الكشف عن ميزانية وزارة الأسرة والمرأة والطفولة..وهذه التفاصيل..    الأمن يصدر بيانا بعد فيديو السائح الإسرائيلي وبنطلون الشرطي مقابل 100 دولار    في بالكم : نصّ العسل اللي ناكلو فيه في تونس... جاي من برا!    موجات برد وأمطار غزيرة متوقعة في أوروبا...تونس من بينها    عاجل: تعرّف على طاقم التحكيم ماتش تونس والبرازيل    محرز الغنوشي: أمطار غزيرة الليلة وغدوة    إجراءات إستثنائية لتنظيم عمليات توزيع منتوجات التمور والتفاح والقوارص والرمان والزيتون    تونس: كيفاش المحكوم ينجّم يدفع أموال لتعويض الضرر عوض السجن؟    عاجل/ بلاغ هام للادارة العامة للاداءات..    عاجل: هذا هو حكم مباراة الترجي والملعب المالي    النادي الإفريقي: فوزي البنزرتي مهدد بالعقوبة    هام/ بالأرقام: كميات الأمطار المسجلة في مختلف مناطق البلاد خلال 24 ساعة الماضية..    مباراة ودية: تشكيلة المنتخب الوطني في مواجهة نظيره البرازيلي    قبلي تفاجئ التوانسة بصابة'' دقلة بيوّ'' قياسية هذا الموسم    نشرة متابعة: توقّعات بنزول أمطار مؤقتا رعدية ومحليا غزيرة بهذه المناطق    أفلام مهرجان تيميمون للفيلم القصير: تقاطع الذاكرة والمقاومة والهوية في 47 فيلما قصيرا    فطريات الأظافر: كيفاش تتشخّص وتتعالج قبل ما تكبر المشكلة؟    يوم صحي استثنائي: فحوص مجانية ل500 طالبة بالحي الجامعي علي النوري بصفاقس    الأونروا تطلق صيحة فزع حول وضعية آلاف النازحين في قطاع غزة..#خبر_عاجل    بولونيا تتجه لملحق لكأس العالم بعد الفوز في مالطا    مفزع/ 1052 قتيلاً في حوادث المرور منذ بداية السنة..!    طاقم تحكيم فرنسي لإدارة مباراة تونس والبرازيل الودية    هذا عدد التذاكر المخصصة لمباراة الترجي الرياضي والملعب المالي..#خبر_عاجل    تونس: أطبّاء الصحة العمومية يخدموا 120 ساعة في الأسبوع بأجور تتراوح بين 1500 و1900 د    ولاية تونس تدرس إمكانية تركيز منظومة الإنذار المبكر للتوقي والاستعداد لمجابهة الكوارث الطبيعية    تحويل جزئي لحركة المرور على مستوى الوصلة المؤدّية من الطريق الوطنيّة رقم 3 أ1 نحو سوسة والحمّامات بداية من الثلاثاء    الشهرية الضعيفة تقرّب للخرف: دراسة جديدة تكشف علاقة صادمة    كل ما يجب معرفته عن ''شهرية'' ال retraite للعمال في القطاع الخاص    تونس: أمطار هذا الشتاء ستتجاوز المعدلات العادية في الشمال    عاجل: أمطار غزيرة تتسبب في فيضانات بهذه الدولة بعد أشهر من الجفاف    فيروس من'' الخفافيش'' يظهر في إثيوبيا: يقلق الصحة العالمية ...شنوا حكايتو ؟    عاجل: هذا ما ينتظر التلميذات اللاتي تعمدن الأكل في القسم    مادورو مستعد للتحدث وجها لوجه وترامب لا يستبعد "عملا عسكريا"    لبنان: إصابة عشرات التلاميذ جراء اصطدام "فان" بحافلة طلاب    فتح بحث تحقيقي بعد العثور على محامية متوفاة منذ 3 أيام في أكودة    زوجة ترودو السابقة تخرج عن صمتها بشأن علاقته بكاتي بيري    صاعقة تحرق نخلة في قفصة وسط أمطار ورعد قوي    وزارة الصحة:نحو شراكة مع" أوريدو" لدعم الرقمنة والذكاء الاصطناعي في المستشفيات    