جميل أن نشيد الجسور ونهيئ الطرقات لكن بأية شروط وآليات، لأن ما عانته تونس من فيضانات كارثية كان ناتجا في جزء كبير منه عن أمثلة التهيئة العمرانية الخاطئة وغير المدروسة وبالفساد في الصفقات تونس الشروق نزيهة بوسعيدي نفتح ملف الجسور والطرقات التي تم تشييدها في تونس وكانت مكسبا من مكاسب العهد السابق والحالي وأيضا سببا في الترفيع في حجم كارثة الفيضانات في عديد المناطق وخاصة تونس الكبرى وعندما نقف على الخسائر المادية والبشرية جراء الفيضانات نطلق صيحة فزع لاصحاب القرار الحاليين بان يتجندوا للحلول الاستباقية في المقام الاول والحلول الترقيعية للفساد وسوء التقدير الذي قام به المسؤولون. مشاريع ومخططات وزارة التجهيز والاسكان هي سلطة الاشراف المسؤولة عن كل مايهم الطرقات والجسور وأعدّت خارطة الفيضانات سنة 1986 والتي تبين درجة خطورة تعرض المدن للفيضانات وتم تحيينها سنة 1996 بخصوص أحواض الصب بالوسط والجنوب وتتوفر الدراسات لدى الإدارة المعنية ويتم تدعيمها وتحيينها سنويا بما يقارب عشرة دراسات. وتتلقى طلبات الجهات حسب الوضعيات التي تعيشها من جراء الأمطار الغزيرة وقد تطورت مشاريع الحماية المنجزة من مخطط إلى آخر من حيث أهمية التدخلات عددا أو حجما وكذلك من حيث الاعتمادات المرصودة. وقد بلغ عدد المشاريع المنجزة خلال المخططات الماضية 162 مشروعا شملت أكثر من 150 مدينة وتجمعا سكنيا وباعتمادات فاقت 220 مليون دينار. من بين المشاريع الكبرى التي تم إنجازها نذكر منها مشروعي حماية أريانة الشمالية ومدينة القيروان من الفيضانات الذي أنجز في إطار التعاون التونسي الياباني حيث أبرم قرض في الغرض بقيمة 38 مليون دينار. واشتمل على: أريانة الشمالية بإنجاز قنوات مغطاة وأخرى مفتوحة بطول 30 كم وإنجاز 04 أحواض لتجميع المياه ومدينة القيروان بإنجاز سد وقنال ترابين بطول 9 كم لتحويل مجرى وادي مرق الليل نحو وادي زرود إنجاز سدة ترابية بطول 7 كم على الجهة اليسرى لوادي زرود. أما المخطط الحادي عشر للتنمية فقد أقرّ إنجاز 40 مشروعا لحماية 52 مدينة أو تجمّعا سكنيا بتكلفة جملية قدّرت بحوالي 209 مليون دينار رصد منها لفترة المخطط ذاتها 115 مليون دينار، في حين سيحمل الفارق على المخطط الموالي: إجراءات وقائية وزارة التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية تتخذ جملة من التدابير والإجراءات للرفع من استعدادات وتأهب مصالحها لتأمين التدخلات خلال نزول الأمطار. وحرصا على الرفع من استعدادات وتأهب المصالح المختصة بوزارة التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية لمجابهة الطواري والكوارث وتأمين التدخلات الضرورية خاصة في مجال الطرقات وحماية المدن من الفيضانات في هذه الفترة والأشهر المقبلة التي تتميز بتهاطل الامطار بكميات هامة في فترات وجيزة أحيانا أذن وزير التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية نور الدين سالمي بتكوين فريق عمل فني من المصالح المعنية بالوزارة، عهدت إلى مهمة التنقل الى كل الولايات للوقوف على مدى استعدادات المصالح الجهوية والمركزية لمجابهة موسم الامطار والثلوج الى جانت زيارة حضائر مشاريع طرقية وحماية المدن من الفيضانات والنقاط الزرقاء بالطرقات المرقمة مع رفع النقائص والاختلالات الملاحظة ميدانيا في تقارير يتم متابعتها والحرص على تجاوزها في أقرب الآجال. وقد انطلق عمل هذا الفريق نهاية شهر أكتوبر 2019 حيث أدى 05 زيارات معاينة شملت ولايات (أريانة وصفاقس وقابس ومدنين وتطاوين وتمت برمجة تنظيم زيارات معاينة الى بقية الولايات وفق برنامج محدد ودعا الوزير كافة الهياكل المعنية مركزيا وجهويا الى اتخاذ التدابير الوقائية الازمة للحد من المخاطر والقيم بحملات نظافة متواترة وتعهد الطرقات والجسور وشبكات تصريف مياه الامطار الراجعة بالنظر للوزارة ومنشأت الحماية من الفيضانات، ووضع خطة عملية لمعالجة النقاط الزرقاء لتفادي تراكم مياه الأمطار مع تسخير كل الإمكانات الضرورية من ذلك وسائل ذاتية ومقاولات والمقاولات الصغرى للبرنامج التحفيزي ودعا الى تدعيم اليقظة وتكثيف المتابعة الميدانية لحالة الطرقات خاصة من قبل رؤساء الفروع والحفاظ المتواصل على جاهزية وقدرة المصالح المختصة للتدخل السريع والناجع عند الحاجة من خلال تعبئة الإمكانات البشرية والمعدات والوسائل المادية اللازمة في الغرض،وتوفير المعلومات والبيانات حينيا وبالدقة المطلوبة وتداولها مع الإدارة المركزية واحكام التنسيق ومواصلة العمل مع الهياكل الاخرى