عاجل/ أحداث قابس: مثول 89 شخصا من بينهم 20 قاصرا أمام النيابة العمومية..    المغرب يهزم الارجنتين ويتوج بكأس العالم للشباب    الليغا الاسبانية.. ريال مدريد يهزم خيتافي ويستعيد الصدارة    الحراك الإجتماعي بقابس.. مثول 89 شخصا أمام النيابة العمومية    عاجل: وزارة الداخلية: إيقافات وحجز كميات ضخمة من السلع والبضائع    عاجل/ مصادر طبية في غزة تكشف حصيلة الضحايا منذ إعلان وقف الحرب..    الرابطة المحترفة الثانية :نتائج مباريات الجولة الخامسة..    ايران تعدم شخصا بتهمة التجسس لصالح إسرائيل..#خبر_عاجل    جريمة مروعة: يقتل صديقه بعد يوم فقط من عقد قرانه..    افتتاح الدورة الثانية لملتقى الكتاب العربي في فرنسا بمشاركة تونسية هامة    المهرجان الجهوي للمسرح بتطاوين.. دار الثقافة بذهيبة تتويجات بالجملة    بداية من يوم غد.. نقل السوق الأسبوعي بالقيروان إلى محيط ملعب حمدة العواني    معهد علي بورقيبة بالمحرس .. تلاميذ الباكالوريا بلا أستاذ مادة رئيسية منذ شهر!    «الشروق» تواكب عودة اللفت السكري إلى سهول جندوبة .. توقعات بإنتاج 30 ألف طن من السكر    الطاقات المتجددة في تونس ..من خيار بيئي إلى دعامة اقتصادية    في افتتاح «أكتوبر الموسيقي» بحمام سوسة: توزيع أركسترالي جيّد لأغاني عبد الحليم    أولا وأخيرا .. هل نحن حقا في تونس ؟    وقفة احتجاجية في قابس والإفراج عن عدد من الموقوفين    كيفاش تحافظ على بطارية هاتفك لأطول فترة ممكنة؟    العثور على تمساح داخل مسبح منتجع فاخر شهير.. التفاصيل    عاجل: البرلمان البرتغالي يصوّت على منع النقاب في الأماكن العامة    دراسة علمية تربط بين تربية القطط وارتفاع مستوى التعاطف والحنان لدى النساء    لا تدعها تستنزفك.. أفضل طريقة للتعامل مع الشخصيات السامة    المشي للوراء.. السرّ الجديد وراء صحة باهية    تحذير عالمي من مادة كيميائية في لهّايات الأطفال    ضغط الدم ليس قدرا...4 تغييرات بسيطة في حياتك تخفضه من دون دواء    بطولة الرابط الثانية (الجولة5): تعيين مباراة تقدم ساقية الدائر وامل بوشمة يوم الاربعاء القادم    وزير الشباب والرياضة يُدشّن عددا من المشاريع الجديدة ويطّلع على واقع المنشآت الشبابية والرياضة بولاية المنستير    آخر أجل للترشح لجائزة عبد العزيز البابطين للإبداع الشعري يوم 31 جانفي 2026    اختتام فعاليات الدورة السادسة للصالون الدولي للأجهزة والخدمات والتكنولوجيات الحديثة للسلامة    أكسيوس: إسرائيل أخطرت إدارة ترامب مسبقًا بغارات غزة    كاس الكنفدرالية الافريقية لكرة القدم: النجم الساحلي ينهزم امام نيروبي يونايتد الكيني    أقل من 17 ألف تونسي يحمل صفة متبرع في بطاقة التعريف    يتقدمهم البطل العالمي أحمد الجوادي: تونس تشارك ب51 رياضيا في دورة ألعاب التضامن الإسلامي بالرياض من 7 إلى 21 نوفمبر    دعوات في حكومة الاحتلال لاستئناف الحرب.. والمقاومة 'ملتزمة بوقف النار'    اليوم يا توانسة: الجولة العاشرة من الرابطة المحترفة الأولى ..شوف الوقت والقنوات    قابس: نقابتا أطباء القطاع الخاص وأطباء الأسنان تؤكدان أن الوضع البيئي خطير ويستدعى تدخلا عاجلا    مشروع قانون المالية 2026 يقترح اقتطاعات جديدة لدعم صناديق الضمان الاجتماعي وتوسيع مصادر تمويلها    بلاغ هام للإدارة العامة للديوانة..    عملية سطو على متحف اللوفر بباريس.. اختفاء "مجوهرات ملكية"    البرلمان يَعقدُ جلسة عامّة حول قابس بحضور وزيرَيْن..    