أثار خبر محاولة "100 عنصر إرهابي" التسلل إلى تونس انطلاقا من قاعدة الوطية الجوية الكثير من الجدل في ليبيا وخاصة في تونس التي تعيش بطبعها ظروفا استثنائية. وبغض النظر عن صحة هذه المعلومة التي تركت بعض المسؤولين الليبيين يتخبّطون في تصريحات متضاربة، فإن التهديد الأمني أمر ثابت وعالي النسبة. ولا يخفى على أحد ان الوضع السياسي والأمني الذي تعيشه الجارة ليبيا في ظل الصراع الذي لا يزال قائما على أشدّه بين قوى الغرب والشرق الليبي. فسياسيا لا يزال الوضع في ليبيا ضبابيا إلى حد بعيد وتقبع انتخابات ديسمبر المقبل في حكم المجهول في ظل عدم حسم القاعدة الدستورية لإجرائها. أما أمنيا فالوضع أشد تعقيدا أين تعربد الميليشيات المسلحة في غرب البلاد دون رادع، يرافقها في ذلك بروز حركات متطرفة التي بدأت في البروز شيئا فشيئا. وتم بالفعل مؤخر رصد عربات تنظيم "داعش" الارهابي بأعلامها السوداء تتجول نهارا وليلا داخل مدينتي صبراتة والزاوية غربي ليبيا، مع معلومات عن تدريب عناصره على اقتحام حدود تونس. كما أشار سابقا عضو مجلس النواب الليبي وعضو لجنة الأمن القومي، علي التكبالي إلى أن عناصر "أنصار الشريعة" والدواعش القادمين من تونس يمتلكون مقرا رسميا في مدينة جنزور، غرب طرابلس، وتوفّر ميليشيات مدينة الزاوية الحماية الرئيسية لهم. وجود عناصر ارهابية تونسية على الأراضي الليبية أمر مؤكد منه ولا يستحق جدالا طويلا وهم ورقة بأيدي أطراف معينة (اقليمية) تقود بهم حروبها الخاصة. وقد لا يتوانون أبدا عن التسلل إلى تونس وتنفيذ هجمات إرهابية فردية أو جماعية، يبقى فقط أن تونس لم تعد مزرعة او ممرا آمنا لهؤلاء كما كان سابقا وهي بصدد التعافي تماما وستقف قواتها صدا منيعا أمام كل المحاولات. ومن هنا تحديدا برز مؤخرا التنسيق الأمني الثلاثي العالي بين مصر وتونس والجزائر التي قام دبلوماسيوهم بزيارات ماراطونية فيما بينهم كان آخرها أمس أين التقى وزير الخارجية الجزائري رمطان العمامرة رئيس الجمهورية قيس سعيد وسلمه رسالة خطية من نظيره الجزائري عبدالمجيد تبّون. وكل المعلومات تؤكد أن البلدان الثلاثة على وفاق تام في ما يخص ليبيا على الأقل على المستوى الأمني أين يسعون إلى اجتثاث نهائي لكل عنصر ارهابي على الأراضي الليبية. ورغم ذلك تبقى الحيطة والحذر والتيقّظ التام من قواتنا الأمنية والعسكرية أمرا لا مفرّ منه حتى تسقط كل المخططات والمؤامرات. بدرالدين السياري