بعد عشر سنوات غادر مليون طفل تونسي المدارس ، رقم مفزع وخطير يؤكد مرة أخرى فشل النظام التعليمي في تونس وفشل المدرسة التي تطرد سنويا اكثر من مائة الف من ابنائها وتدفع بهم الى الشوارع... كل الحكومات التي تعاقبت على حكم تونس خلال العشر سنوات الأخيرة لم تهتم بهذا الموضوع الخطير ولم يكن ضمن اولوياتها ، لم تكلف وزارة التربية التي تملك جيشا من الموظفين في المكاتب وفي الادارات الجهوية للتعليم نفسها عناء دراسة هذه الظاهرة ومتابعتها وتقديم حلول لمعالجتها وتمكين اكثر من مليون طفل من مواصلة دراسته... مئات الالاف من الاطفال في الشوارع الكثير منهم تحولوا الى منحرفين ودخلوا عالم الجريمة واغلبهم بعد الانقطاع اصبحوا أميين ويجهلون القراءة والكتابة والدولة بكل أجهزتها تكتفي بالفرجة... في كل يوم يطل علينا وزير التربية ومعه ترسانة المسؤولين ليتحدثوا عن نجاح الوزارة في تنظيم الإمتحانات والاستعداد للعودة المدرسية ولكن الوزير لا يتحدث عن اكثر من مائة الف طفل وتلميذ يغادر المدرسة سنويا ... منظومة التعليم في تونس هي أكثر المنظومات التعليمية تشددا وقمعا في العالم باعتبارها تملك ترسانة من قوانين العقوبات ضد التلاميذ الذين يطردون سنويا ويحرمون من التعليم مدى الحياة ... ومقابل المليون تلميذ الذين طردوا من المدارس مئات التلاميذ المتفوقين يغادرون سنويا الوطن ويختارون الهجرة والدراسة في الجامعات الأجنبية وهو فشل آخر للمنظومة التعليمية في تونس... ملف الانقطاع المدرسي يجب أن يتحول الى ملف عاجل للحكومة القادمة لايمكن بناء مجتمع متقدم بمنظومة تعليمية فاشلة... وزير التربية قبل أن يتحدث عن نجاح العودة المدرسية يجب أن يدرك ان المدارس التي يشرف عليها تطرد سنويا أكثر من 100 ألف طفل وتلميذ يلتحقون بالشوارع وبعالم الإنحراف في الوقت الذي يتحدث فيه المسؤولون في وزارة التربية عن الإنجازات التي تحققت ... إصلاح المنظومة التربوية ينطلق بالقضاء على الإنقطاع المدرسي وفي دول اخرى الإنقطاع وطرد طفل وحرمانه من الدراسة يعتبر جريمة عظمى لكن في تونس نطرد أكثر من مليون تلميذ في عشر سنوات ونحن نتحدث كل يوم عن النجاح والإنجازات ... سفيان الأسود