رسميا..مدرب جديد لهذا لفريق..#خبر_عاجل    يوم مفتوح للتقصّي المُبكّر لارتفاع ضغط الدم ومرض السكري بمعهد الأعصاب..    تحذير: أمطار رعدية غزيرة وجريان أودية في جنوب تونس وغرب ليبيا    الطقس يتبدّل نهار الأحد: شتاء ورعد جايين للشمال والوسط!    عرض موسيقي تكريما للمطربة سلاف يوم 23 اكتوبر الحالي    معهد الرصد الجوي للتوانسة : برشا مطر اليوم و غدوة..!    الغاز والبترول في تونس: الاستهلاك في ارتفاع والإنتاج في تراجع    بعد أن شاهد فيلم رُعب: طفل يقتل صديقه بطريقة صادمة!!    التوأمة الرقمية: إعادة تشكيل الذات والهوية في زمن التحول الرقمي وإحتضار العقل العربي    إمرأة من بين 5 نساء في تونس تُعاني من هذا المرض.. #خبر_عاجل    عاجل/ وزير الإقتصاد يُشارك في اجتماعات البنك العالمي وصندوق النقد.. ويجري هذه اللقاءات    مشروع قانون المالية 2026: رضا الشكندالي يحذّر من "شرخ خطير" بين الأهداف والسياسات ويعتبر لجوء الدولة للبنك المركزي "مغامرة مالية"    اليوم: الامطار متواصلة مع انخفاض درجات الحرارة    عاجل: الكاتب التونسي عمر الجملي يفوز بجائزة كتارا للرواية العربية 2025    لطفي بوشناق في رمضان 2026...التوانسة بإنتظاره    خطبة الجمعة .. إن الحسود لا يسود ولا يبلغ المقصود    5 عادات تجعل العزل الذاتي مفيدًا لصحتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هادي دانيال يكتب لكم: السياسة الأمريكيّة المتوحّشة متواصلة برغم الأوبئة الفيروسيّة والكوارث الطبيعيّة
نشر في الصريح يوم 14 - 03 - 2020

الأوبئة والكوارث الطبيعيّة التي تُسَربِل العالم شُعُوباً وَدُوَلاً كانَ يُفْتَرَض أنّها ستُوَحِّدَ الإرادات الدّوليّة في إرادةٍ واحدة لِمُقاوَمَتها والحدّ مِن أخطارِها ، لكنّ القوى الاحتكاريّة المتحكّمة بمصائر الوضع البشري عبْر تحكّمها بصائر الولايات المتّحدة الأمريكيّة العسكرية والاقتصاديّة والإعلاميّة والسياسيّة ، والتي يسمّيها البعض "الدولة العميقة الأمريكيّة" تُديرُ الظهرَ لهذه الأوبئة والكوارث وتسعى إلى استثمارها في مُواصلة لسياساتها المتوحّشة على حساب مصالح بقيّة شعوب المعمورة (بما في ذلك معظم الشعب الأمريكي نفسه). فبينما تمّ تسجيل أوّل إصابة بفايروس كورونا في الولايات المتّحدة قبل أكثر مِن شهرين لتصل الإصابات اليوم في ولاية أوهايو وحدها إلى أكثر مِن مائة ألف إصابة كان هَمّ الإدارة الأمريكيّة الضغط على أتباعهِ في الخليج لزيادة إنتاج النّفط لِخفض سعر البرميل الواحد إلى أكثر مِن النّصف في محاولة أخرى لِضَرب اقتصاد خصوم السياسة الأمريكيّة عبر العالم تتقدّمهم روسيا والصين. فَبعد اطمئنان الإدارة الأمريكيّة إلى تأثير وباء الكورونا سلبا على الاقتصاد الصيني أرادت في ضربة مزدوجة إضعاف الاقتصاد الرّوسي مِن خلال إيعازها للسعوديّة والإمارات بزيادة إنتاج النّفط الأمر الذي سيضعف موسكو التي تحصل على العملة أساسا مِن تصدير النفط والغاز ، وقد نفّذت الرياض وأبو ظبي الأوامر الأمريكيّة على الرغم مِن أنّ ما فعلتاه سيدمّر في الوقت نفسه الاقتصادين الإماراتي والسعودي خاصّة بعد أن أوقف وباء الكورونا عائدات السعوديّة من مواسم الحجّ والعمرة. لكن مقابل بقاء حكّام الخليج على عروشهم يُقامرون بمصائر ثروات بلدانهم التي هي في كل الأحوال تذهب إلى جيوب السيّد الأمريكيّ ومصانعه العسكريّة خاصّة أو إلى استثماراته في مشاريع