تونس/الشروق كشف برنامج تلفزي مؤخرا عن جريمة خطيرة تمس صحة التونسيين تتمثل في إعادة إدخال لحوم بيضاء وحمراء للدورة الاقتصادية بعد إتلافها. تلك اللحوم غادرت على ايادي «البرباشة» المصب البلدي ببرج شاكير لتدخل مجددا الى السوق والدورة الاستهلاكية والى مطابخ وبطون من اقتناها إمّا جهلا بمصدرها أو تقليلا من خطورتها. اضطرّ الصحفي في الروبرتاج المذكور الى التنكّر والقفز من حائط المصب والاقتراب رويدا رويدا من»"البرباشة" حيث وثّق كيفية حصولهم على تلك الكميات من اللحوم التي يتم اتلافها من الدواجن ولحوم الابقار. وتضمّن البرنامج شهادة لاحد «البرباشة» وهو يقول إنّ تلك اللحوم «نظيفة» وان إعادتها للدورة الاقتصادية تتم بعلم من مشتريها ومن مستهلكيها. يمضي الصحفي لاحقا لتتبع تلك البضاعة ليقتنيها من إحدى المنازل في حي شعبي حيث طُحِنت حياة المهمّشين بأزمة اقتصادية واجتماعية جعلتهم ضحايا لسماسرة خلقوا دورة اقتصادية جديدة على حساب سلامتهم الصحية. ولا يتوقف الامر عند حادثة «برباشة اللحم» وفقا لعنوان الروبرتاج بل إن فيديوهات أخرى كثيرة وصورا منشورة في مواقع الميديا الاجتماعية توثّق تجاوزات إعادة مواد غذائية الى الدورة الاقتصادية إثر إتلافها. روتين يومي يقول لطفي الرياحي مدير المنظمة التونسية لارشاد المستهلك إنّ المنظمة تتلقى شكاوى مشابهة بشكل يومي موضحا ل»الشروق» ان «هذه الجريمة الخطيرة التي رأيتموها في البرنامج التلفزي هي روتين يومي في عملنا صلب المنظمة وهناك جرائم أخرى أخطر تحدث بشكل عادي وبطريقة قانونية امام انظار الجميع فإن كان بعض المستهلكين طالتهم لحوم «البرباشة» في برج شاكير واستهلكوا لحوما فاسدة تم اتلافها فإن البعض الآخر استهلكوا لحوم ابقار مصابة بالسل وبالكثير من الامراض الأخرى فجميع المسالخ في تونس لا تستجيب لشروط الصحة والسلامة المهنية وفي المقابل هناك مخطط مديري يتم الاعداد له منذ عشرات السنين». وأضاف لطفي المرايحي ان إعادة مواد غذائية فاسدة وتم اتلافها للدورة الاقتصادية امر «تتحمل مسؤوليته كل الأطراف التي لم تحترم تراتيب اعدام المواد الغذائية فإعادة لحوم فاسدة للدورة الاقتصادية تمّ من مصب بلدي فهل تمت محاسبة هذا المصب؟ طبعا لا ولا احد سيُحاسب والمسؤولية كالزئبق تمرق من أحد لآخر دون ان يتحملها احد». وأوضح الرياحي ان منظمته تضم 15 الف منخرط من المستهلكين وهي تقوم بدورات تكوينية تثقيفية للتصدّي للتجاوزات والغاية هي احداث ثقافة استهلاكية جديدة يكون فيها المستهلك واعيا بحقوقه وواجباته. عقوبات من جهته قال الدكتور محمد الرابحي رئيس الهيئة الوطنية للسلامة الصحية وجودة المنتجات الغذائية، صادق البرلمان خلال شهر فيفري الماضي على احداثها ومن مهامها مراقبة السلامة الصحية وجودة المواد الغذائية واغذية الحيوانات وكذلك مراقبة الصحة النباتية والصحة الحيوانية من الإنتاج الاولي الى التوزيع بما في ذلك عمليات التوريد والتصدير، إنه أعاد مشاهدة «الروبرتاج» المذكور وان «الامر لا يبدو واضحا إذ ان الصورة توثق لكميّة صغيرة من لحوم الدواجن وان تلك اللحوم يتم ترويجها في منزل وبالتالي لا تباع في محلاّت ورغم ذلك بادرنا بالاتصال بالفضاءات التجارية الكبرى لتذكيرهم بضرورة الالتزام بقواعد اتلاف المنتوجات الغذائية وتتبع تلك المنتوجات المتلفة كما نسّقنا مع وزارة البيئة والوكالة الوطنية للتصرف في النفايات للتاكيد على ضرورة احترام قواعد وشروط اتلاف المواد الفاسدة فالمسؤولية يتحملها بدرجة أولى من لم يحترم شروط الاتلاف». كما قال الرابحي إنّه مطلوب من المواطن ان يبتعد عن اقتناء المواد التي يحتاجها من المحلات العشوائية باعتبارها تشتغل بعيدا عن اعين الرقابة من حيث استعمال المواد الأولية ومن حيث المنتوجات التي يتم ترويجها وهي منتوجات بعيدة عن شروط حفظ الصحة مؤكدا ان الهيئة التي هي بصدد التركيز على المستوى الإداري وبانطلاق نشاطها ستُمهِل كل مستغل مدة لاعلام الهيئة ومن لا يتولى التسجيل سيلاحق بخطايا بمئات الملايين وعقوبات سجنية. كما قال ان اول نشاط للهيئة سيكون على مستوى تنظيم عملية اتلاف المواد الغذائية على عين المكان أي داخل الفضاءات التجارية وفي المصانع حتى لا تخرج الى المصبّات البلدية ولا تصل الى من يريد إعادة إدراجها في الدورة الاقتصادية.