سيكون الأسبوع الأخير من شهر نوفمبر الجاري مسرحا لتحرك وطني ضد العنف المسلط على النساء في عدد من الولايات لوقف هذا النزيف الذي يرفض ان يتوقف. تحرك يتزامن مع الاحتفال الدولي باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المراة الموافق ل25 نوفمبر من كل عام. تونس(الشروق) رغم اختلافه عربيا باعتبار توفر المناخ التشريعي الداعم لحرية النساء ومقاومة العنف ضدهن في تونس إلا ان السياق التونسي الذي تحلّ فيه الذكرى الدولية للاحتفال باليوم العالمي لمكافحة العنف ضد المرأة يبدو مختلفا فالعنف في طريقه نحو الزيادة والتحرّش بات أمرا واقعا وتزايد الخطاب السياسي والإعلامي المهادن مع العنف والمخفف لوطأته حتّى رأينا من يرقص على أنغام وكلمات مغنيّ راب يدعو في اغنية الى الاغتصاب الجماعي لإعلامية (اختلفت معه في الرأي) مقابل صمت واضح من قبل النيابة العمومية. مؤشرات شرحا لكل ما سبق تشير ارقام جمعية النساء الديمقراطيات الى انّ الجمعية استقبلت 421 ضحية عنف (نساء معنّفات) تم التعهّد بهنّ طيلة عام 2018. هذا الرقم شهد ارتفاعا خلال العام الجاري فقبل ان تنتهي السنة زاد عدد الضحايا المتعهد بهنّ ليصل الى اكثر من 550 امراة معنفة. ما يعني زيادة نزعة العنف وهو ما تقرّ به تقارير اغلب المنظمات من ذلك التقارير الشهرية التي يصدرها المرصد الاجتماعي حول العنف. والخطاب السياسي ذاته الذي هيمن على مناخ الحملة الانتخابية للرئاسية والتشريعية شرّع الباب للعنف فكانت الوجه الإعلامي مايا القصوري ضحيّة لخطاب عنيف جدا في مواقع التواصل الاجتماعي بلغ حدّ تشويهها وتهديدها. مناخ لم تواجهه منظمات المجتمع المدني بالصمت بل تم اطلاق حملة "انا زادة" لمناهضته في اكثر الفضاءات التي تشهد عنفا وتشويها للنساء في تونس وهي فضاءات شبكات التواصل الاجتماعي. وكانت أولى التحركات يوم 13 نوفمبر الجاري امام مبنى البرلمان رفضا لمنح الحصانة للنائب الذي تلاحقه شبهة التحرش قادتها ناشطات من منظمة أصوات نساء. كما خصّت المنظمة حملة "انا زادة" بمجموعة مغلقة في موقع فايسبوك تضم 25 الف مشارك بعد شهر من اطلاقها كما تضم 17 الف منشور وفيها قصص وشهادات حية حول حوادث تحرش عاشتها النساء في فضاءات عامة وخاصة ومنها فضاءات العمل. وتقول سارة بن سعيد القيادية في منظمة أصوات نساء ان اطلاق الحملة يأتي اثر حادثة التحرش التي تعرضت لها تلميذة قاصر على يد نائب في البرلمان وتعبيرا عن التضامن معها معربة عن استغرابها من كمّ قصص التحرش الواردة على المنظمة والمسكوت عنها. وفسرت ظاهرة التحرش بالهيمنة الذكورية والتسلط الذكوري الذي يعطي "الحق" في ممارسة العنف على المرأة. تحرّك وطني تشير الأرقام الى ان أكثر من 90 بالمئة من مستعملات وسائل النقل العمومي يتعرضن للتحرش الجنسي في تونس كما تشير دراسة صادرة عن مركز البحوث والدراسات والتوثيق والاعلام حول المرأة (كريديف) صادرة في العام 2016 الى ان أكثر من 80 بالمئة من ضحايا العنف لا يشتكين وان امرأة على اثنين تتعرض للعنف. والى جانب حملة "أنا زادة" التي أطلقتها منظمة أصوات نساء تنظم الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات مدعومة ب25 منظمة ناشطة في المجتمع المدني من بينها الشبكة الاورمتوسطية لحقوق الانسان والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تحركا وطنيا لمناهضة