صهيونيّة خاصّة في المنطقة. وكي لا تحجب الأوبئة والكوارث عن وعينا وتقطع ذاكرتنا مع الماضي القريب جدّا والمتواصل عمليّا بوقائعه وسياقاته ومراميه، نتوقف على سبيل المثال عند السياسة الأمريكيّة إزاء القارّة الأفريقيّة التي تمثّل ساحة صراع اقتصادي له تداعيات عسكريّة وسياسيّة متواصلة . فالصراع بَدَأ على أفريقيا في شمالها وغربها ووسطها بين قوّى استعماريّة تقليديّة للقارّة وبين القوة الإمبرياليّة الأمريكيّة الأقوى والأشرس، ولئن تمكّنت واشنطن مِن إضعاف النفوذ الفرنسي نسبيّاً لكنّها لم تستطع نَقْل قيادة أفريكوم إلى القارّة السمراء بسبب رفض جميع قادتها وحكوماتها هذا الطلب الأمريكي الذي كان عدم الاستجابة له مِن بين الدوافع الأمريكيّة لأسقاط قادةٍ وأنظمةٍ كانت منخرطةً في التكيُّف مع المصالح والسياسات الأمريكيّة كأنظمة مبارك وبن علي وعبد الله صالح(والقذافي في سنواته الأخيرة) في سياق ثورات فوضى الربيع العربي الخلّاقة .ذلك أنّ نهج الولايات المتّحدة هو فرض مصالحها الاقتصاديّة بالقوّة العسكريّة غزوا واحتلالا كما حصل في العراق وحاولته ولا تزال تحاوله الآن ضدّ إيران وسوريا ولهذا كان التعويل الأمريكي على القيادة العسكرية في أفريقيا "أفريكوم" لمواجهة الاستثمارات والنشاطات الاقتصاديّة الصينيّة والروسيّة في القارة الأفريقيّة التي باتت موضع تنافس للفوز بمواردها الغنيّة ليس فقط بين الدول العظمى بل أسالت لعاب دول كتركيا وإيران والهند والكيان الصهيوني والكيانات الخليجيّة. وفي حين أنّ المقاربة الأوربيّة والفرنسيّة خاصّة اعتمدت لتأمين مصالحها في دول قلب الساحل الأفريقي استراتيجيّة تقوم على الربط بين الأمن والتنمية في حل مشاكل هذه المنطقة، فقد اعتمدت في منطقة القرن الأفريقيّة استراتيجية بالتعاون مع منظمة (الإيجاد) عبر رؤية مشتركة وخطة تنفيذية تركز على ثلاثة ميادين هي: السلم والأمن، والأمن الغذائي، والتطوير المؤسسي، وتضمنت التدخل الأمني الأوربي السريع والفعال "لمنع الصراع، والوساطة، ونشر قوات حفظ سلام، وعمليات مراقبة وقف إطلاق النار، وإنشاء الفرقة العسكرية للتدخل السريع في شرق إفريقيا "، إلّا أنّها لم تُحقّق تلك النتائج التي حقّقتها السياسة الصينيّة وتحققها الآن السياسة الروسيّة.
أمّا الولايات المتّحدة الأمريكيّة وفي سياق استراتيجيّتها المتواصلة للهيمنة على العالم فقد اتجهت إلى الساحل والصحراء الأفريقيين بسياقات أمنيّة وطاقيّة واقتصاديّة بينما أرادت دمج شمال أفريقيا العربي في مشروع "الشرق الأوسط الكبير" الصهيو- أمريكي. وإذا كانت فرنسا قد اتكأت في التواجد في القارة إلى تاريخها الاستعماري وما نجم عنه من منظومات كالمنظومة الفرنكوفونيّة ، فقد طغت العوامل والمبررات الأمنية على التوجه الأمريكي نحو الساحل والصحراء الأفريقيين ، " إذ لم تنجح في النظر للإقليم إلا من زاوية جيو-أمنية وما تنطوي عليه من تهديد للأمن والمصالح الأمريكية المنتشرة عالميًا" ، ولتسويق أفريقيا كخطر أمني مزعوم على المصالح الأمريكيّة عبر العالم أقدمت واشنطن على زرع ودعم ورعاية التنظيمات الإرهابية المختلفة وخاصّة التكفيرية لتكون ذريعتها للتدخّل العسكري في المنطقة الأفريقيّة المستهدفة طاقيّاً واقتصاديّاً بذريعة عزم واشنطن على مكافحة الإرهاب فيها . وواشنطن كالعادة تقرر التدخّل بهذه الذرائع المصطنعة بدون التنسيق مع الحكومات الشرعية مع الدول المعنيّة وخارج القانون الدولي.
