حملات واسعة تقودها جماعات متعددة الانتماءات والمرجعيات هدفها ضرب العلاقة بين تونسوالجزائر وزراعة الفتنة بين شعبين يتقاسمان اللغة والثقافة والدين والتاريخ والجغرافيا والحاضر والمستقبل. صفحات على مواقع التواصل تبحث عن أدق التفاصيل لتبحث عن بذور فتنة، وجمهور تستهويه صناعة الفتن وتوجيه السهام نحو الجزائر الشقيقة، شعبا ونظاما ودولة. والكثير من هؤلاء يشككون في اتفاقية أمنية بين تونسوالجزائر، ويصبون جام غضبهم على ما يعتبرونه مؤامرة كبرى انخرط فيها النظامان، فماذا لو تم إعلان اي شكل من أشكال الاتحاد بين البلدين؟ هؤلاء هم أنفسهم الذين يدافعون عن نظام إرهابي سيطر على سوريا ويعادي المقاومة ويسلم ارض سوريا إلى عدو لا يكتفي بما احتله من أرض عربية. ويجدون كل الذرائع والتبريرات لصمت نظام سوريا عن الانتهاكات الإسرائيلية بل إن كثيرين منهم يدافعون عن خطوات التقارب والتطبيع بين «دمشق المحررة» وبين العدو الصهيوني. هؤلاء أنفسهم يسبون فرنسا ويلعنون جرائم احتلالها ولكنهم في الوقت ذاته ينفذون مشاريعها لزرع الفتنة بين تونسوالجزائر، ويريدون عزل البلدين من أجل إعادة تقسيم المقسم. أيا كان النظام في تونس أو الجزائر، فإن العلاقات بين البلدين عبر التاريخ الطويل استطاعت أن تتجاوز الاختلافات وحتى الصراعات، وظلت هذه الرقعة الجغرافية تحكمها علاقات التعاون والتكامل. في السياسة ليست هناك عاطفة ولكن هناك مصالح استراتيجية، والمصالح التي تجمع تونسوالجزائر، هي أكبر من محاولات زرع الفتن والتفرقة. وعليه فإن المطلوب من البلدين هو ترقية التعاون الاستثمار وتشبيك الاقتصادين على نحو يحقّق التكامل الجذري فتكون الجزائر حاضنة لتونس وتكون تونس حاضنة للجزائر على اساس المساواة الحقيقة والتامة وعلى أساس المصلحة المشتركة للشعبين. وما عدا ذلك فلا يتعدّى كونه رغاء وغوغاء فايسبوكية لن تتمكن من إحداث التصدع الذي يرجونه في كل لحظة. إن مستقبل الشعبين يفرض هذا التكامل، ففي عالم أصبحت فيه مشاريع التقسيم تطرح على الملأ وتتبناها قوى إقليمية كبرى دون اي خشية أو احترام لسيادة الدول، ليس أمام تونسوالجزائر سوى مزيد من الاتحاد لأنّه وكما قيل قديما «الاتحاد قوة والفُرقة ضعف». كمال بالهادي