تكشف حرب الإبادة التي يشنّها الاحتلال الصهيوني المؤقت على غزة مدى وحشية هذا الكيان القائم على إراقة الدماء وقتل الأبرياء لتحقيق مشاريعه الاستعمارية التي تتخطى الاراضي الفلسطينية وتشمل عديد الدول العربية الاخرى استنادا الى احلامهم المزعومة بأن دولتهم تمتد من الفرات الى النيل. كما يفضح هذا العدوان الصهيوني المدعوم من الامريكان والدول الغربية مدى استخفاف هذه الحكومات بأرواح المدنيين الابرياء خاصة الدماء العربية التي لا تعني لهم شيئا ، فلو كانت الأرواح التي سقطت في دولة غير عربية لقامت الدنيا ولم تقعد مثلما فعلوا في أوكرانيا عندما هبوا هبة رجل واحد لدعم كييف في وجه روسيا التي اطلقت حملتها العسكرية لحماية أمنها القومي. بالنسبة لهذه المنظومة الغربية الامريكية العرب هم مجرد ادوات وأعداد لا غير، ولا يهم كم يستشهد وكم يبقى على قيد الحياة ، ولا تهمهم مشاهد قتل الأطفال الخدج في المستشفيات ، ولا يعنيهم إبادة شعب بكامله في غزة ، علما وان حصيلة الشهداء في غزة قد تجاوزت 20 ألف شهيد بحسب بعض المنظمات. فهذا العدوان اذن قد كشف حقيقة الصهاينة وحقيقة شركاؤهم في ابادة الفلسطينيين ، لكنه بالمقابل فضح ايضا العجز العربي وحالة الهوان الكبرى التي تمر بها أمتنا حيث بقيت مجرد شاهد على تكالب الغرب والصهاينة على غزة الصامدة وعلى مقاومتها الباسلة دون أي ردود أفعال تدفع نحو وقف هذا النزيف. فالعرب سواء فرادى او مجتمعين ظلوا عاجزين حتى على ادخال قارورة ماء الى أهالي غزة الذين تتربص بهم المجاعة بسبب الحصار والحرب. وحتى وإن دخلت قافلة مساعدات محتشمة الى القطاع المحاصر والمدمر فان الاحتلال الإسرائيلي هو من يأذن بتمريرها بعد المصادقة عليها وتفتيشها عبر المعبر الحدود الذي لم يعد تحت سلطة الطرف العربي بل يتحكّم فيه الاحتلال. هذا العجز العربي والهوان سوف يقود الى نتائج وخيمة على فلسطين وكذلك على الدول العربية المجاورة لهذا الكيان المجرم ، ولا بد من تحرّكات عاجلة لجبر هذا الكيان الإرهابي على وقع مجازره وإرهابه ضد المدنيين ، وإلا فإن اليوم التالي سوف يكلف العرب الكثير والكثير لأن المنظرين الصهاينة قد بدأوا في الحديث عن المرحلة التالية من العدوان وهي احتلال بعض الاراضي العربية والمصرية مثلما أكّد ذلك الحاخام المتطرّف عوزي شرباف بزعمه أنه " أمام إسرائيل فرصة تاريخية عظيمة لاستعادة أراضيها التوراتية وتحرير منطقة سيناء بأكملها حتى نهر النيل " . فالحديث عن هذا المخطط الصهيوني الخطير يدل على ان الدول العربية أمام مؤامرة كبرى تدعمها الدول الغربية وتقوم على إقامة مشروع اسرائيل الكبرى في قلب الوطن العربي لتفكيك وتفتيت ما تبقى من الأراضي العربية وهو الهدف الرئيسي للمنظومة الغربية التي تريد صد المد العربي والإسلامي لأنها ترى فيه تهديدا لحضارتها. كل هذه المخاطر تتطلب تقوية الترابط العربي والعمل معا على تعجيل التحرّك لوقف العدوان على غزة وقطع العلاقات مع الصهاينة وإرسال قوافل مساعدات مشتركة بحماية مشتركة من المجموعة العربية والاسلامية ، ومن المؤكد ان هذا التحرّك سوف يجد مساندة كبرى من الشعوب المتعاطفة مع الفلسطينيين سواء العرب أو في عديد الدول الاخرى. فهل تتحرّك المنظمة العربية لفك الحصار ووقف حرب الابادة ام ستواصل الخنوع والرضوخ الى ان يجرها الطوفان القادم لا محالة ، والذي لن يرحم أحدا ؟ ناجح بن جدو