العنف المسلط على النساء ستكون انطلاقته الاثنين 25 نوفمبر بصفاقس يليه تحرك ثاني في سوسة بتاريخ 26 نوفمبر ثم تحرك ثالث في القيروان بتاريخ 27 نوفمبر وصولا الى العاصمة بتاريخ 30 نوفمبر. وسيكون شعار هذا التحرك "لا عنف بعد اليوم". وخص الاتحاد الدولي للشبكات هذا العام الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة العنف ضد المراة بتسليط الأضواء على الاتفاقية 190 لمنظمة العمل الدولية التي تخص العنف والتحرش في عالم العمل والمعتمدة ضمن اتفاقيات منظمة العمل الدولية منذ جوان 2019. وتوفر هذه الاتفاقية حماية للمراة في العمل والتصدّي للعنف والتحرّش في العمل وأيضا خارجه. وكانت منظمة الأممالمتحدة قد حددت 25 نوفمبر يوما دوليا للقضاء على العنف ضد المراة في العام 1999 داعية الحكومات والمنظمات لتنظيم فعاليات هذا اليوم المخصصة للتعريف بهذا العنف المسلط على النساء الامر الذي يمكّن من التصدّي له. كما كانت المنظمة قد اطلقت في العام 2008 مبادرة اطلقت عليها تسمية "مبادرة اتحدوا لانهاء العنف ضد المراة" هدفها التحسيس بهذا النوع من العنف وللتحريض على وضع سياسات تتصدى له.* يسرى فراوس (رئيسة النساء الديمقراطيات) هناك خارطة للعنف الاقتصادي المسلّط على النساء تونس(الشروق) قالت يسرى فراوس رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات إن تونس اصبح لديها منذ العام 2017 قانون شامل للقضاء على العنف ضد النساء وهو من افضل التشريعات في العالم ولكن "هناك مناخ كامل نعيشه اليوم اصبح يبسّط العنف ويسطّحه" وأوضحت ان هذا المناخ يتضح من خلال ما يُنشر في فايسبوك ومن خلال الخطاب السياسي وكذلك في بعض الأغاني إذ "هناك وحوش تقوم بالدعاية للاغتصاب والعنف". وأكدت فراوس انّ امراة على اثنين تتعرض للعنف وفقا لدراسة حديثة وان اكثر من 80 بالمئة من النساء يفضلن عدم التشكّي وفقا لدراسة اعدها كريديف عام 2016 وان وزارة المراة قالت إن هناك 40 الف شكاية تم تقديمها في اطار العنف ضد المراة "ولكننا لا نعلم ما هو مصير هذه الشكايات". وشددت على القول في تقديمها للتحرك الوطني المزمع تنظيمه أيام 25 و26 و27 و30 نوفمبر الجاري في كل من صفاقسوسوسةوالقيروانوتونس ان الخطاب السياسي بات متصالحا مع العنف ويشحن الناس ضد بعضها البعض وان هناك مؤسسات لم تقم بعدُ بدورها وان قضاة محافظين مازالوا يعتمدون المجلة الجزائية كمرجع ويتعللون كي لا يصدروا اذون حماية. ووصفت فراوس مكافحة العنف ضد المراة بمكافحة الإرهاب قائلة "النيابة العمومية لن تظلّ صامتة إذا ما صدر عن وزير العدل قرار رسمي بأن مكافحة العنف ضد المراة يرتقي الى مستوى مكافحة الإرهاب". كما قالت ان العنف الجنسي اتخذ ابعادا وحشية وان التحرش في فضاءات العمل اصبح ظاهرة مشيرة الى تواجد خارطة لانواع العنف الاقتصادي المسلط على النساء وربطت زيادة العنف بزيادة مستوى الفقر. وقالت فراوس إن المشاركين في التحرك الوطني سيرتدون أزياء سوداء ويحملون مكانس في إشارة الى كنس العنف من البلاد. وأضافت فراوس "صحيح ان القانون جاء فعليا ووفّر مناخا جيّدا لتغيير المناهج العلمية ولتكوين وحدات امنية مختصة ولكنها دون إمكانيات ولكن ميزانية العام الجديد لا تدل على أي مكافحة للعنف ضد المراة من ذلك عدم وجود أي إشارة لازمة نقل النساء العاملات في القطاع الفلاحي في ميزانية وزارة النقل".