واشنطن: رفض حماس لقرار الأمم المتحدة دليل على تقدمنا بالمسار الصحيح    ميزانية النقل لسنة 2026: برمجة اقتناء طائرات وحافلات وعربات مترو ودعم الموارد البشرية    الثلاثاء: الحرارة في انخفاض وأمطار متفرقة بهذه المناطق    شروع المركز الجهوي للديوان الوطني للزيت بجرجيس في قبول زيت الزيتون من الفلاحين    استرجاع 30 قطعة أثرية من موقع زاما بعد ترميمها بروما: عرض جديد بباردو مطلع 2026    في أول زيارة له لمصر:الفنان الأمين النهدي يحضر خصيصًا العرض الرسمي لفيلم "الجولة13"    الكوتش وليد زليلة يكتب: ضغط المدرسة.. ضحاياه الاولياء كما التلاميذ    العلم اثبت قيمتها لكن يقع تجاهلها: «تعليم الأطفال وهم يلعبون» .. بيداغوجيا مهملة في مدارسنا    تمّ الإعلان عنها في ندوة صحفية ...إضافات في مهرجان «مجدي عبرود» للمسرح بالمكنين    تونس تترقب زيادة في انتاج زيت الزيتون بنسبة 47 بالمائة خلال موسم 2025 - 2026    فرنسا وألمانيا في الصدارة...تونس تشهد ارتفاعا غير مسبوق في الاستثمار!    Titre    المعهد القومي العربي للفلك يعلن عن غرة جمادى الثانية    أيام قرطاج السينيمائية: 9 أفلام تونسية ضمن المُسابقات الرسمية    الطبيب التونسي خالد ناجي رئيسًا للجمعية الإفريقية لأمراض النساء والتوليد    نشرة متابعة: انخفاض في الحرارة مع أمطار مؤقتا رعدية آخر النهار    أريانة: تكريم محمد علي بالحولة    رأي: الإبراهيمية وصلتها بالمشروع التطبيعي الصهيوني    شوف وقت صلاة الجمعة اليوم في تونس    كم مدتها ولمن تمنح؟.. سلطنة عمان تعلن عن إطلاق التأشيرة الثقافية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما لم يحسمه السلاح بوضوح، لن تحسمه أيّ لغة أخرى
نشر في الشروق يوم 29 - 09 - 2025

يُحكَى عن صفقة ترامبية جديدة بلغة أشبه بالموت ما بعد الموت وليس بالحياة ما بعد الموت ولا بالحياة ما بعد الحياة. وبمفهوم أشبه بإبادة المصير ذاته بعد إبادة البشر. إبادة المصير أي إبادة الوجود المحرّر على الهيئة التي يقررها وينفذها شعبنا المقاوم في فلسطين المقاومة، وليس فقط إبادة تقرير المصير.
يُحكَى عن صفقة ابادية موضوعها شعبنا الأبيّ الصامد في أراضينا المحتلة؛ صفقة ابادية يريدونها وكأنهم حيال مجموعة بشر سُلبت منهم مقوّمات الشعب ومقوّمات الوطن ومقوّمات الدولة. هكذا يريد المحتلّ والمختلّ. والمختل أحرص على الخبل من المحتل. كيف لصفقة ابادية أن تكون على جثث يراد لها أن تكون دون وطنها ودون أرضها ودون شعبها ودون سلاحها ودون مقدساتها ودون وجودها المستقبلي البشري في دولة حرّة محرّرة موحّدة؟
ماذا لو نُترجم ذلك في أيّ منطق؟ ما الذي سوف نحصل عليه؟ تقول هذه الصفقة الابادية المزعومة: قِفُوا على ركام التاريخ. ولكننا نعرف ان الواقف على ركام التاريخ تبتلعه الأرض. قِفُوا على ركام الجغرافيا. ولكننا نعرف ان الواقف على ركام الجغرافيا يبتلعه الأمد. فالوجود لا يحتمل الجمود. والحدود حركة لا مرئيّة لا تقبل القعود. وقود الركام الركام. وقود القيام القيام. فإما المقاومة وإما الفناء. لا مكان للواقفين على الخواء.
