ماذا في لقاء رئيس الجمهورية بوزير الدفاع؟    دراسة مسائل فنية بخصوص ملعب المنزه    ماء وملح ل «نفخ» علوش العيد ... فتح تحقيق ضدّ «قشّارة» ووسطاء ومضاربين    الحرائق تفتتح موسم الحصاد في باجة الجنوبية والحصاد في عطلة    تفكيك شبكة لبيع أدوات الكترونية للغش في البكالوريا    صفاقس .. اليوم الثاني من الباك في جبنيانة .. الاختبارات في المتناول والتركيز مفتاح النجاح    لماذا سرق التمثال الشمعي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من المتحف بباريس؟    النفطي يسلم الرئيس الفنلندي دعوة من رئيس الجمهورية لزيارة تونس العام الحالي    عاجل/ غزة: استشهاد العشرات في إطلاق نار قرب مركز لتوزيع المساعدات    حذاري من حجر الأساس للتطبيع مع الصهيونية    المعهد الفرنسي بتونس ينظم قراءة شعرية لمجموعة "فلسطين متشظية"    عاجل: فريق من البياطرة على ذمة المواطنين يوم العيد: التفاصيل    رابطة حقوق الإنسان تستنكر الجريمة "الشنيعة" التي أودت بحياة مهاجر تونسي جنوب فرنسا    قفصة: إعطاء اشارة انطلاق موسم الحصاد من إحدى الضيعات الفلاحية بالعقيلة من معتمدية القصر    صفاقس.. لحم الخروف ب68 دينارا و البلدية تشن حملة على" الجزارة"    نابل.. حركة بطيئة في أسواق الأضاحي وسط تذمر من غلاء الأسعار    عاجل: الحكومة تُعلن جملة من الإجراءات الاستباقية للموسم الفلاحي القادم    في ندوة دولية حول مكافحة الفساد في الرياضة: سوء التصرف المالي صلب الجامعات والجمعيات والتلاعب بالنتائج ابرز تجليات الفساد الرياضي في تونس    معهد تونس للفلسفة يصدر مرجعا بيبليوغرافيا لفائدة المختصين    ''يجيش لبالك فوائد العظم المصموط في فطور الصباح''... تعرف عليها    عطلة بيومين بمناسبة عيد الإضحى    وزير الشؤون الدينية يشارك في اجتماع لرؤساء مكاتب شؤون الحجاج    ''علاش ما هوش باهي'' تنظيف المنزل في يوم عرفة؟ تعرف على السر وراء هذه العادة التونسية    تعرّفوا على أيّام التشريق في الحجّ    في لحظة إنسانية مؤثرة: تلميذة باكالوريا تجتاز الامتحان على سرير المستشفى    متى يكون الوقت المثالي لشواء لحم العيد؟ دليل ونصائح للتونسيين    فضاء مسبح البلفدير: 2500 دينار سعر الساعة الواحدة لابرام عقود الزواج    قابس: تقدّم أشغال مشروع تقوية أسس وإصلاح هياكل ومباني المستشفى الجامعي بنسبة 50 بالمائة    وزارة التربية تتابع ظروف سير الامتحان في يومه الثاني    عاجل/ باكالوريا 2025: تلميذ يُنهي الامتحان في مصحة خاصة    دراسة جديدة.. الطريق لعلاج أوجاع الركبة يبدأ من الأذن    ترتيب الفيفا: المنتخب الوطني يرتقي في الترتيب العالمي    بشرى سارة لمتساكني هذه الجهة: افتتاح نقطة لبيع الموز المورد والسكر المدعم بهذه السوق..    فرار 4 ملايين سوداني بسبب الحرب.. وتحذير أممي: "تهديد للاستقرار العالمي"    كيريوس ينسحب من بطولة ويمبلدون بسبب الإصابة    عاجل/ العثور على جثة طفلة عمرها 5 سنوات متفحّمة داخل كومة تبن..    30 شهيدا فلسطينيا في استهداف اسرائيلي قرب مركز مساعدات بغزة    هام/ الهيئة الوطنية للسلامة الصحية تقدم جملة من التوصيات الوقائية لضمان سلامة الأضاحي..    