في خطوة ليست بغريبة عن تاريخ الكيان الصهيوني القائم على التوسع والاستيطان وسرقة الارض، كشف رئيس وزرائه المتطرف بنيامين نتنياهو عن نوايا تل أبيب في جنوبسوريا، مؤكدًا سعيه الى توسيع حدود الاحتلال الإسرائيلي هناك و تطبيق سياسة نزع السلاح ، وهي استفزازات تأتي في سياق المخطط الصهيوني القديم الجديد لتقسيم سوريا واستغلال ظروفها الراهنة لتحقيق مكاسب استراتيجية وسياسية وعسكرية طويلة الأمد. وتشير التصريحات والتحركات الاسرائيلية على الارض الى ان عملية فصل جنوبسوريا عن شماله قد انطلقت فعليا من خلال مشاهد التواجد العسكري الاسرائيلي الدائم والذي يبعد كيلومترات معدودات عن العاصمة دمشق ، فالكيان الصهيوني لم يكتفِ باحتلال الجولان، بل بدأ فعليًا في التمدد إلى عمق الجنوب ، من خلال إنشاء قواعد عسكرية وتعزيز نفوذه هناك، مستغلًا حالة الضعف التي أصابت سوريا بعد انهيار النظام السابق. وهنا لا بد من الاشارة الى ان الاحتلال الإسرائيلي لا يستهدف سوريا فقط، بل يسعى إلى تثبيت وجوده العسكري في عدة نقاط استراتيجية بالمنطقة، بدءًا من قطاع غزة، حيث يرفض الانسحاب الكامل ويسعى إلى التمركز الدائم داخل القطاع، مرورًا بجنوبلبنان، حيث يحاول باستمرار استهداف المقاومة، وصولًا إلى الجولان السوري، حيث يفرض سياسة الأمر الواقع من خلال الغارات والتمدد العسكري المستمر.وتأتي كل هذه التحركات ضمن عقيدة إسرائيل الدفاعية الجديدة بعد عملية 7 أكتوبر، والتي تقوم على منع أي تهديد مستقبلي عبر احتلال مناطق في دول الجوار وتحويلها إلى مناطق عازلة أو قواعد متقدمة للجيش الإسرائيلي. وهي مجرد مزاعم للتوسع لا غير . كل هذه التحركات في غزةولبنانوسوريا تتشابك مع الخرائط التوسعية و ما يسمى باسرائيل الكبرى التي ينشرها الكيان بين الفينة والاخرى والتي تتضمن نوايا ابتلاع اجزاء كبيرة من الدول العربية ، كما يمكن ربط ما تقوم به اسرائيل بتصريح آفي ليبكين وهو احد السياسيين الصهاينة المتشددين الذي قال في مقطع صوتي مسجل: " في النهاية، ستمتد حدودنا من لبنان إلى الصحراء الكبرى، ثم من البحر الأبيض المتوسط إلى نهر الفرات. وتساءل:ومن الذي يقع على الجانب الآخر من الفرات؟ الأكراد! والأكراد أصدقاء. لذا، لدينا البحر الأبيض المتوسط خلفنا، والأكراد أمامنا، ولبنان، الذي يحتاج حقًا إلى مظلة حماية إسرائيل، وبعد ذلك أعتقد أننا سنستولي على مكة والمدينة وجبل سيناء، ونطهر تلك الأماكن " بحسب أوهامه المريضة.. ورغم خطورة الوضع بشكل عام خاصة في ما يتعلق بالتحركات الاخيرة في سوريا، فإن رد الفعل السوري الرسمي لا يزال متواضعًا نسبيًا، إذ تبرر الإدارة الجديدة موقفها بضرورة التركيز على إعادة الإعمار وبناء الدولة من جديد. لكن الرهان على الحلول السياسية وحدها في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي هو رهان خاسر، أثبتت التجارب التاريخية أنه لا يؤدي إلا إلى مزيد من التوسع الصهيوني... فالاحتلال لا يواجه إلا بالمقاومة، وهذا ما علمنا إياه التاريخ، من الجزائر إلى فلسطينولبنان. فكما ولدت مقاومة فلسطينية لمواجهة الاحتلال الصهيوني، وتشكلت مقاومة لبنانية نجحت في طرد الاحتلال عام 2000، فإن الحاجة اليوم ملحّة الى ظهور مقاومة سورية شعبية في الجنوب السوري، تكون قادرة على استنزاف الاحتلال ومنعه من تثبيت وجوده لان أي غياب المقاومة يمنح الاحتلال فرصة ذهبية لترسيخ نفوذه وفرض معادلات جديدة على الأرض، وهو ما يشكل تهديدا وجوديا لسوريا ككل، وليس فقط للجنوب. وبناء على ذلك، فإن تشكيل مقاومة سورية في الجنوب لم يعد مجرد خيار، بل ضرورة وطنية، خاصة في ظل تعنت الاحتلال الإسرائيلي ورفضه أي حلول سياسية حقيقية. فكما أجبرت المقاومة الاحتلال الإسرائيلي على الانسحاب من جنوبلبنان، وكما أرهقته المقاومة الفلسطينية في غزة، يمكن للمقاومة السورية أن تعيد التوازن في الجنوب، وتكون نواةً لاستعادة الأرض وحماية السيادة السورية من المخططات الصهيونية. ناجح بن جدو