تونس الشروق : ينطلق اليوم رئيس الحكومة المكلف حبيب الجملي في مشاوراته لتشكيل فريقه الذي سيعرضه على مجلس النواب لنيل الثقة ، في مهمة عسيرة بسبب عدم وجود دعم كبير الى جانبه علاوة على دقة المرحلة وما تحتاجه من تفكير وحسن تدبير. اختيار رئيس حركة النهضة لشخصية رئيس الحكومة المكلف حبيب الجملي جاءت بعد استنفاد الجهد في محاولة اقناع كل الاطراف السياسية ببعض الاسماء الاخرى ، ولكنها اصطدمت برفض مطلق منها اضافة الى رفض من المنظمتين الرئيسيتين اتحاد الشغل واتحاد الاعراف ، ورغم التصريحات الدبلوماسية التي اظهرتها المنظمتان فان عدم الحماس لبعض الاسماء والتمسك بجملة مكررة مفادها انهما يخيران شخصية تتمتع بالكفاءة والاستقلالية فهم على اساس انه رفض وتمنع. نصف مستقل تم الحسم اخيرا في تكليف شخصية قيل انها مستقلة ولكن الاحزاب المنافسة شككت في هذه الاستقلالية واعتبرتها مخاتلة من حركة النهضة باعتبار ان حبيب الجملي سبق ان عمل في حكومة الترويكا في خطة كاتب دولة للفلاحة علاوة على انه كان مرشح النهضة لوزارة الداخلية في حكومة الحبيب الصيد. وفي نفس الوقت لا يمكن الجزم ايضا بأنه من ابناء النهضة نظرا لاختفائه من المشهد السياسي بعد خروجه من حكومة الترويكا ولم يكن له اي موقع في هياكل حركة النهضة لا مركزيا ولا جهويا ولا حتى استشاريا ، وهو ما يمكن فهمه على اساس انه بعيد بعض الشيء عن ابناء الحزب والا لما كان يصل الى موقع كاتب دولة ثم لا يكون له وجود ضمن تركيبة اعضاء الحزب خاصة ان الجميع يعرف ان النهضة لا تفرط ابدا في ابنائها ولعل هذا ما دفع الكثيرين لاعتباره نصف مستقل. رئيس الحكومة حبيب الجملي صرح مباشرة بعد قرار تكليفه بانه مستقل عن كل الاحزاب ويعتبرها جميعا متساوية في فرص المشاركة والعمل ، كما صرح انه مستعد للتواصل مع الجميع ودون اقصاء الا لمن يرفض المشاركة ورغم ان هذا التصريح قد يعتبره البعض ايجابيا فانه يحمل كثيرا من المصاعب عند التنفيذ. السند المفقود اول هذه الصعوبات تتعلق بفقدان السند النيابي ، اذ ان الشخص الذي لا كتلة نيابية تمثله سيجد نفسه معزولا عن الدعم اللازم لتمرير خياراته ، فالاستقلالية لا تعني دائما انها ايجابية ويمكن ان تتحول الى نقطة ضعف للحكومة ، كما ان الاستقلالية تفيد ان المسؤولية ستوضع على عاتقه لوحده ان اصاب فله وان اخطأ فعليه ولا يتحمل الحزب الذي اقترحه الا جزءا يسيرا يتمثل في خطأ الاقتراح فليس من المعقول محاسبة حزب على مرشح ليس من ابنائه ولا يمثل خياراته الا في مستواها الادنى. وينضاف الى صعوبة المهمة الفتور الذي ابدته منظمتا اتحاد الشغل واتحاد الصناعة والتجارة اللذين اعتبرتا ان هذا التعيين يحتاج الى بعض الوقت للحكم عليه وذلك بعد تبين الفريق المقترح وطريقة اختياره ، كل ذلك وعلى صعوبته لا يساوي شيئا امام صعوبة الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد وامام ضرورة فتح الملفات الثقيلة التي لم يعد من المحتمل بقاؤها مؤجلة الى ما لا نهاية مثل اصلاح القطاعات الحيوية كالتعليم والصحة والنقل. علاوة على أزمة المديونية التي تكاد تعصف باستقلالية القرار الوطني. هي ولا شك عقبات كثيرة ومطبات لا تنتهي يحتاج النجاح في حلحلتها شخصية قوية قادرة على فرض استقلاليتها الفعلية مضافا اليها الدعم الشامل من كل الاطراف السياسية والاجتماعية والشعبية وهو ما لا يلوح توفره في الوقت الحاضر.