عاجل/ هذا ما قرره القضاء في حق سنية الدهماني..    فيديو - سفير البرازيل :'' قضيت شهر العسل مع زوجتي في تونس و هي وجهة سياحية مثالية ''    كيف نختار الماء المعدني المناسب؟ خبيرة تونسية تكشف التفاصيل    منذ بداية السنة: تسجيل 187 حالة تسمّم غذائي جماعي في تونس    الكاف: فتح مركزين فرعيين بساقية سيدي يوسف وقلعة سنان لتجميع صابة الحبوب    عاجل/ آخر أخبار قافلة الصمود..وهذه المستجدات..    معرض باريس الجوي.. إغلاق مفاجئ للجناح الإسرائيلي وتغطيته بستار أسود    دورة المنستير للتنس: معز الشرقي يفوز على عزيز دوقاز ويحر اللقب    من هو الهولندي داني ماكيلي حكم مباراة الترجي وفلامينغو في كأس العالم للأندية؟    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    243 ألف وحدة دم أُنقذت بها الأرواح... وتونس مازالت بحاجة إلى المزيد!    كهل يحول وجهة طفلة 13 سنة ويغتصبها..وهذه التفاصيل..    ابن أحمد السقا يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    الحماية المدنية: 536 تدخلا منها 189 لإطفاء حرائق خلال ال 24 ساعة الماضية    ضربة "استثنائية".. ما الذي استهدفته إيران في حيفا؟ (فيديو)    رفض الإفراج عن رئيس نقابة قوات الأمن الداخلي وتأجيل محاكمته إلى جويلية المقبل    صاروخ إيراني يصيب مبنى السفارة الأمريكية في تل أبيب..    الإتحاد المنستيري: الإدارة تزف بشرى سارة للجماهير    وفد من وزارة التربية العُمانية في تونس لانتداب مدرسين ومشرفين    خبر سارّ: تراجع حرارة الطقس مع عودة الامطار في هذا الموعد    10 سنوات سجناً لمروّجي مخدرات تورّطا في استهداف الوسط المدرسي بحلق الوادي    كأس العالم للأندية: برنامج مواجهات اليوم الإثنين 16 جوان    اليوم الإثنين موعد انطلاق الحملة الانتخابية الخاصة بالانتخابات التشريعية الجزئية بدائرة بنزرت الشمالية    كأس المغرب 2023-2024: معين الشعباني يقود نهضة بركان الى الدور نصف النهائي    تصنيف لاعبات التنس المحترفات : انس جابر تتراجع الى المركز 61 عالميا    باريس سان جيرمان يقسو على أتليتيكو مدريد برباعية في كأس العالم للأندية    النادي الصفاقسي: الهيئة التسييرية تواصل المشوار .. والإدارة تعول على الجماهير    طقس اليوم..الحرارة تصل الى 42..    تعاون تونسي إيطالي لدعم جراحة قلب الأطفال    قتلى وجرحى بعد هجمات صاروخية إيرانية ضربت تل أبيب وحيفا..#خبر_عاجل    الاحتلال يستهدف مقرا للحرس الثوري في طهران    باكستان تتعهد بالوقوف خلف مع إيران وتدعو إلى وحدة المسلمين ضد "إسرائيل"    صفاقس : الهيئة الجديدة ل"جمعية حرفيون بلا حدود تعتزم كسب رهان الحرف، وتثمين الحرف الجديدة والمعاصرة (رئيس الجمعية)    النفط يرتفع مع تصاعد المواجهة في الشرق الأوسط.. ومخاوف من إغلاق مضيق هرمز    بعد ترميمه فيلم "كاميرا عربية" لفريد بوغدير يُعرض عالميا لأوّل مرّة في مهرجان "السينما المستعادة" ببولونيا    بوادر مشجعة وسياح قادمون من وجهات جديدة .. تونس تراهن على استقبال 11 مليون سائح    تعاون تونسي إيطالي لدعم جراحة قلب الأطفال    اليوم انطلاق مناظرة «السيزيام»    إطلاق خارطة السياسات العمومية للكتاب في العالم العربي يوم 24 جوان 2025 في تونس بمشاركة 30 دار نشر    تونس: حوالي 25 ألف جمعية 20 بالمائة منها تنشط في المجال الثقافي والفني    لطيفة العرفاوي تردّ على الشائعات بشأن ملابسات وفاة شقيقها    فيلم "عصفور جنة" يشارك ضمن تظاهرة "شاشات إيطالية" من 17 إلى 22 جوان بالمرسى    زفاف الحلم: إطلالات شيرين بيوتي تخطف الأنظار وتثير الجدل    المبادلات التجارية بين تونس والجزائر لا تزال دون المأموال (دراسة)    الإعلامية ريهام بن علية عبر ستوري على إنستغرام:''خوفي من الموت موش على خاطري على خاطر ولدي''    قابس: الاعلان عن جملة من الاجراءات لحماية الأبقار من مرض الجلد العقدي المعدي    إطلاق خط جوي مباشر جديد بين مولدافيا وتونس    باجة: سفرة تجارية ثانية تربط تونس بباجة بداية من الاثنين القادم    هل يمكن أكل المثلجات والملونات الصناعية يوميًا؟    