المهدية ذات الماضي العريق التي عرفت قديماً برأس أفريقيا. فقد كانت ميناءً فينيقياً قديماً، وتلت قرطاج ثم القيروان كعاصمة لتونس في القرن العاشر الميلادي. وتم تشييد هذه المدينة على شبه جزيرة تمتد في البحر الأبيض المتوسط شرق تونس، وتستمد بهاءها من بحرها الجميل وشواطئها الخلاّبة، ومدينتها العتيقة التي تتسم بحركيّة دائمة وتجارة لا تنقطع.، تشتهر كوجهة سياحية رئيسية وكمدينة لصيد البحر ونسج الحرير. وأصبحت المهدية إحدى عواصمتونس تاريخياً، فيعود ذلك إلى أنه عندما غادر عبيد الله المهدي مدينة القيروان سنة 912 وقرّر أن يختار مدينة أخرى تكون عاصمة لملكه. وحسبما تذكر الروايات، فقد أشار عليه الخبراء بأن يقيم عاصمته على شبه الجزيرة التي كانت ميناءً قديماً للقرطاجنِّيين. فأقام على ذلك الموقع عاصمته هذه، التي اختار لها اسم المهديّة، وشيّد حولها الأسوار، وجعل عند مدخلها بواّبة ضخمة، تحمل حاليّا اسم «السقيفة الكحلة» أي المظلمة. وقد حوت المدينة في عهد عبيد الله المهدي، كغيرها من المدن التي أسسها المسلمون في مختلف الأمصار، مركز الخلافة وقصر الخليفة والمسجد الجامع ودواوين السلطة والدكاكين ومحلات الحرفيّين مثل النسّاجين والحدّادين والصاغة. إلا أنه كان على كل هؤلاء العاملين المبيت في حيّ خارج أسوار المدينة يدعى «الزويلة تتحوّل بوابة السقيفة الكحلة سوقا أسبوعية كل يوم جمعة في المدينة، يعرض النساء اللّواتي يشتغلن بالحياكة والتطريز والنسيج، منتجاتهنّ من الملابس التقليديّة الغاية في الجمال، ومنسوجاتهن المصنوعة من الحرير المذّهب، ومصوغاتهن التقليدية ذات التصاميم المتنوعة. وتمثل زيارة هذه السوق فرصة للاطلاع على هذه الصناعات التقليديّة النسويّة، التي تمثّل إحدى العلامات المميّزة للصناعات التقليديّة التونسيّة. وتتميز المهديّة بذلك البهاء التقليدي المميّز للمدن البحريّة، فهي تضم ميناء صيد بحري يعد أحد أهم الموانئ في تونس، ممّا يجعل ليالي الصيف في هذا المدينة تتحوّل عند مغادرة سفن الصيد باتجاه البحر، إلى مناسبات فرح رائقة وممتعة،