الانطلاق في إعداد برنامج لتأمين التزويد بالماء الصالح للشرب خلال صائفة 2026    خطة ترامب بشأن غزة.. هذه "البنود" لم تقبلها حركة حماس    ليلة جديدة من الفوضى.. طائرات مسيرة تشل مطار ميونيخ    أهمها الرباعية التاريخية: مسيرة حافلة بالتتويجات للنادي الإفريقي .. طيلة ال105 سنوات    طقس اليوم: سحب أحيانا كثيفة مع بعض الأمطار الضعيفة    تواصل القصف الإسرائيلي على غزة رغم قرار ايقاف النار فورا    اريانة: جلسة عمل للنظر في تقدم إنجاز مثال التهيئة التفصيلي للقطب البيوتكنولوجي بسيدي ثابت    إيران: إعدام 6 أعضاء في شبكة إرهابية انفصالية على صلة بإسرائيل    عباس يعلن تعديل قانون الانتخابات وإنجاز دستور مؤقت خلال 3 أشهر    المغرب: موجة احتجاجات جديدة لحركة "جيل زد 212" في عدة مدن للمطالبة بتحسين الخدمات ومكافحة الفساد    اتحاد الشغل ينعى امينه العام المساعد منعم عميرة    حركة "تونس الى الامام" وحزب "الوطد" يعبران عن رفضهما للحكم بالاعدام في حق شخص على خلفية تدوينة    فضيحة تهزّ مستشفى الكاف: بهذه الطريقة...يتمّ تهريب المخدّرات داخل سيّارة الاسعاف!    معاً من أجل مواقع أثرية أنظف.. حملة وطنية لصون التراث وإشعاعه/ وكالة إحياء التراث/    إعلام أمريكي.. نتنياهو وافق شخصيا على مهاجمة "أسطول الصمود العالمي" في ميناء تونسي    التليلي تحصد الذهب    القيروان ...أحكام سجنية وخطايا مالية في حق 6 وكلاء البيع «الهباطة»    يواجه 3 تهم.. الإعدام لمتهم نشر تدوينات ضدّ رئيس الدولة    طقس الليلة    عاجل/ حجز حبوب مخدرة ومبلغ مالي داخل سيّارة إسعاف ..وهذه التفاصيل..    المهدية : بالقرب من مصب فضلات، وتحتوي على ملوّنات محجّرة .. حجز طنّين ونصف من السردينة المجفّفة و80 كلغ من الحلوى    حوار الأسبوع ..الفنان لطفي بو شناق ل «الشروق» .. ما يحدث في غزة عارعلى جبين الإنسانية    بدعوة من جمعية «تتريت» المغربية التشكيلية التونسية هدى بن حمودة تشارك في المعرض العالمي The Global Brush    غناية وحكاية ..«كلمة عتاب» .. لحنها عملاقان وغنتها وردة بعد وفاة أم كلثوم    استراحة الويكاند    توفر التلقيح ضد النزلة الموسمية    بيان من مجلس الجهات بشأن إعتقال ناشطي أسطول الصمود.. #خبر_عاجل    عاجل/ قضية حجز 400 ألف قرص "أكستازي": صدور بطاقات إيداع..    وزير الشباب والرياضة يعطي اشارة انطلاق المؤتمر العلمي الدولي الرابع للوكالة الوطنية لمكافحة المنشطات    انطلاق فعاليات النسخة الثانية للصالون المهني للصناعات التقليدية من 6 الى 12 اكتوبر الجاري بقصر المعارض بالكرم    الكاف: افتتاح فعاليات مهرجان الفروسية بسيدي رابح    البنك التونسي للتضامن يخصّص اعتمادات بقيمة 90 مليون دينار لتمويل صغار الفلاّحين خلال الموسم 2025 /2026    الرابطة المحترفة الأولى: الإفريقي يهزم مستقبل قابس ويعتلي الصدارة مؤقتًا    نحو تعزيز الشراكة في المجال الصحي بين تونس ومنظمة الأمم المتحدة    عاجل: منحة لفائدة أطفال العائلات الفقيرة ومحدودة الدخل بين 6 سنوات و18 سنة    الرائد الرسمي: صدور مرسوم جديد ينقح المرسوم المتعلق بالشركات الاهلية    الترشح مفتوح: تولّى منصب المدير الفني لمهرجان الأغنية التونسية 2026    عاجل: بداية من 4 أكتوبر: تغييرات جديدة في توقيت قطارات الساحل    برشلونة يعلن غياب نجمه لامين جمال لمدة 2 إلى 3 أسابيع    سدود تونس تشهد انتعاشاً: المخزون المائي يرتفع إلى 28%    جسم غريب فالعنين؟ ها شنوة تعمل    تايلور سويفت تطلق ألبومها الجديد بحملة ترويج عالمية    الفاو: أسعار الغذاء العالمية تتراجع في سبتمبر    عاجل : صدمة في الوسط الفني العراقي بعد وفاة الفنان إياد الطائي    رياح قوية تهز خليج تونس وشرق البلاد اليوم الجمعة!    دراسة جديدة: زيت الزيتون مش ديما صحي ينجم يساهم في السمنة..كيفاش؟    الديوانة تحبط محاولة تهريب 1200 علبة من الأدوية خاصة بالأمراض المزمنة    الترجي الرياضي يرد على بلاغ النجم الساحلي    الدوري الأوروبي : ليل يطيح بروما على ملعبه واستون فيلا يتخطى مضيفه فيينورد    هذه هي أهم أعراض متحور كورونا الجديد    وزارة الدفاع تعلن: باب الانتداب لتلامذة ضباط صف بالبحرية مفتوح    رمضان 2026: شوف شنوّة تاريخ أول الشهر الكريم وعدد أيّام الصيام فلكيا    المنتخب التونسي لاقل من 23 عاما يواجه نظيره العراقي وديا يومي 11 و14 اكتوبر في سوسة والقيروان    مدنين: اقرار فتح موسم جني الزيتون يوم 1 نوفمبر لتثمين الامطار الاخيرة    يهم من طالت بطالتهم: رئيس الدولة يجتمع بوزير الشؤون الاجتماعية..    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة ..تصدّي الإسلام للجريمة    عاجل/ مفتي الجمهورية الأسبق حمدة سعيّد في ذمّة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما لم يحسمه السلاح بوضوح، لن تحسمه أيّ لغة أخرى
نشر في الشروق يوم 29 - 09 - 2025

يُحكَى عن صفقة ترامبية جديدة بلغة أشبه بالموت ما بعد الموت وليس بالحياة ما بعد الموت ولا بالحياة ما بعد الحياة. وبمفهوم أشبه بإبادة المصير ذاته بعد إبادة البشر. إبادة المصير أي إبادة الوجود المحرّر على الهيئة التي يقررها وينفذها شعبنا المقاوم في فلسطين المقاومة، وليس فقط إبادة تقرير المصير.
يُحكَى عن صفقة ابادية موضوعها شعبنا الأبيّ الصامد في أراضينا المحتلة؛ صفقة ابادية يريدونها وكأنهم حيال مجموعة بشر سُلبت منهم مقوّمات الشعب ومقوّمات الوطن ومقوّمات الدولة. هكذا يريد المحتلّ والمختلّ. والمختل أحرص على الخبل من المحتل. كيف لصفقة ابادية أن تكون على جثث يراد لها أن تكون دون وطنها ودون أرضها ودون شعبها ودون سلاحها ودون مقدساتها ودون وجودها المستقبلي البشري في دولة حرّة محرّرة موحّدة؟
ماذا لو نُترجم ذلك في أيّ منطق؟ ما الذي سوف نحصل عليه؟ تقول هذه الصفقة الابادية المزعومة: قِفُوا على ركام التاريخ. ولكننا نعرف ان الواقف على ركام التاريخ تبتلعه الأرض. قِفُوا على ركام الجغرافيا. ولكننا نعرف ان الواقف على ركام الجغرافيا يبتلعه الأمد. فالوجود لا يحتمل الجمود. والحدود حركة لا مرئيّة لا تقبل القعود. وقود الركام الركام. وقود القيام القيام. فإما المقاومة وإما الفناء. لا مكان للواقفين على الخواء.
