عودة الأمية الى تونس وارتفاع نسبتها خلال الخمس سنوات الاخيرة يعد بمثابة الفضيحة في بلد ظل على مر عقود يفتخر بانه ينفق ربع ميزانية الدولة على التعليم والتعلم ... ما كشفه الوزير محمد الطرابلسي حول واقع الأمية اليوم في تونس يخفي الكثير من الحقائق التي تجاهلناها في السنوات الاخيرة حين تدنى وتدهور واقع التعليم ... لا احد في تونس من السياسيين والوزراء وقادة الأحزاب تحدث عن ال 100 الف تلميذ وطفل الذين يغادرون المدارس كل عام منذ سنة 2011 والى اليوم ....لا أحد من الذين يحكمون البلاد اليوم تحدث عن آلاف التلاميذ الذين يفشلون كل عام في الباكالوريا وينقطعون عن التعليم ويصبح حلمهم ً الحرقة ً والهجرة من الوطن....لا أحد تحدث عن عشرات المدارس والمعاهد التي تظل دون مدرسين حتى نهاية السنة الدراسية .... لا أحد تحدث عن غياب الهياكل التي تعنى بمتابعة الفاشلين والمنقطعين في المدارس والمعاهد ومعرفة الأسباب ومعالجتها وانقاذ آلاف الأطفال التونسيين الذين تخرجوا من مدارسنا وهم اميون ... لا أحد يعرف السبب الذي جعل حكومات الترويكا التي حكمت تونس بعد سنة 2011 تخفض الى أدنى مستوى في ميزانية محو الأمية وتعليم الكبار وتجعل من هذا القطاع قطاعا مهمشا ومنسيا ...يكذب كل من يتحدث عن نجاح وعن إنجازات وعن ثورة والبلاد ترتفع فيها كل يوم نسبة الأميين والمنقطعين عن التعليم والفاشلين في الامتحانات المدرسية حتى ان الفشل اصبح هو القاعدة في مدارسنا والنجاح هو الاستثناء .... ملف الأمية في تونس يجب ان يصبح من اخطر واهم الملفات في الدولة وعلى الحكومة ان تدرك انها ستكون امام مسؤولية تاريخية لإنقاذ الموقف في عالم يتغير كل يوم وتتطور فيه المنظومات التعليمية بشكل غير متوقع ... الحرب على الأمية تبدأ باصلاح التعليم اصلاحا حقيقيا وارساء منظومة تعليمية يكون فيها النجاح هو القاعدة وتضمن التعليم الجيد لكل التونسيين. وتحتاج تونس اليوم الى عودة قوية لبرنامج تعليم الكبار ومحو الأمية وتخصيص الاعتمادات المالية الكافية لإنجازه قبل ان يتحول نصف شعبنا الى أميين ...كل المسؤولين والحكام الذين تعاقبوا وتداولوا على حكم تونس في السنوات الاخيرة مقصرون ومسؤولون عن تفشي الأمية وتدهور التعليم وفشل آلاف التلاميذ وانقطاعهم عن الدراسة والتحاقهم بالشوارع وجحافل «الحارقين» .....