كشف الخطاب الاسرائيلي الذي وجه بالأمس للعقل المجتمعي الإسرائيلي و ربما الدولي بشكل عام عن بعد متجدد للمسرح الخطابي أو بشكل ما فنَ الخطابة على المسرح و الاستثمار في البلاغة النَفسية والسيكولوجيَة ما من شأنه التأثير على المتلقي و الانحياز النَفسي لهذا الجانب الذي لطالما أعرب عن فشله على مستوى جميع المقاييس بشكل أو بآخر على ضوء ما كشف عنه الميدان و الصورة التي انتصرت للحق حينما غابت شمس الحق في الأصل العربي و الأصل الإنساني في العالم. و بالعودة على الخطاب الاسرائيلي في قراءة دقيقة للمصطلحات التي تم استثمارها لاسشعار حالة الضحية في الصراع و الطرف المناظل من أجل الاستقلال و الاعتزاز بالكيان المجنَد لإعدام عشرات بل الاف الأبرياء على الميدان و كأنَ بالأرض قضيتهم و بالاحتلال استقلالهم حيث لا يمكن تقييم مثل هذا النوع من الخطاب كغيره من السابقة و المعتادة من طرف هذا الكيان المحتل إلا " باللعوب "على مستوى سرد المعطيات و نقل الأحداث للشارع الاسرائيلي للايهام بالأمن و السلم المجتمعي و الاستثمار في الاحداث المستجدة التي من المعتقد أنها تؤسَس للاستقلال و الانتصار ذلك على أساس التمكَن من اغتيال القادات المقاومة المصنَفة كونها إرهابية طبعا حسب جودة الإخراج الخطابي لسرد المسرح الميداني في مناطق الصراع، و هو الخطاب الأقرب ما يكون إلى استخدام ذلك الحق في الكذب و في المواجهة نوعا،خلفية،منهجا،و حتى فكريا و سياسيا على ضوء المشهديَة الميدانيَة أو مسرح النزاع للدفاع عن الحق الفلسطيني في تحرير الأرض و العرض. فمن خلف مشهد الميدان الذي وثَق ولا يزال ينعى مئات المجازر الإسرائيلية المرتكبة في قطاع غزة و كأنَ بالإنسان في القطاع درعا بشريَا و آلة مستحدثة في الحرب للتباهي بالنصر على أرواح ناعمة ولدت لتقصف و طفولة بريئة أعدمت إيمانا من العدو أنها مستقبل مقاومة لتحرير الأرض، حتى الشجر و الحجر أعدم في غزة العزة، نفس المشهد الذي نقل بثا مباشرا لأشلاء من الأجسام تحمل بشكل يومي بل كل حين، جثث تجرف من مدافنها لتأكلها الكلاب، مخطوفون و أسرى في مصير مجهول تحت التعذيب و التنكيل و الإعتداءات الجنسيَة، مستشفيات صارت مقابر، بشر دون حياة يستغيثون، مئات النازحين المهجَرين دون ملاذ أو مكان للجوء، و في المشهديَة الميدانيَة مازال للوجع بقايا.. و في غزًة وحدها استشهد الشهيد، نعاه شهيد، دفنه شهيد، بكاه شهيد، أنشده شهيد و وثَق معاناته شهيد و لا يزال يتألَم لكل شهيد ألف شهيد... و في سياق هذه المعاناة البشريَة و الكوارث الإنسانيَة و حتى المخاطر البيئيَة التي من المؤكد كونها ستنتج ثمارها عاجلا غير آجل على كل العالم نتيجة استخدام أسلحة الدمار الشامل التي تتأكد خطورتها من توصيفها في حد ذاتها ليتألف السيناريو الخطابي الاسرائيلي في قراءة تعكس تماما حقيقة جرائم العدوان المرتكبة في قطاع غزة من النقيض إلى النقيض وهو ما يكشف حقيقة ضعف هذا الخطاب و هشاشة القائمين عليه و كأنه يخفي بين طيات التلاعب بالمصطلحات و العبارات دوافع للشفقة للانحياز و الدعم و المساندة لتحقيق أهداف الحرب و لابد للنور أن يشرق بعد الظلام حسب رواية العدو...