هل يجوز صيام يوم العيد؟    في المحرس: افتتاح معرض سهيلة عروس في رواق يوسف الرقيق    الدورة الثامنة للمعرض الدولي لزيت الزيتون من 12 الى 15 جوان الجاري بسوسة    بعد الانتصار على بوركينا فاسو... المنتخب التونسي يحقق تقدمًا جديدًا في ترتيب الفيفا    تنفس... ركّز... وأقرى مليح!    الفنانة القديرة سميحة أيوب في ذمة الله    عبد السلام العيوني يحطم رقمه الشخصي في ملتقى باريس لألعاب القوى    ياسين القنيشي يحرز فضية مسابقة دفع الجلة لفئة في ملتقى باريس لألعاب القوى    خطير/ دراسة تحذّر: "الخبز الأبيض يسبّب السرطان"..    كأس العالم للأندية: تشلسي يدعّم صفوفه بالبرتغالي إيسوغو    عودة منتظرة: المسبح البلدي بالبلفيدير يفتح أبوابه للعموم بداية من هذا التاريخ    أبرز ما جاء في لقاء رئيس الدولة برئيسة الحكومة..    جريمة قتل تونسي في فرنسا: وزارة الداخلية تصدر بلاغ هام..#خبر_عاجل    مبادرة إنسانية في جبنيانة: سائق نقل ريفي يرافق تلاميذ البكالوريا مجانًا    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    زلزال بقوة 5.8 درجات يضرب تركيا قبالة سواحل مرمريس..وهذه حصيلة الضحايا..#خبر_عاجل    كوريا الجنوبية تختار اليوم خلفا للرئيس المعزول    أغنية "يا مسهرني" تورطه.. بلاغ للنائب العام المصري ضد محمود الليثي    أولا وأخيرا .. من بنزرت لبن قردان    المؤرخ التونسي عبد الجليل التميمي يفوز بجائزة العويس الثقافية    









تونس أبعد ما تكون عن محرقة الشرط الأوسط
نشر في الشروق يوم 08 - 01 - 2025

تمثل الأوضاع المزرية للشرق الأوسط انعكاسا للخطاب الذي توجه به الرئيس قيس سعيد للقادة العرب في قمة الرياض عندما حذرهم من الوقوع ضحايا للعالم الجديد.
والواضح أن الجدل المتصاعد المنبثق عن نكسة الشقيقة سوريا يحتاج إلى وضع النقاط على الحروف بشأن تداعيات ما يحدث في الشرق الأوسط على تونس ومحيطها الإقليمي لقطع الطريق على الأجندات الخبيثة التي تراهن على التضليل خاصة من خلال تحويل عناصر القوّة إلى مواقع ضعف.
وينبغي التأكيد في هذا الصدد على أن تونس التي لم تبخل على أشقائها بالنصيحة لا يمكنها في كل الأحوال أن تتحمّل تبعات الفوضى المؤسساتية التي تخيّم على أنظمة الحكم في الشرق الأوسط والتي وصلت إلى حالة من العبث غير مسبوقة بعد تحوّل منظومة التطبيع إلى منصة لتبييض ودمقرطة الإرهاب يبدو أنها ستحرق الجميع دون استثناء.
والواضح أن هذا الخلل الهيكلي والوظيفي التي تعاني منه أغلب أنظمة المشرق العربي يجعلها عاجزة عن التقاط رسائل التاريخ والاتعاظ من أخطائها السابقة وفي مقدمتها نكسة العراق عام 2003 التي فتحت أبواب جهنم على الشعوب العربية ومهدت لأجندا الربيع العبري التي كادت تعيد المنطقة بأسرها إلى العصر الحجري.
