظي هذا العرض بدعم سلط الإشراف ببلادنا، على غرار وزارتي الشؤون الثقافية ووزارة السياحة، استمتع الجمهور أيضا بأغاني الفولكلور الشعبي الليبي والموريتاني والجزائري والمغربي، ومن الأغاني المعروفة في هذا الشأن أغنية «أصحاب البارود»، وأما الأغاني التونسية، والمعروفة لدى الجميع فمنها أغنية «اليوم قالتلي زين الزين» للفنان الراحل الهادي الجويني، وأغنية «شرقي غدا بالزين» للراحلة صليحة، وأغنية «هو يا أمة لسمر يا أمة» للفنانة الكبيرة نعمة. مشروع «الخمسة المغاربية»، عرض كوريغرافي فرجوي تثقيفي متميز يستحضرالموسيقى التراثية واللباس التقليدي في المغرب العربي، لكن بنفس ورقص معاصر، فيه دعوة جليّة، لاكتشاف نقاط التشابه والاختلاف بين هذه البلدان، وكانت المفاجأة في هذا العرض الربط الموسيقي عزفا وغناء للفنان التونسي محمد علي الخميري، ربط مدروس بين اللوحات بأغان مغاربية، ساعد الراقصين على تغيير الملابس فكان العرض متماسكا دون انقطاع، مما أضفى جمالية أكبر على جمالية العرض ككلّ...