تواجه فرنسا تحديات اقتصادية متصاعدة تتجلى في النزاع حول الميزانية وتصاعد التوتر بين الحكومة والمعارضة، حيث أعلن وزير المالية الفرنسي، أنطوان أرمان، اليوم الثلاثاء 3 ديسمبر 2024، أن البلاد تعيش "نقطة مفصلية" وسط حالة من الغموض بشأن مستقبل الميزانية والحكومة. وأشار الوزير في الحكومة التي تواجه خطر سحب الثقة، في تصريح اعلامي، إلى ضرورة تحمل السياسيين مسؤولية تجنب زعزعة استقرار البلاد في هذه المرحلة الحساسة. تأتي تصريحات أرمان في سياق استعداد حكومة رئيس الوزراء ميشيل بارنييه لمواجهة تصويت بحجب الثقة في الجمعية الوطنية، بعدما قدم التحالف اليساري المعارض هذا الاقتراح، أمس الاثنين. ويهدف التصويت إلى الإطاحة بالحكومة بسبب سياسات تقشفية تضمنتها ميزانية 2025. ومن المقرر أن يُجرى التصويت، غاد الأربعاء، مما يجعل مستقبل الحكومة على المحك. من جانبه، ألقى بارنييه كلمة دفاعًا عن سياساته، مشيرًا إلى أن الديون الوطنية الفرنسية، التي بلغت 3.38 تريليون دولار، تتطلب إجراءات تقشفية تشمل خفض الإنفاق وزيادة الإيرادات. لكنه، في الوقت ذاته، لجأ إلى استخدام صلاحياته التنفيذية لتمرير ميزانية الضمان الاجتماعي بعد فشله في التوصل إلى توافق مع البرلمان. تعاني الحكومة الفرنسية من غياب الأغلبية المطلقة في البرلمان، وهو ما يضعها تحت ضغط التحالفات السياسية. ففي البداية، حصل بارنييه على دعم القوميين اليمينيين بقيادة مارين لوبان، إلا أن العلاقة شهدت توترات بسبب اختلافات حول سياسات معينة مثل تعويضات الأدوية وضريبة الكهرباء. وفي ظل هذا الانقسام، يمكن للتحالف بين القوميين اليمينيين واليسار أن يطيح بالحكومة. وإذا تمت الإطاحة بالحكومة، سيواجه الرئيس إيمانويل ماكرون تحديات كبيرة، من بينها البحث عن تشكيل حكومة جديدة، حيث لا يمكن إجراء انتخابات برلمانية قبل الصيف المقبل. وقد انعكست هذه التطورات على الأسواق المالية بانخفاض اليورو ومؤشر "كاك 40" للأسهم الفرنسية الرائدة. هذا وتعيش الساحة السياسية والاقتصادية الفرنسية إشكالات عدة منذ الانتخابات البرلمانية غير الحاسمة في الصيف، وتعد الخلافات بشأن "الميزانية" تجسيداً واضحاً لجوانب تلك الأزمة. فمشروع قانون ميزانية 2025 الذي قدم في العاشر من أكتوبر الفارط جلب الانقسامات إلى الواجهة، مع معارضة اليمين المتطرف لمقترحات الحكومة بتوفير 60 مليار يورو مع حصول 40 مليار يورو من تخفيضات الإنفاق وال 20 مليار يورو المتبقية من خلال زيادات الضرائب. وتهدف الخطة إلى خفض العجز في البلاد إلى نحو 5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2025، انخفاضا من 6.1 بالمائة المتوقعة في عام 2024 وهو أكثر من ضعف المستوى المسموح به من قبل المفوضية الأوروبية علما أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تلتزم بالحفاظ على عجز موازناتها في حدود 3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي ودينها العام في حدود 60 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. وبلغ عجز الميزانية في فرنسا 5.5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، وتجاوز الدين العام 110 بالمائة.