انطلاق التسجيل في رياض الأطفال البلدية للسنة التربوية المقبلة    تصريح مؤثّر من والد رحمة لحمر بعد الأحكام الأخيرة في القضية.. #خبر_عاجل    بالفيديو: سقوط طائرة تدريب عسكرية في مياه البحر الأبيض المتوسط بمصر    قابس: وفرة في عدد الأضاحي مع انخفاض أسعارها مقارنة بالسنة الفارطة    احتقان الأنف عند الأطفال: الأسباب والعلاج    نشوب حريق بمحرّك قطار : السكك الحديدية تقدّم التفاصيل    إصدارات.. الحكاية الشعبية لتنشيط الشباب واليافعين    لطيفة تستعد لألبوم صيف 2025 وتدعو جمهورها لاختيار العنوان    كأس افريقيا للاندية الفائزة بالكؤوس لكرة اليد سيدات.. الجمعية النسائية بالساحل تفوز على اوتوهو الكونغولي    التكييف Autoأو Fan Onأيهما الخيار الأفضل؟    وزارة العدل: اعتمدنا الشفافية والنزاهة في مناظرة الخبراء العدليين    النادي الإفريقي.. بلاغ عن لجنة الإشراف على الجلسات العامة والمنخرطين    مشجعو غالطة سراي يثيرون أعمال شغب في برلين وإصابة 33 شرطيا    عاجل/ الكشف عن موعد انطلاق بطولة الموسم القادم والسوبر    حجز 915 كغ من الدجاج المذبوح غير صالح للاستهلاك.. #خبر_عاجل    الكاف: تأخّر منتظر في موعد انطلاق موسم الحصاد    رئيس جمعية الأولياء: ''اذا صغيرك ما يعرفش يقرى ويكتب ما يعرفش يفكر''    عاجل/ بعد حصار لأكثر من شهرين: شاحنات مساعدات تدخل غزّة وهذا ما تحمله    عاجل/ غزّة: الاحتلال يهدّد بهجوم غير مسبوق والآلاف ينزحون سيرا على الأقدام    مع ارتفاع درجات الحرارة... اليك بذور طبيعية لترطيب الجسم    عاجل/ العثور على ستيني مشنوقا في منزله    الخطوط التونسيّة تؤمن 44 رحلة لنقل 5500 حاج خلال موسم الحج    هذا موعد رصد هلال شهر ذي الحجة..#خبر_عاجل    تزوجته عرفيا: تونسية تخفي جثة زوجها بوضع الملح عليه وتفر..تفاصيل ومعطيات صادمة..!    تأجيل محاكمة قتلة بلعيد    لهذا السبب فلاحوا تطاوين يعترضون على التسعيرة الرسمية لبيع الأضاحي بالميزان    رصد هلال ذو الحجة 1446 ه: الرؤية ممكنة مساء هذا التاريخ    الصحة العالمية: مليونا شخص يتضورون جوعاً في غزة    توقيت مباريات نصف نهائي كأس تونس    مكافآت مالية للتبليغ عن المجرمين..ما القصة..؟    بالفيديو...حريق في قطار سوسة – تونس دون أضرار بشرية    الحج 2025 الخطوط التونسية رحلات مخصصة وامتيازات استثنائية في نقل الأمتعة    غدا.. جلسة عامة للنظر في مشروع قانون يتعلّق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة    تحويل جزئي لحركة المرور بساحة باردو بداية من هذا التاريخ والسبب هذا....    بنزرت: لا اختطاف ولا احتجاز.. توضيحات رسمية بشأن واقعة أطفال منزل عبد الرحمان    جريمة مروعة: ينهي حياة جاره طعنا بالسكين..!    عاجل/ العثور على مقبرة جماعية في ليبيا..    