فكأنَ بالمواساة يوما حرَرت وطنا أو التعازي بديل إن هوى العلم. و رغم قساوة الصورة الحقيقية لوضع الإنسانيَة في غزَة و وجع الصمت العربي المنبوذ عن وقائع الاعتداءات الممنهجة في حق المدنيَين، النازحين، المهجَرين، الأقليَات و حتى جثث الضحايا التي لم تسلم من السلوكيَات المجرَمة اللإنسانية، و هي الحقيقة الميدانيَة التي كشفت عن واقع العلاقات الديبلوماسية و نرجسيَة المصالح السَيادية و صراع القوى العظمى خلف كواليس المشهد الشهيد في قطاع غزة، و رغم التصَور الإسرائيلي في استثمار الاغتيالات القيادية خاصة أبرزها استشهاد المجاهد الذي جعلته إسرائيل في أبهى حلة بطوليَة بحركة غير مدروسة منها ما يؤكد ضعف هذا الجانب حتى على مستوى استراتيجيَته في الإيهام بقوة التخطيط و المنهج في النزاع دون أي احترام أو التزام بمبادىء خوض النزاع و التمييز في اختيار الأهداف حتى صار الإنسان محور المركز الاستراتيجي في القطاع على ضوء الحلقة المفرغة من المسؤولية الجزائية الدولية عن استهداف الإنسان بشكل ممنهج و انتقامي، "يحي السنوار" الذي أهدته إسرائيل ما كان يتمناه في مشهدية عكسية لهذا الكيان العدو الذي تخيَل الانتصار الساحق بهذا الاغتيال وهو يدرك تماما من خلف الكواليس ان الصورة على الميدان حققت بطولية هذا المجاهد على مستوى كل العالم بمساهمة فاشلة و مباشره من جانبه، إلى جانب الوقائع على الميدان ما بعد استشهاد السنوار و التي عكست بشكل مطلق قوة المنطق في الصمود و الوطنية القومية في القتال لتحرير الأراضي الفلسطينية و هنا نشير إلى قوة المنطق في التمييز و الدفاع و الإدراك التام لعدوان الأرض على عكس منطق القوة المستهدف للشجر و الحجر في قطاع غزة بالتحديد. و ربما الاستهدافات الأخيرة للقواعد الصهيوأمريكية المجنَدة فقط لارتكاب المجازر من ذلك سلسلة الهجمات الجوية خاصة المبعوثة من حزب الله الذي لطالما وجد مقاوما شرسا للدفاع عن الأراضي الفلسطينية المحتلة و كذا اليمن الشريف الذي أرجع للبحر الميت بعدا استراتيجيا بارزا للتمكن من آليات الدعم الإسرائيلي و التصدي لدروع القتل البشري في قطاع غزة من ذلك العملية المستهدفة لمنزل رئيس الوزراء الإسرائيلي و ربما هي العملية الأولى من نوعها و خصوصية الطرف المستهدف فيها و كذا عملية الدهس التي جدت بالأمس في موقع غاليلوت و التي تحمل في خلفياتها دلالات القوة في الاستمرار و الصمود و القدرة على الاستهداف الدقيق لقائدي الإبادة الجماعية وإعدام الحياة الغير مسبوق بهذه الجنونية و اللاتمييز و العبث في الأرض بهذا الشكل في تاريخ الحروب تقريبا، فيها دلالات واضحة على الاستمرار في الدفاع عن الحق إما نصر أم استشهاد، كل ذلك في توجه خطابي غير ذي موضوع على ضوء الواقع الميداني أو المشهد على الميدان . يقولون في بعض الأمثلة الإنجليزية أنه من الصعب قول الحقيقة إذا كنت تستفيد من الباطل و هو تماما ما كشف عنه الخطاب الاسرائيلي بالأمس في رسالة للشعب و القيادات الإسرائيلية و للدول الحليفة و الداعمة لهذا الكيان المحتل و كأنه بالاستثمار الخطابي لجودة المصطلحات خاصة على مستوى استخدام البعد النفسي لتمرير لغة العنف الاستراتيجي و قلب الموازين السياسية و حتى الأخلاقية الإنسانية، ما لا يتماشى إطلاقا مع المشهدية الميدانية في قطاع غزة على مستوى البعد الإنساني و الأخلاقي في منطقة الصراع و ما خلفه العدوان الإسرائيلي من وقائع الابادة الجماعية و استهداف الحياة بصورة تستحي فيها العيون إن لم تبكي دما، و على مستوى الالتزام بقواعد الشريعة الإسلامية في خوض الحرب من جهة أخرى على عكس الكراهية الخطابية الإسرايلية... و كذا المشهد في لبنان.