مقابل ذلك فإنّ الصين وروسيا تبنيان علاقاتهما مع دول وشعوب القارّة على قيم إنسانيّة تكافح الظلم والفقر والجوع ولو أنّ الصين تنطلق في ذلك مِن رؤية أيديولوجيّة شيوعيّة لكنّها في الوقت نفسة تعتمد نهجا براغماتيا في انفتاحها على سوقي التجارة والاستثمار الدوليين ، لكنّها براجماتية تأخذ في الحسبان عدَم المسّ بمصالح الدول والشعوب التي تتعاون معها في ذات الوقت الذي تؤمّن وتدعم وتحمي وتحصّن مصالح الشعب الصيني . بينما روسيا تنطلق مِن احترام الشرعيّة والقانون الدوليين التي ما فتئت الولايات المتحدة الأمريكية تعتدي عليهما مِن خلال اعتدائها على حقوق الشعوب في تقرير مصائرها وبسط سيادتها الوطنية على ما تحت وفوق ترابها الوطنيّ مِن ثروات طبيعيّة وبشريّة. وعلى الرغم مِن الحملة الشرسة التي تشنّها وسائل الإعلام الغربيّة لشيطنة الحضور الصيني في أفريقيا فإنّ "التايمز" تعترف بأنّ رصيد روسيا بين شعوب المنطقة ينمو على خلفيّة أنّ ماضي روسيا نقيّ مِن أيّ نزوعات استعمارية ، كما تعترف "الحرّة" بأنّه على مدى العقدين الماضيين، وَسَّعَت الصين انتشارها في أفريقيا" حيث موّلت مشاريع البنية التحتية الكبرى مثل بناء الطرق والسكك الحديدية في كينيا، وافتتاح قاعدة عسكرية في جيبوتي" ، بل إنّ الصين كثيرا ما تُنفّذ مشاريع (مجانية وعلى نفقتها) ذات أبعاد اجتماعية كبناء المستشفيات والمدارس على هامش استثماراتها كهدايا مِن الشعب الصيني.
في المقابل "تستثمر" الولايات المتحدة ملايين الدولارات في بناء القواعد العسكريّة بالذريعة التي باتت تقليديّة (مكافحة الإرهاب) للتمكّن من نهب ثروات القارة وقد أكدت "نيويورك تايمز" الأمريكية أن واشنطن أنشأت حديثاً " قاعدةً للطائرات بدون طيار بقيمة 110 ملايين دولار في النيجر". وفي تونس التي لم تغادر سياساتها الخارجيّة بعد جانفي 2011خاصّة الحدود المسموح بها أمريكيا ، كي لا نقول الإملاءات الأمريكيّة، لم تقدّم واشنطن أي دعم اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي أو مالي للدولة والشعب في تونس .وحسب موقع(France info) فإنّ "التعاون" الأمريكي التونسي يقتصر على المجال العسكري ، ويرمي إلى صفقة تقضي بتركيز قاعدة عسكريّة أمريكيّة مقابل تزويد تونس بطائرات حربيّة مِن نوع (AT-6WOLferine)، بل إنّ طلب تونس في أفريل الماضي مِن واشنطن قرضاً ب500مليون دولار كان لشراء طائرات هجوميّة خفيفة مِن واشنطن نفسها! ، حسب وكالة إيكوفان الاقتصاديّة. هذا السلوك الأمريكي دَفَعَ "أوبري هروبي"، الباحثة في مركز أفريقيا التابع للمجلس الأطلسي، إلى القول إن سياسة إدارة الرئيس الأميركي "دونالد ترامب" في أفريقيا، "ركزت بشكل شبه حصري على مواجهة نفوذ الصين وروسيا". وأضافت أن الولايات المتحدة إذا أرادت زيادة نفوذها في أفريقيا، فيجب أن تركز على "القطاعات التي لديها مزايا فريدة من نوعها، بما في ذلك التعليم والمالية والإعلام ". ولذلك فإنّ السياسة الأمريكيّة في شمال أفريقيا هي إثارة الفتن والخلافات بين تونس ودول المغرب العربي مِن جهة وبين دول أخرى ذات حضور في شمال أفريقيا كروسيا والصين وحتى فرنسا.
