أبو بكر محمد بن زكريا، أحد المشاهير في الطب والكيمياء والفلسفة. ولد عام 250 ه في الري حيث تعمق على ما يظهر في الرياضيات والفلك والفلسفة والأدب، ،ولعله درس في شبابه الكيمياء. ولم ينصرف الرازي الى الطب الا في سن متقدمة، وقد خدم صاحب الري وسرعان ما دبّر مارستانها الجدي. ثم نجده بعد ذلك يدبر مارستان بغداد، وكان الرازي أشهر طبيب في زمانه، وهذا هو السبب في أنه كان ينتقل من بلاط الى آخر. ولم ينعم بالاستقرار في حياته بالنظر الى تقلب أهاء الأمراء واضطراب الأحوال السياسية على أيامه. وعاد الرازي الى مسقط رأسه أكثر من مرة حيث توفي عام 321 ه. أجمع كثير من العلماء على أن الرازي طبيب العرب الأول، ومن ثم لقبوه بأنه أبو الطب العربي وجالينوس الطب العربي، وله الى جانب فضل جمع المعلومات الطبية التي كانت مبعثرة غير منظمة فضل التعليق عليها، واتخاذها أساسا لبناء حافل بالبحوث الطبية والكيميائية، أضاف اليه إضافات كثيرة جديدة هي من مبتكراته ونتيجة أبحاثه، حتى إن له من النتاج ما يزيد على المائتين والخمسين ضاع معظمها مع الفتن التي عصفت بالدولة العباسية في عهدها الثاني. ويمتاز طبه بالاستقصاء على قدر ما وسعه الجهد، وتيسر له ما جمع علوم اليونان والفرس والهند والأروام، هذا الى جانب مبتكراته التي تميزت بالدقة وحسن الاستنباط والتعليل وكمال النبوغ العلمي والأمانة العلمية، إذ نسب كل شيء الى قائله وأرجعه الى مصدره. مؤلفاته وانجازاته وقد ذكر ابن أبي أصيبعة من تصانيف الرازي مائتين واثنين وثلاثين كتابا ورسالة، منها: «الحاوي في صناعة الطب»، وهو أجل كتبه، ويتكون من اثني عشر بابا يجمعها قسمان أساسيان: القسم الأول يبحث في الأقرباذين، ويسجل في الثاني ملاحظاته التي تتعلق بدراسة سير المرض وتطوره مع العلاج المستعمل وتطور حال المريض مع الدواء المتعاطي. «سر الأسرار»، وقد ضمنه الرازي الطريقة والخطة التي يسير عليها في إجراء تجاربه، فهو يبدأ بوصف المواد الخام، ثم يصف الآلات والأدوات التي يستعين بها في عمله، ثم يصف الطريقة التي يسلكها ويسجل الملاحظات التي تبدو له في أثناء تحضير المركبات، ثم ينتهي الى تدوين النتيجة التي وصل اليها، وقد شرح في هذا الكتاب أىضا المركبات الكيمياوية وخواصها ووسائل الحصول عليها وأثرها في العلاج الطبي، ومن ثم اعتبره سارتون أول الأطباء الكيماويين الذين عنوا بالطب الكيميائي. وقد كان لأبي بكر الرازي السبق في تحضير وتمييز كثير من المواد، فهو أول من ميز بين الصودا والبوتاس أي بين كربونات الصوديوم وكربونات البوتاسيوم رغم تشابههما في الخواص الطبيعية والكيميائية، كما حضر الجبس من حرق كبريتات الكالسيوم المائية واستخدمه في تجبير العظام بعد مزجه بالبيض، ووصف «الأنتمون» بأنه مادة صلبة سوداء.