موسم واعد في الشمال الغربي: مؤشرات إيجابية ونمو ملحوظ في عدد الزوار    تحذير خطير: لماذا قد يكون الأرز المعاد تسخينه قاتلًا لصحتك؟    من قلب إنجلترا: نحلة تقتل مليارديرًا هنديًا وسط دهشة الحاضرين    المدير العام لمنظمة الصحة العالمية يؤكد دعم المنظمة لمقاربة الصحة الواحدة    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    خطبة الجمعة .. رأس الحكمة مخافة الله    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شوّهوا لافتة «أحب صفاقس» فأبرزوا حسن المدينة... صفاقس... عصيّة على أعداء الجمال
نشر في الشروق يوم 30 - 11 - 2019

يتباهى كل سكان العالم بجمال مدنهم. ويحرصون على إضفاء لمسات من الزينة والديكور على حدائقهم وشوارعهم وأحيائهم وفضاءاتهم لتزداد بهاء وحياة ..لكن قد يقفز الكارهون للحياة، فيشوهون مكامن الجمال ..
«الشروق» مكتب صفاقس
صفاقس، مدينة عريقة تجمع بين عمق التاريخ ولمسات الحداثة في تناغم وانسجام قلّ ما تجد له مثيلا في المدن العربية الإسلامية. فبين المدينة العتيقة برائحة بخورها وقببها وصومعاتها الشامخة، وعراقة دكاكينها وصناعتها التقليدية، وبين المدينة العصرية أو باب البحر ببناءاتها الحديثة مسافة لا تتجاوز بعض الأمتار. لكن من يقطع المسافة بين الحقبتين يشعر كأنه يقفز على التاريخ بنعومة وسلاسة. فينظر بالعين اليمنى إلى براعة أسلافنا في المعمار، وباليسرى إلى لمسات مهندسين أوروبيين – من إيطاليا وفرنسا – شيدوا البلدية وبعض الكنائس والدير بهندسة معمارية جمعت بين الحديث والاصيل .
صفحات من الجمال
صفاقس قلب المدينة هي هكذا، كتاب تاريخ مفتوح على صفحتين، أولى تبعث الحياة في التاريخ العربي الإسلامي، وثانية تقرأ الحاضر وتوغل فيه ..ففي صفحة المعمار العربي الإسلامي تقفز صورة السور والجامع الكبير وبقية المساجد والجوامع ومقامات الأولياء الصالحين تستحضر خطواتهم في أزقة ضيقة تربط بين كل المدينة العتيقة ..
جولة صغيرة هناك تجعلك تتسمر ساعات لتشتم رائحة الخبز العربي ينبعث من مخابز تقليدية لازال أصحابها يتمسكون بالفرن والفحم لطهي الخبز أو طبق حلويات عربية أو عثمانية تركية تشتهر بها صفاقس ..البشكوتو، أوالبقلاوة أو الملبس ..طعمها الأصيل هنا في أزقة صفاقس ورائحتها هناك في المدينة العصرية التي جمعت بين الحداثة وأصلت العراقة بلمسات وفية للتاريخ ..
دكاكين المدينة العتيقة ومقاهيها المصرة على « القهوة العربي « في فنجان مزركش، وكأس الشاي الأحمر والأخضر، تعج بالصناعات التقليدية رغم قساوة المنافسة، الجبة العربي والشاشية والفوطة والبلوزة والسفساري ..هنا في قلب المدينة تشدك إلى ماض جميل ..لا تنسى و انت تمر من قلب المدينة لتتناول كأس لبن مع لوزية عربي، بل قطعة « ميلفاي « جلبها يهودي وباعها في ما مضى، مات اليهودي ورحل، لكن «ميلفاي» اليهودي مازال يباع اليوم في صفاقس محافظا على شكله وطريقة طهيه التي لا يعرفها إلا صانعها ويتكتم على تركيبتها..
إن شعرت بالماضي يسكنك وأنت ترنوالى الحداثة، أمتار فقط لتخرج من جبة التاريخ وترتدي قبعة الحاضر داخل باب البحر ..من باب الديوان أو باب القصبة، اتجه شرقا لتعترضك الكنائس والدير المغلقة ..كنائس أروثوذكسية أو كاتوليكية، ان كنت لا تفهم الفارق بينها، فانظر إلى نواقيسها التي لا تشتغل، لكنها ستحرك في أذنيك صوتا لم تألفه لكنه قادم إليك من زمن ليس ببعيد.
