الصيام عبادة من أجلّ العبادات، وقربى من أعظم القربات، وهو دأب الصالحين وشعار المتقين، يزكي النفس ويهذب الخلق، وهو مدرسة التقوى ودار الهدى، من دخله بنية صادقة واتباع صحيح خرج منه بشهادة الاستقامة، وكان من الناجحين في الدنيا والآخرة، وعليه فلا غرو أن ترد في فضله نصوص كثيرة تبين آثاره وعظيم أجره، وما أعده اللّه لأهله، وتحث المسلم على الاستكثار منه، وتهون عليه ما قد يجده من عناء ومشقة في أدائه. ومما ورد في الصوم أيضا أنه: يكسر ثوران الشهوة ويهذبها، لذلك أرشد عليه الصلاة والسلام الشباب الذين لا يستطيعون الزواج، أن يستعينوا بالصوم ليخفف من شهواتهم، فعن ابن مسعود رضي اللّه عنه أن النبي ص قال: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) متفق عليه. وورد أن الصوم سبيل من سبل الجنة وباب من أبوابها، فقد روى النسائي عن أبي أمامة رضي اللّه عنه أنه قال: يا رسول اللّه، مرني بأمر ينفعني اللّه به، قال: «عليك بالصوم فإنه لا مثل له»، فبين عليه الصلاة والسلام أنه لا شيء مثل الصوم يقرب العبد من ربه جل وعلا، وأخبر المصطفى ص ، أن في الجنة بابا خاصا بالصائمين لا يدخل منه غيرهم، ففي الحديث المتفق عليه عن سهل بن سعد رضي اللّه عنه أن النبي ص قال: «إن في الجنة بابا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد». وورد أيضا ان الصيام يشفع لصاحبه يوم القيامة، فقد روى الامام أحمد عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنه أن النبي ص قال: «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال فيشفّعان». والصوم من أعظم أسباب مغفرة الذنوب وتكفير السيئات، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أن النبي ص قال: «من صام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه»، أي إيمانا بأن اللّه فرض الصوم عليه، واحتسابا للأجر والمثوبة منه سبحانه. وثواب الصيام مطلق غير مقيد، إذ يعطي الصائم أجره بغير حساب، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه ص: «قال اللّه تعالى: {كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به..}، وفي رواية لمسلم: «كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال اللّه عز وجل: {إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي...}، فاختص اللّه الصوم لنفسه من بين سائر الأعمال لشرفه عنده، ولأنه سر بين العبد وبين ربه لا يطلع عليه إلا اللّه.