تونس (الشروق) قدم زياد العذاري الامين العام لحركة النهضة يوم امس استقالته من منصبه الحزبي ومن عضوية المكتب التنفيذي جملة عبر رسالة ارسلها الى رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي نشر جزءا منها عبر صفحته على الفايسبوك . وقد علق في نص الرسالة على جملة من المواقف التي اتخذتها حركة النهضة وقال انه لم يعد ينسجم معها وعلى راسها الخط السياسي الجديد وعلى راسه الخطاب السياسي الذي لا يتوافق معه ويقصد به الخطاب الثوري الذي تم اعتماده خلال الانتخابات التشريعية وظن كثيرون انه سيتغير بعد الانتخابات ويتم العودة الى صوت العقل والحكمة التي طبعت مسار خيار التوافق الذي سلكته النهضة طيلة السنوات الاخيرة وتمكنت عبره من تجنيب البلاد والحزب قلاقل كان من الممكن ان تغير كثيرا من الواقع الحالي الذي تعيشه . ويشهد اغلب اعضاء حركة النهضة ان العذاري كان دائما قريبا من خط التوافق والعمل المشترك مع كل الحساسيات بعيدا عن التصنيفات الضيقة الحاضرة او الماضية .ولكن خياراته كانت كثيرا ما تصطدم بجبهات رفض من الاغلبية في مؤسسات القرار الشورية. احترام ورغم ان كثيرا من ابناء النهضة يؤاخذون العذاري على ادائه سواء في الحكومات المتعاقبة او على مهمة الامانة العامة التي لم يوفق كثيرا فيها بسبب النقص في التواصل الناتج عن كثرة مشاغله وعدم قدرته على التوفيق بين مهام الحكومة ومهام الحزب، فإن الجميع داخل النهضة يكنون الاحترام والتقدير للعذاري بسبب انضباطه التام وتفانيه في عمله وعدم خوضه في التجاذبات الداخلية التي كثيرا ما برزت على السطح . كما يُعدّ احد ابرز الثقاة عند رئيس الحركة وموضع تقديره الخاص . لذلك يعتقد كثيرون ان الغنوشي لن يقبل استقالته وحتى ان قبلها فالى حين تهدأ الامور وتتوضّح الصورة في الحكومة. التشكيلة الحكومية اساس المشكل العذاري عبر ايضا على عدم رضاه عن المسار الذي ذهبت اليه حركته في اختيار شخص رئيس الحكومة وفي الخيارات التي تنتهجها لتشكيل فريق الحكومة وهنا بالذات يبدو مربط الفرس اذ تتداول في كواليس حركة النهضة بعض الاسماء المرشحة لان تكون اعضاء في الحكومة المقبلة ويبدو ان اسم العذاري غير موجود ضمنها ولعل هذا احد الاسباب المباشرة التي افاضت الكاس عنده وجعلته يحزم قراره باالاستقالة خاصة ان الخيار عند حركة النهضة ان لا تشارك بوجوه قديمة شاركت في الحكومات السابقة ورغم الاختلاف في تقييم ادائها فان الاحزاب المشاركة في المفاوضات تشبثت بعدم مشاركتها واعتبرت كل الاعضاء في الحكومات السابقة عناوين للفشل ، وحتى تتفادى النهضة مأزق الرفض منها عزمت على ابعاد كل الوجوه المعروفة ومن بينها زياد العذاري. زياد العذاري يبقى قيمة ثابتة داخل حركة النهضة ويبقى محل تبجيل لدى رئيسها راشد الغنوشي ولعل الايام القادمة تغير الموقف بعد ان تنتهي مهمة تشكيل الحكومة على الوجه المطلوب .* نص التوضيح الذي نشره العذاري على صفحته أكد الأمين العام لحزب حركة النهضة زياد العذاري استقالته من كل مسؤولياته بالحركة مضيفا بأنه قدم نص الاستقالة الى رئيس الحركة راشد الغنوشي منذ بداية الاسبوع الفارط. وأوضح العذاري امس انه ابلغ رئيس الحركة راشد الغنوشي انه غير معني مستقبلا باي خطة اخرى في قيادة الحزب او الكتلة او اي مسؤولية في الحكومة القادمة، لافتا الى ان الغنوشي رفض الاستقالة التي تمسك العذاري الى حدود اللقاء المشترك بينهما اول امس. وأرجع العذاري استقالته الى ما وصفه بالخيار الاضطراري قائلا: "لم يكن القرار سهلا ولكن بعد تفكير عميق اجدني هذه المرة مضطرا للتخلي عن كل مسؤولية حزبية او حكومية لانني غير مرتاح البتة للمسار الذي أخذته البلاد منذ مدة و بخاصة عدد من القرارات الكبرى للحزب في الفترة الاخيرة". وأضاف العذاري انه كان على اختلاف مع مواقف داخل حركة النهضة وخيارات اخذتها مؤسسات الحزب على غرار ملف تشكيل الحكومة القادمة الذي اعتبره يعيد انتاج اخطاء سابقة وتابع بالقول: "كنت اعتقد ان الحكومة القادمة يجب ان تكون حكومة اصلاح وانجاز نتعظ فيها من أخطاء الماضي، لا مكان فيها لا للمحاصصة ولا للهواية ولها معرفة دقيقة بالملفات وبتحديات البلاد وأولوياتها لتنكب مباشرة على العمل لتحقيق نتائج ملموسة... وذهب مجلس الشورى فيما قدره اصلح. احترمنا القرار وانضبطنا له احتراما للمؤسسات ولتقاليد العمل الجماعي ولكن اجدني شخصيا في النهاية عاجزا على المواصلة في ظل مسار يضعنا اليوم ويضع البلاد على سكة محفوفة بالمخاطر لا نعرف تداعياتها وكلفتها على البلاد ". وخلص العذاري في التدوينة التي نشرها مساء امس الى انه وقف عاجزا في امكانية مواصلة المشوار وتحمل اي خطة حزبية او حكومية في مثل هذه الظروف مضيفا بأنه سيبذل قصارى جهده للحفاظ على أمانة التكليف كعضو في البرلمان وانه سيرد الامانة في صورة العجز في مهامه النيابية.