تونس تحتاج يوميًا إلى أكثر من 250 متبرعًا لتلبية الاحتياجات الاستشفائية    لا تُضحِّ بها! هذه العيوب تُبطل أضحيتك    إضراب سائقي التاكسي الفردي: هذه هي أبرز المطالب    فياريال يصدم برشلونة في يوم احتفاله بلقب الليغا    رابطة ابطال اسيا 2 : التونسي فراس بلعربي يقود الشارقة الاماراتي للقب    اليوم : انطلاق امتحانات الثلاثي الثالث للمرحلة الابتدائية    ترامب يعرب عن "حزنه" إزاء إصابة بايدن بالسرطان    أشغال بالطريق السيارة أ1 جنوبية ودعوة السائقين إلى الحذر    تصنيف لاعبات التنس المحترفات: أنس جابر تتقدم مرتبة واحدة    استشهاد 17 فلسطينيا في قصف العدو الصهيوني مناطق متفرقة من قطاع غزة    طقس الاثنين: ارتفاع في درجات الحرارة    أمينة الصرارفي: "اللباس التقليدي للمهدية والجبة التونسية مرشحان لتصنيف اليونسكو كتراث عالمي غير مادي"    تونس تدعو إلى تعاون مسؤول للحدّ من هجرة الكفاءات الصحية    هكذا هنّأت النجمة يسرا الزعيم عادل إمام بيوم ميلاده    لماذا تستعر نار التشكيك في ثوابت الأمّة العربية الآن وبكل حدة؟ حلقة 4    الاختتام الجهوي لشهر التراث بولاية توزر    'كعكة الرئيس'.. فيلم عراقي يحاكي حكم صدام بمهرجان 'كان'    من تجب عليه الأضحية؟ تعرّف على الشروط التي تحدّد ذلك    ارتفاع صابة الغلال الصيفية ذات النوى في 2025    النسخة 29 من "الكومار الذهبي للجوائز الأدبية"/ بالأسماء..الاعلان عن قائمة المتوجين في المسابقة..    الفرجاني يؤكد استعداد تونس للعمل مع منظمة الصحة العالمية في مجال تصنيع اللقاحات    









تونس أبعد ما تكون عن محرقة الشرط الأوسط
نشر في الشروق يوم 08 - 01 - 2025

تمثل الأوضاع المزرية للشرق الأوسط انعكاسا للخطاب الذي توجه به الرئيس قيس سعيد للقادة العرب في قمة الرياض عندما حذرهم من الوقوع ضحايا للعالم الجديد.
والواضح أن الجدل المتصاعد المنبثق عن نكسة الشقيقة سوريا يحتاج إلى وضع النقاط على الحروف بشأن تداعيات ما يحدث في الشرق الأوسط على تونس ومحيطها الإقليمي لقطع الطريق على الأجندات الخبيثة التي تراهن على التضليل خاصة من خلال تحويل عناصر القوّة إلى مواقع ضعف.
وينبغي التأكيد في هذا الصدد على أن تونس التي لم تبخل على أشقائها بالنصيحة لا يمكنها في كل الأحوال أن تتحمّل تبعات الفوضى المؤسساتية التي تخيّم على أنظمة الحكم في الشرق الأوسط والتي وصلت إلى حالة من العبث غير مسبوقة بعد تحوّل منظومة التطبيع إلى منصة لتبييض ودمقرطة الإرهاب يبدو أنها ستحرق الجميع دون استثناء.
والواضح أن هذا الخلل الهيكلي والوظيفي التي تعاني منه أغلب أنظمة المشرق العربي يجعلها عاجزة عن التقاط رسائل التاريخ والاتعاظ من أخطائها السابقة وفي مقدمتها نكسة العراق عام 2003 التي فتحت أبواب جهنم على الشعوب العربية ومهدت لأجندا الربيع العبري التي كادت تعيد المنطقة بأسرها إلى العصر الحجري.
وعندما جاء طوفان الأقصى في أكتوبر 2023 تطوّعت أنظمة التطبيع لحماية الكيان الصهيوني بكل الأشكال والوسائل ومنع وصول رياح التغيير القوية التي قامت في إفريقيا إلى الشرق الأوسط مهيأة بذلك العوامل التي أدت إلى انقلاب الأوضاع في لمح البصر بسقوط سوريا في مستنقع الإرهاب والفوضى الصهيونية المدمّرة بعد أن كان المجرم «نتنياهو» محاصرا مثل الفأر في مربع صغير نتيجة الملاحم التي صنعها الشعب الفلسطيني الأبي الذي تحمّل التقتيل والتجويع وفرض على العالم بأسره أن يراجع مفاهيمه وتعاطيه مع الحقوق التاريخية الفلسطينية حيث أصبحت الدولة الفلسطينية أمرا واقعا تدعمه الأغلبية الساحقة من دول العالم فيما سقطت أسطورة "الهولوكوست" وشعارات الديمقراطية الغربية الزائفة بالضربة القاضية.