نحب صفاقس
هي حقبة تاريخية لا نريد ان نتذكرها، استعمار واحتلال بلغة الحقيقة، وحماية بلغة «العرابين» ..سواد هذه الحقبة لا يخفي في الواقع بناءات جميلة ذهب أصحابها وبقيت تحدد مسارات الشوارع والأنهج. لكننا لم نحافظ عليها. بل لم يحافظوا عليها، فبدأت تتهاوى اليوم لتقضي على جمال كان كامنا في مدينة صفاقس. لكن البعض أراد تشويهه والقضاء عليه ..
عدد من شباب المدينة ينشطون في «نادي ليو صفاقس قرطاج» هزتهم حالة الوعي، فسارعوا إلى صنع لا فتة « أحب صفاقس « I Love Sfax وتركيبها بغير علم البلدية وتراخيصها في أكتوبر الفارط قرب الكنيسة أو المكتبة الرقمية المعطلة، وبعد محادثات وافقت دائرة المدينة، ووضعت اللافتة الضوئية أو الجدارية قرب الكنيسة في ساحة القصبة، اللافتة أقدمت بوجهها وأشعّت بنورها على السور تنظر إليه بحب وعشق وهيام ..
اللوحة أو الجدارية أواللافتة الضوئية، التي جمعت بين اللون الأحمر القاني والأبيض الناصع في محاكاة لرمز الوطن وعلمه المفدى لم تعمر طويلا. إذ اتجهت إليها الأيادي لتقتلع رمز الحب فيها أي القلب الأحمر ..لتقتلع رمز الحب والعشق والهيام لمدينة صفاقس أو سيفاكس نسبة للقائد الأمازيغي سيفاكس الذي قتل سنة 203 قبل الميلاد ..
هكذا قال عبد الرحمان ابن خلدون، لكن بعض المؤرخين لم يوافقوه في أصل التسمية. ورووا أسطورة عربية عن خادم اسمه صفا قيل له «يا صفا، قصّ، فأصبحت صفاقس منذ ذلك العهد تسمى صفاقس.
وعلى ضعف هاتين الروايتين وغيرهما، يبقى أصل التسمية الأقرب إلى المنطق هو أن صفاقس كلمة مركبة من لفظين أمازيغيين وتعني اللباس الذي ترتديه المرأة في وسطها لتحصينها. وبهذا المعنى يكون معنى تسمية صفاقس المدينة المحصنة حسب بعض المصادر والمراجع.. ..
الجدل التاريخي قد يهزنا إلى قراءات قد توغلنا في التاريخ وتبعدنا عن « صفاقس المحصنة «، محصنة بتاريخها وأعلامها وعلمائها ومشاهيرها. بل بجمالها وعراقتها ونشاطها وحركيتها التجارية والحرفية من سكانها الأصليين والوافدين عليها على مر العصور ..
والواقع ان تشويه الجمال وتخريب كامن الحسن والحياة ليس جديدا في صفاقس. فهواؤها النقي لوث بالمصانع ومداخنها العالية، والمعالم الأثرية تتآكل أمام «حماة التاريخ» بمؤسساتهم وإداراتهم ومصالحهم المختلفة، والأخبار تواترت، فمن سقوط صومعة عمارة بن رمضان إلى تآكل جدران السور الشامخ ..واليوم لافتة تعبر عن حب أصحابها للمدينة ..وقبل ذلك مسيرات واحتجاجات حتى لا تضع المدينة في شوارعها مجسم بورقيبة في باب الجبلي في أكتوبر 2017 .
الرافضون للمجسم قالوا إنه ليس زعيما. بل دكتاتور يذكرنا بحقبة غير محمودة في تاريخ البلاد. ولا يستحق هذا التكريم. والمصرون على أن بورقيبة زعيم مصلح، تمسكوا بالمجسم. وكان لزاما على البلدية ان تدغدغ المشاعر. فسارعت الى وضع مجسمات لحشاد وشاكر وحمادي العقربي ..وفي الأثناء وضعت تمثال بورقيبة الذي صنعه النحات الفرنسي «مارتان» سنة 1978 ..
وعود على بدء، مجهولون أقدموا خلال هذا الأسبوع بكل صفاقة على انتزاع القلب المشع للاّفتة الضوئية «أحب صفاقس» لدوافع غير معلومة. وهي محل بحث من الجهات الأمنية المعنية ..ومهما كانت الدوافع مقصودة وغير مقصودة، تبقى صفاقس عصية على أعداء الجمال والحياة ..أليست صفاقس المدينة المحصنة كما تقول كتب التاريخ ؟ ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.