المعنية والسادة الولاة في إطار اللجنة الوطنية الدائمة أو اللجان الجهوية لتفادي الكوارث ومجابهتها وتنظيم النجدة طبقا للنصوص الجاري بها العمل. محمد القاسمي مكلّف بالطرقات والتجهيز ل«الشروق» مقاييس جديدة لتشييد الطرقات والجسور قال محمد القاسمي مكلف بالطرقات والتجهيز بوزارة التجهيز والتهيئة الترابية في تصريح ل "الشروق" ان ظاهرة التغيرات المناخية التي غزت عديد البلدان بالعالم ومنها تونس وماعرفته من تقلبات جوية تمت مناهضتها سنة 2016 و2017 و2018 وكانت قوية في نابل دفعت الوزارة الى اخذ العبرة واعادة النظر واخذ الاحتياطات اللازمة خاصة في الطرقات المرطبة التي توجد خارج مناطق العمران والتي تتطلب إعادة النظر في احتساب قياسات المنشأت الفنية والمنشات المائية التي يتم اعتمادها لانجاز الطرقات وتم اخذها في المشاريع الجديدة بعين الاعتبار باحتساب حجمها وتحديد حجم تأثيرها على المنشأة. واضاف انه تم الاخذ بعين الاعتبار معطى آخر الا وهو فترات العودة بمعنى انه يجب مثلا في الطرقات السيارة احتساب اكبر مطر نزلت خلال 100 سنة وفي الطرقات الوطنية والجهوية نأخذ بعين الاعتبار المدة الزمنية لنزول الامطار وسنوات العودة ل30 سنة و50سنة حتى نضمن عدم تأثرها بالعوامل المناخية والتي كانت سابقا 10 سنوات. وختم بان الوزارة مستقبلا سوف تأخذ بعين الاعتبار إضافة الى هذه العناصر الاساسية الهامة الدراسات المدققة وكل منطقة لها خصوصياتها الجغرافية والمناخية. جميل الحجري خبير في المناخ ل "الشروق" يجب التصدّي للفساد في صفقات الجسور والطرقات استهل الاستاذ جميل الحجري حديثه ل«الشروق» بالاشارة الى فيضانات سبالة بن عمار التي حدثت في 2007 كمثال عن انجاز مشاريع لم تراع محيطها فانجر عنها اضطراب في حركة سيلان الماء الطبيعي. وأضاف ان هذه الاشكاليات الكارثية رهينة ثلاثة عناصر أساسية وهي أولا الاضطراب في حركة المياه والسيلان الطبيعي لها في الاحواض المائية وأكبر مثال على ذلك الطريق السيارة ببنزرت وثانيا إشكالية اختيارية ويسموها ضرورية وهي قضية القناطر التي لا تستجيب للمواصفات وللكميات القصوى للماء السائل من مجرى الوادي أي عوضا عن تشييد قنطرة ذات سرير عال للابتعاد أكثر ما يمكن عن الماء يشيدون قنطرة بسرير سفلي لا تستجيب للحالات القصوى لنزول الامطار إضافة الى عدم الصيانة فيقع انسداد كلي لها وتصبح الامطار القليلة خطيرة ومع كل نزول لها خاصة في ظاهرة الرجوع الشرقي حيث المطر قوية يتجاوز الماء مستوى الوادي ليمثل خطرا على محيطه. والعامل الثالث والذي يعتبر السبب الرئيسي هو ان الانسان أيضا يمثل خطرا على نفسه عندما لا يحترم حرمة الوادي ويبني المساكن قريبا منه ويسكن في مناطق منخفضة تجمع وأكبر كارثة موجودة في العاصمة هي منطقة النخيلات التي هي في الاصل حوض لتجمع المياه وكذلك مناطق السيجومي التي يشيد سكانها المباني في مجال المياه. وعلى مستوى الاجراءات المتخذة قال: «مشكلتنا في تونس اننا نعالج الكوارث بعد حدوثها عوض ان نستبقها ونهيئ لها انفسنا فتصبح الكارثة صعبة جدا». واضاف ان المخاطرة الاحتمالية تساوي بمنطق المعادلات العامل المناخي ضارب الرهانات وهشاشة المحيط ونظرا لان العامل الطبيعي هو عامل قار فان الاشكالية بالنسبة الينا تتعلق بهشاشة المحيط والمتسبب الرئيسي هو الانسان سواء كان مسؤولا او مواطنا عاديا واشار الى انه على المستوى النظري كل شيء موجود ببلادنا والجهاز الذي يشرف على التهيئة الترابية متوفر ولكن هناك افتقار الى الدراية خاصة بعد 2011 اختلطت الامور واقتحم مجال البلديات غير المختصين والاكفاء وفي توصيفنا للوضع الراهن تحدث الكوارث لعدم القيام بالاجراءات الاستباقية الافضل والانجع فنتجه للحلول الترقيعية. وأكّد على مساهمة الفساد في الصفقات في تعميق الكارثة والذي وجب التصدّي له، حتى أن الكارثة التي حدثت في تاكلسة خلال السنة الماضية ناتجة عن فساد لان تشييد قنطرة لاتتجاوز صلوحيتها سنوات قليلة هو اكبر فساد. ولتفادي الكوارث قال لابد من التركيز على المخاطرة الاحتمالية والاستعانة بالخبراء في الرصد الجوي خاصة في اللجان الجهوية في الحماية من الكوارث حتى لايحدث ماحدث مع والي جندوبة الذي اخطأ قراءة خريطة الطقس وقال كنت اعتقد ان المطر لن تنزل في فرنانة بل في طبرقة او الكاف اضافة الى مراقبة مكاتب الدراسات للقيام بدراسات استشرافية ل30 سنة وليس ل5 سنوات كماهو معمول به في تونس وختم بان أصحاب القرار يجب ان يحرصوا مستقبلا على الكفاءات والمختصين لتفادي الكوارث الطبيعية.