مع حلول شهر رمضان استبشر المواطنون بعودة الحياة الى شارع بورقيبة وسط العاصمة آملين في جولات مسائية منعشة وسهرات رمضانية ممتعة تنسيهم مظاهر الوحشة والبؤس التي خلفتها تداعيات احداث 14 جانفي 2011 ثم عمقتها جائحة كورونا . وما ان استعاد المسرح البلدي بريقه وتوهجه استعدادا لاستقبال اولى السهرات الرمضانية حتى عادت الاحتجاجات والمظاهرات لتحتل مدخله ومدارجه حارمة المواطنين ، حتى من لذة التفرج على هذا المعلم والحلم بشارع نظيف يطيب فيه السمر والتجوال . لماذا يصر المحتجون دائما ، بمختلف تياراتهم ، على اختيار شارع بورقيبة والمسرح البلدي تحديدا للتظاهر والاحتجاج في حين ان هناك اماكن وساحات اخرى قادرة على استيعاب تحركاتهم ، الى جانب كونها ربما تحمل نفس مرجعية الافكار والشعارات التي ينادون بها ، مثل ساحة حقوق الانسان وساحة القصبة وغيرهما ؟ صحيح ان الاحتجاج والتظاهر هو حق لكل مواطن ولكن من حق كل مواطن كذلك ان ينعم بشارع نظيف وفسيح ، خال من الضوضاء والضجيج والعراك والعنف والتجمعات الصاخبة ... كما من حقه ان يستمتع بجمال المدينة ومعالمها وفضاءاتها دون حواجز او تجمعات من شأنها ان تحجب عنه جمال الفضاء ، اذ منذ موفى 2010 فقد المواطنون سحر العاصمة بشوارعها ومعالمها وفضاءاتها الثقافية والترفيهية...كما فقدوا امسياتها الصيفية المنعشة ولياليها الجميلة فتحولت مع تكاثر الاحتجاجات والمظاهرات ، اضافة الى جائحة كورونا ، الى مدينة اشبه بالمناطق الممنوعة التي يحجر الدخول اليها بحكم وجود الحواجز والاسلاك الشائكة امام عديد البنايات على غرار مقر السفارة الفرنسية ومقر وزارة الداخلية ... اضف الى ذلك تواصل تركيز آليات عسكرية امام ابرز المعالم التاريخية في شارع بورقيبة ( تمثال ابن خلدون وكاتدرائية القديس فنسون دو بول والقديسة أوليفيا بتونس وهو ما قد يولد نوعا من الريبة والخوف لدى الزائرين والايحاء بعدم استقرار البلاد ، دون الحديث عن كثرة الاوساخ وفوضى الاسواق الموازية وانتشار مظاهر البؤس والخراب في الانهج والازقة المتفرعة ... ليس من الغرابة بمكان ان ينقطع الناس عن النزول الى وسط العاصمة وتتوقف وكالات السياحة عن استجلاب السياح اليها ، اذ منذ 2011 تحولت العاصمة الى مشهد شديد القتامة وهو ما جعل الناس تنقطع عن زيارتها والنزول اليها ... اما السياح الاجانب فقد اندثرت اثارهم وباتوا اشبه بالذكريات او النوستالجيا . لا بد اذن من رفع الحواجز عن وسط العاصمة وازالة كل ما من شانه ان يثير الريبة والفزع في نفوس المواطنين والسياح . كما يجب على السلط المسؤولة القضاء على مشاهد البؤس والعنف وذلك بتوفير الامن في كل الاوقات وتنظيم الانشطة في الشوارع والساحات ، بما في ذلك المظاهرات والاحتجاجات ... محسن عبد الرحمان