إن زمن التحرير المنشود، بعد الإبادة يليها الإفناء، زمن جيوسياسي وجودي جديد، لا يمكن أن يظهر إلى الحياة إلا بانقلاب جِيُوُجودي كامل حتى يندثر ونستمر. لا يوجد خيار آخر بحسب ما نرى. لا خيار سوى طوفان جماعي لتفادي الركام الجماعي الذي يُعِدّونه لنا.
ما الذي يعنيه تخطيطهم لنقل المعركة خارج الأرض؟ وما الذي يعنيه اجتثاث جوهر الحرب وأهدافها ونتائجها وتصوراتها؟ وما الذي يعنيه اقتلاع مركز المحور؟ وما الذي يعنيه الإحتلال على الإحتلال: احتلال الأرض واحتلال القرار والحكم من خارج المعركة! أليس هذا حكما بالفناء؟
إن نقل مركز المعركة خارج الأرض يعني الحكم بالهزيمة دون هزيمة والحكم بالنهاية بلا نهاية. وتبرئة العدو وتأثيم الصديق وتجريد الشهداء والضحايا وتحييد صاحب الحق وفصله عن روحه حتى يصير بلا قضية. وإضافة التزييف على التزييف: من تزييف القضية من إنهاء للاحتلال ووقف للحرب إلى إنهاء للمقاومة ووقف للمصير وتدمير للنصير. ثم تزييف القضية من وجودية إلى معيشية. ليس ذلك إلا حكما على المستقبل بالتصفية. دحرٌ للمسافة لا دحرا للمحتل. نحرٌ لصاحب الحق لا ردعا للمعتدي. افقاد الإنسانية الأمل حتى تصبح في حالة هامدة.
لا نرى فائدة في الإشارة إلى ما يسمى خطة ولا رجاء من تحليل مضامينها، فهي إما ميّتة تماما سواء ولدت أو لم تولد وإما مطلوبها الإفناء الكلّي للوجود والحق والقضية. ما سيٌدرس وما سيٌقال وما سيٌفعل سنعرفه ونراه، غير أن وجهتنا كل من هو معنيّ بالمقاومة ولا شيء آخر.
دون وعي مزيّف ودون تزييف للوعي، تحرير فلسطين لن يكون إلا بمفهوم تحرير متناسب مع طبيعة الإحتلال. فلسطين نقطة فقط ونواة فقط. تحرير فلسطين لن يكون إلا من المتوسط إلى باب المندب إلى ما بعد الفرات. لن يكون إلا من رأس الناقورة إلى أم الرشراش ومن سيناء إلى الجولان. وكما كان احتلال فلسطين جماعيا لن يكون تحريرها إلا جماعيّا، لن يكون تحرير فلسطين إلا بمفهوم تحريريّ مقاوم.
لا يمكن إزالة الاحتلال بمفاهيم الاحتلال بل بإزالة فكرية وعمليّة لمفاهيم الإحتلال. التحرير المطلوب ليس تحريرا جغرافيّا لفلسطين المقاومة وإنما تحرير جيوسياسيّ ووجودي لكل المنطقة ولكل الأرض والإنسان والمقدسات والمقدّرات والمصير.
لا وحدة إلا على أساس الفكرة: فكرة التحرِيرَين معا ولا تحرير إلاّ على أساس الوحدة: وحدة التحرِيرَين معا. لا تحرير لفلسطين دون تحرير كل الأراضي العربية المحتلة، 48 و67 وما بعد، ولا تحرير للأراضي العربية المحتلة دون تحرير فلسطين: وحدة تحرير ووحدة وجود ووحدة مصير.
إنه ضوء أخضر اجرامي جديد من أجل تقاسم غنائم الاحتلال على انه احتلال "استثماري" مربح لكل مجرم مشارك من كل الأطراف.
الاستشهاد ولا الخيانة الأعظم: تسليم العتاد والأرض والعباد والبلاد.
"الوطن أو الموت".
ما لم يحسمه السلاح بوضوح، لن تحسمه أيّ لغة أخرى. و"الجنة تحت ظلال السيوف". فإما صناعة مصير فيه النصر وفيه الشهادة وإما المصير بنصره وشهادته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.