وعندما جاء طوفان الأقصى في أكتوبر 2023 تطوّعت أنظمة التطبيع لحماية الكيان الصهيوني بكل الأشكال والوسائل ومنع وصول رياح التغيير القوية التي قامت في إفريقيا إلى الشرق الأوسط مهيأة بذلك العوامل التي أدت إلى انقلاب الأوضاع في لمح البصر بسقوط سوريا في مستنقع الإرهاب والفوضى الصهيونية المدمّرة بعد أن كان المجرم «نتنياهو» محاصرا مثل الفأر في مربع صغير نتيجة الملاحم التي صنعها الشعب الفلسطيني الأبي الذي تحمّل التقتيل والتجويع وفرض على العالم بأسره أن يراجع مفاهيمه وتعاطيه مع الحقوق التاريخية الفلسطينية حيث أصبحت الدولة الفلسطينية أمرا واقعا تدعمه الأغلبية الساحقة من دول العالم فيما سقطت أسطورة "الهولوكوست" وشعارات الديمقراطية الغربية الزائفة بالضربة القاضية.
وبعد أن حصل ما حصل بدأت أنظمة التطبيع تستشعر المخاطر الجسيمة المحدقة بأمنها القومي حيث أصبحت تل أبيب تجاهر بمشروع "الفدرالية الصهيونية" فيما عادت تركيا لترتع في الأرض العربية حالمة بعودة الامبراطورية العثمانية التي تتعامل مع العرب بوصفهم مواطنين من الدرجة الثانية.
وبالمحصّلة باتت دول التطبيع مهددة بالتحوّل إلى إمارات تابعة للكيان الصهيوني أو للعرش العثماني لأنها لعبت بالنار وعبثت بوشائج الأخوّة إما بالتواطؤ مع الكيان الصهيوني أو بمواقفها السلبية في الدفاع عن أسس الأمن القومي وفي مقدمتها فلسطين التي تمثل أول جدار صدّ في مواجهة المطامع الاستعمارية القديمة والمستجدة.
وعلى هذا الأساس يمكن القول إنه لا خوف على فلسطين ما دام الشعب الفلسطيني مستعدا للتضحية من أجل اقتلاع حقه في أرضه وتقرير مصيره فيما الفاتورة الحقيقية والمؤلمة ستدفعها كل الأنظمة التي تآمرت على فلسطين أو خذلتها أو تاجرت بها فالواضح أن الشرق الأوسط سيظل إلى حين محرقة ستكتوي بنيرانها كل الكيانات التي انخرطت منذ سقوط الاتحاد السوفياتي نهاية ثمانينات القرن الماضي في تدمير أسس السيادة والكرامة بما يعني أن المنظومة الصهيوأطلسية وأنظمة التطبيع غرقت في مستنقع لن تخرج منه.
وبالنتيجة تمثل المحرقة التي اشتعلت في الشرق الأوسط فرصة للدول الحرّة المتمسكة بوحدة ترابها واستقلالية قرارها للمضي بنسق أسرع على درب البناء وامتلاك وسائل القوّة والتأثير لأن المعادلة الدولية التي انبثقت عن الحرب العالمية الثانية غرقت في وحل الشرق الأوسط وهو ما يفسّر على سبيل المثال تسارع موجة تحرر افريقيا من الإرث الاستعماري الفرنسي إثر سقوط سوريا وذلك خلافا لما توحي به منصّات التضليل بما في ذلك خطاب "النصر المبين" الذي يمارسه تنظيم الإخوان والذي يعبر بشكل أو بآخر عن انسداد أفق التفكير المتأصل في الحركة الإخوانية.
وما دامت تونس قد اكتسبت مقومات "الدولة الحرّة" بفضل سياسة التعويل على الذات واستعداد الشعب التونسي للتضحية من خلال تحمّل أجندات التجويع والتأزيم التي مارستها المنظومة القديمة خلال الأعوام الأخيرة فإنها تقف في المكان الصحيح من التاريخ وستجد الطريق سالكة لتحقيق طفرة في التنمية غير مسبوقة في تاريخها خاصة من خلال الانفتاح على آسيا وإفريقيا وترسيخ قدمها ضمن ما يعرف بتحالف الجنوب الذي سيحسم في مآلات المخاض العالمي الذي يشير بكل وضوح إلى أن الصين وافريقيا أول المستفيدين من الوضع الراهن كما تظهر التجربة منذ 2011 على الأقل أن المؤسسات السيادية قادرة على صد كل ما يستجد في نطاق الارتدادات الحينية لمحرقة الشرق الأوسط وذلك في كنف التمسك بثوابتها العريقة وفي مقدمتها احترام وشائج الأخوّة والجيرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.