وبعد أن حصل ما حصل بدأت أنظمة التطبيع تستشعر المخاطر الجسيمة المحدقة بأمنها القومي حيث أصبحت تل أبيب تجاهر بمشروع "الفدرالية الصهيونية" فيما عادت تركيا لترتع في الأرض العربية حالمة بعودة الامبراطورية العثمانية التي تتعامل مع العرب بوصفهم مواطنين من الدرجة الثانية.
وبالمحصّلة باتت دول التطبيع مهددة بالتحوّل إلى إمارات تابعة للكيان الصهيوني أو للعرش العثماني لأنها لعبت بالنار وعبثت بوشائج الأخوّة إما بالتواطؤ مع الكيان الصهيوني أو بمواقفها السلبية في الدفاع عن أسس الأمن القومي وفي مقدمتها فلسطين التي تمثل أول جدار صدّ في مواجهة المطامع الاستعمارية القديمة والمستجدة.
وعلى هذا الأساس يمكن القول إنه لا خوف على فلسطين ما دام الشعب الفلسطيني مستعدا للتضحية من أجل اقتلاع حقه في أرضه وتقرير مصيره فيما الفاتورة الحقيقية والمؤلمة ستدفعها كل الأنظمة التي تآمرت على فلسطين أو خذلتها أو تاجرت بها فالواضح أن الشرق الأوسط سيظل إلى حين محرقة ستكتوي بنيرانها كل الكيانات التي انخرطت منذ سقوط الاتحاد السوفياتي نهاية ثمانينات القرن الماضي في تدمير أسس السيادة والكرامة بما يعني أن المنظومة الصهيوأطلسية وأنظمة التطبيع غرقت في مستنقع لن تخرج منه.
وبالنتيجة تمثل المحرقة التي اشتعلت في الشرق الأوسط فرصة للدول الحرّة المتمسكة بوحدة ترابها واستقلالية قرارها للمضي بنسق أسرع على درب البناء وامتلاك وسائل القوّة والتأثير لأن المعادلة الدولية التي انبثقت عن الحرب العالمية الثانية غرقت في وحل الشرق الأوسط وهو ما يفسّر على سبيل المثال تسارع موجة تحرر افريقيا من الإرث الاستعماري الفرنسي إثر سقوط سوريا وذلك خلافا لما توحي به منصّات التضليل بما في ذلك خطاب "النصر المبين" الذي يمارسه تنظيم الإخوان والذي يعبر بشكل أو بآخر عن انسداد أفق التفكير المتأصل في الحركة الإخوانية.
وما دامت تونس قد اكتسبت مقومات "الدولة الحرّة" بفضل سياسة التعويل على الذات واستعداد الشعب التونسي للتضحية من خلال تحمّل أجندات التجويع والتأزيم التي مارستها المنظومة القديمة خلال الأعوام الأخيرة فإنها تقف في المكان الصحيح من التاريخ وستجد الطريق سالكة لتحقيق طفرة في التنمية غير مسبوقة في تاريخها خاصة من خلال الانفتاح على آسيا وإفريقيا وترسيخ قدمها ضمن ما يعرف بتحالف الجنوب الذي سيحسم في مآلات المخاض العالمي الذي يشير بكل وضوح إلى أن الصين وافريقيا أول المستفيدين من الوضع الراهن كما تظهر التجربة منذ 2011 على الأقل أن المؤسسات السيادية قادرة على صد كل ما يستجد في نطاق الارتدادات الحينية لمحرقة الشرق الأوسط وذلك في كنف التمسك بثوابتها العريقة وفي مقدمتها احترام وشائج الأخوّة والجيرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.