إن زمن التحرير المنشود، بعد الإبادة يليها الإفناء، زمن جيوسياسي وجودي جديد، لا يمكن أن يظهر إلى الحياة إلا بانقلاب جِيُوُجودي كامل حتى يندثر ونستمر. لا يوجد خيار آخر بحسب ما نرى. لا خيار سوى طوفان جماعي لتفادي الركام الجماعي الذي يُعِدّونه لنا.
ما الذي يعنيه تخطيطهم لنقل المعركة خارج الأرض؟ وما الذي يعنيه اجتثاث جوهر الحرب وأهدافها ونتائجها وتصوراتها؟ وما الذي يعنيه اقتلاع مركز المحور؟ وما الذي يعنيه الإحتلال على الإحتلال: احتلال الأرض واحتلال القرار والحكم من خارج المعركة! أليس هذا حكما بالفناء؟
إن نقل مركز المعركة خارج الأرض يعني الحكم بالهزيمة دون هزيمة والحكم بالنهاية بلا نهاية. وتبرئة العدو وتأثيم الصديق وتجريد الشهداء والضحايا وتحييد صاحب الحق وفصله عن روحه حتى يصير بلا قضية. وإضافة التزييف على التزييف: من تزييف القضية من إنهاء للاحتلال ووقف للحرب إلى إنهاء للمقاومة ووقف للمصير وتدمير للنصير. ثم تزييف القضية من وجودية إلى معيشية. ليس ذلك إلا حكما على المستقبل بالتصفية. دحرٌ للمسافة لا دحرا للمحتل. نحرٌ لصاحب الحق لا ردعا للمعتدي. افقاد الإنسانية الأمل حتى تصبح في حالة هامدة.
لا نرى فائدة في الإشارة إلى ما يسمى خطة ولا رجاء من تحليل مضامينها، فهي إما ميّتة تماما سواء ولدت أو لم تولد وإما مطلوبها الإفناء الكلّي للوجود والحق والقضية. ما سيٌدرس وما سيٌقال وما سيٌفعل سنعرفه ونراه، غير أن وجهتنا كل من هو معنيّ بالمقاومة ولا شيء آخر.
دون وعي مزيّف ودون تزييف للوعي، تحرير فلسطين لن يكون إلا بمفهوم تحرير متناسب مع طبيعة الإحتلال. فلسطين نقطة فقط ونواة فقط. تحرير فلسطين لن يكون إلا من المتوسط إلى باب المندب إلى ما بعد الفرات. لن يكون إلا من رأس الناقورة إلى أم الرشراش ومن سيناء إلى الجولان. وكما كان احتلال فلسطين جماعيا لن يكون تحريرها إلا جماعيّا، لن يكون تحرير فلسطين إلا بمفهوم تحريريّ مقاوم.
لا يمكن إزالة الاحتلال بمفاهيم الاحتلال بل بإزالة فكرية وعمليّة لمفاهيم الإحتلال. التحرير المطلوب ليس تحريرا جغرافيّا لفلسطين المقاومة وإنما تحرير جيوسياسيّ ووجودي لكل المنطقة ولكل الأرض والإنسان والمقدسات والمقدّرات والمصير.
لا وحدة إلا على أساس الفكرة: فكرة التحرِيرَين معا ولا تحرير إلاّ على أساس الوحدة: وحدة التحرِيرَين معا. لا تحرير لفلسطين دون تحرير كل الأراضي العربية المحتلة، 48 و67 وما بعد، ولا تحرير للأراضي العربية المحتلة دون تحرير فلسطين: وحدة تحرير ووحدة وجود ووحدة مصير.
إنه ضوء أخضر اجرامي جديد من أجل تقاسم غنائم الاحتلال على انه احتلال "استثماري" مربح لكل مجرم مشارك من كل الأطراف.
الاستشهاد ولا الخيانة الأعظم: تسليم العتاد والأرض والعباد والبلاد.
"الوطن أو الموت".
ما لم يحسمه السلاح بوضوح، لن تحسمه أيّ لغة أخرى. و"الجنة تحت ظلال السيوف". فإما صناعة مصير فيه النصر وفيه الشهادة وإما المصير بنصره وشهادته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.