تتوقع عدة منظمات دولية مالية كبرى تحسن مستوى النمو الاقتصادي في تونس وذلك باعتبار ما تحظى به البلاد من قطاع خاص يلعب دور المحرك القوي للنمو ومساعيها في مجال دعم الشركات لا سيما على مستوى الرقمنة وذلك على عكس توقعات وزارة المالية التي راجعت نسبة النمو الاقتصادي بتخفيضها من 1.8 بالمائة مقدرة اوليا لسنة 2023 الى 0.9 بالمائة لنفس السنة وحصرها عند 2.1 بالمائة لسنة 2024 مما يجعل من العام القادم عام الحد الأدنى للنمو، وهو ما تبينه معطيات مشروعي قانون المالية التعديلي 2023 وميزانية 2024. في المقابل، قدر البنك الدولي نسبة النمو في تونس للعام القادم ب 3 بالمائة مرتفعة بنحو 1.8 بالمائة عن توقعاته لعام 2023 وذلك بالتوازي مع زيادة كبيرة لنمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الحقيقي من 0.4 الى 2.1 بالمائة خلال الفترة 2023-2024. وقدر، في نفس السياق، صندوق النقد الدولي ارتفاع النمو طيلة نفس الفترة بنسبة 0.6 بالمائة الى 1.9 بالمائة أواخر سنة 2024. في جانب اخر، أكد تقرير أصدرته مؤخرا مؤسسة ملكوم كير - كارنيغي حول الوضع الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تطرق بشكل خاص الى الأوضاع في تونس ان فرص النمو متاحة وهي تنبع من الروح الدينامية للقطاع الخاص، وتحسن تعبئة الموارد، وتعزيز القدرات المالية. وخصص التقرير قسما مستفيضا لمسالة التحديات الجديدة التي يتعين مجابهتها وهي مرتبطة اساسا بالعالم المتغيّر بما من شأنه أن يحسّن آفاق النمو، وتشمل هذه التحديات مجاراة التقدّم التكنولوجي، والاستفادة من عملية التراجع عن مسار العولمة، والتأقلم مع تحديات تغيّر المناخ موضحا ان للقطاع الخاص حاليا وضع هيمنة وهو قادر على أن يكون محرّك نمو قوي. لكن بين 2012 و2022، تراجع حجم الاستثمارات الخاصة إلى مستويات متدنّية الى ما دون 10 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في تونس. ويُعزى ذلك إلى أسباب عدّة، من بينها: مزاحمة الحاجات المالية الكبيرة للتمويل الخاص، وصعود القوة الاحتكارية، إضافةً إلى مستويات مرتفعة من المخاطر المؤسسية. وبسبب البيئات غير الملائمة لممارسة الأعمال، تحرص الشركات إما على البقاء أبعد ما يكون من الدولة، أو أقرب ما يمكن منها. كما شدد تقرير مؤسسة مالكوم – كير كارنيغي على افتقار المشهد نسبيا إلى الشركات متوسطة الحجم القوية التي تُعتبر في الكثير من الأحيان الأكثر ديناميةً في توفير فرص العمل بسبب التنافس غير المتكافئ بين عدد كبير من الشركات غير المهيكلة وبعض الشركات المهيمنة التي تتمتّع بامتيازات علما أنها مرتبطة، في تونس على وجه التحديد، وفقا لتقدير المؤسسة بجهات نافذة لكنه من الممكن تحقيق ازدهار القطاع الخاص من خلال إدخال تعديلات على بيئة الأعمال، ودعم المنافسة النزيهة، وتيسير النفاذ الى التمويل. إضافةً على ذلك، شدد تقرير كارنيغي على ان تدنّي الزخم الاقتصادي أدّى إلى نتائج سلبية عدة، اذ سجّلت معدّلات الادّخار في تونس أقل من 10 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي، أي أقل من ثلث المتوسط العالمي. ويُضاف إلى ذلك تدني نسبة الإيرادات الجبائية ووجود الضرائب التنازلية، وهو ما يعزى جزئيًا إلى انتشار الاقتصاد الموازي. كما تُعدّ نسبة التشغيل متدنّية أيضًا، ويعود ذلك في جزء كبير منه إلى ندرة فرص العمل الجيّدة. ويتطلّب عكس هذه الاتجاهات ثقة أكبر في المؤسسات وإيمانًا أكبر بالمستقبل وعندئذٍ فحسب سيصدّق المواطنون أن المجهود الشخصي، لا النشاط الريعي، هو الذي سيؤدي إلى تحقيق نتائج أفضل، على حد تقدير تقرير مؤسسة ملكوم كير- كارنيغي للبحوث. كما تم التشديد على اهمية نجاح الرقمنة وتطوير البنى التحتية علما ان الاستثمار في البنى التحتية الصلبة كان مهما، ويظهر ذلك من خلال النمو المتين الذي تحقق في اشتراكات النطاق العريض الثابت والمتنقل، واستهلاك بيانات الهواتف المحمولة. لكن مستوى المهارات الرقمية لا يزال منخفضًا، حسب التقرير. الأخبار الأولى