وخلافا لواشنطن التي لم تقدّم مساعدة فعليّة في التصدّي للإرهاب في شمال أفريقيا ، بل هي تدعم حاضنته السياسيّة ، فإنّ موسكو شملت تونس بدعم شامل لمجابهة الإرهاب والأزمة الاقتصاديّة في آنٍ معا ، فقد بدأت روسيا تشارك تونس منذ عام 2016، بصور التقطتها الأقمار الصناعية للجماعات الإرهابية المتنقلة في أنحاء المغرب العربي، في خطوة أثنى عليها المسؤولون التونسيون لاحقاً مؤكّدين أنّه بفضل هذه المساعدة التي وفرتها روسيا تمّ إحباط العديد من الهجمات المرتبطة بشبكات التهريب على طول الحدود الليبية-التونسيّة. وفي ذلك العام نفسه، أعلنت الدولتان عن إبرام اتفاق للتعاون في مجال الطاقة النووية، وتعهدت موسكو بتزويد القوات المسلحة التونسية بطائرات هليكوبتر، ونظارات للرؤية الليلية، وسترات واقية من الرصاص. وقد "برز الدعم الاقتصادي الروسي لتونس في الفترة ما بين عام 2012 وأوائل عام 2016، عندما هزت تونس سلسلة من الهجمات الإرهابية أدّت إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا، وانخفاض عائدات قطاع السياحة فيها حيث امتنع السياح من أوروبا عن زيارة تونس". وبدأت الدولة الروسية بتوجيه مواطنيها إلى تونس لملء الفراغ. ففي عام 2016، زار تونس نحو 600 ألف سائح روسي ، في زيادة بواقع عشرة أضعاف عن العام الذي سبق وبنسبة تخطت 10 في المائة من عدد زوار البلاد في ذلك العام. وفي الأعوام التالية تضاعفَ هذا العدد ، وعلى الرغم مِن ذلك فإنّ الحكومات التونسيّة المُتعاقبة لم تُكافئ سياسيّاً الحكومة الروسيّة ، على الأقلّ، بإعادة العلاقات مع دمشق ، حليف موسكو الأوّل في المنطقة، على الرغم مِن خوض الانتخابات التشريعيّة والرئاسيّة في برامج تتصدّرها الوعود بإعادة العلاقات التونسية- السوريّة ، لكنّ المُصادرةَ الغربيّة وخاصّة الأمريكيّة للسياسة الخارجيّة التونسيّة حال دون ذلك.
وعلى الرغم من ضعف النفوذ الأمريكي في المنطقة، اقتصاديا مقارنة بالصين، وسياسيا وعسكريا مقارنة بفرنسا ودول الاتحاد الأوروبي، في قارة "تضم أكبر تجمع للدول النامية في العالم، وذات أسواق متعطشة للاستثمارات، فضلا عن نمو سكاني هو الأسرع عالميّا، وثروات طبيعيّة هائلة، وحكومات تفتقر لأدوات فرض الأمن والاستقرار وتحديث البنى التحتية وتوفير الخدمات الأساسية"، فإنّ واشنطن عندما تريد تدارك غيابها عنها لا تُحاكي بكين وموسكو في دعم الدول الأفريقية ماليا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا والتعامل معها بندّية تحترم سيادتها وحقوق شعوبها في ثرواتهم بمساعدتهم في الإفادة من هذه الثروات وتوزيعها العادل ، بل إنّ وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" خلال جولته الأخيرة في ثلاث دول أفريقية (السنغال، أنغولا، وأثيوبيا) لم يجد حرجاً في التهافُتِ إلى تحريضٍ رخيصٍ ضدّ الصين وبرنامج القروض التي تقدّمها للدول الأفريقيّة واصِفاً تلك الدّيون ب" فخّ الديون" التي "تشكّل "خطراً على سيادة الدول الأفريقيّة ، ويمكن أن تدفع حدود الديون إلى مستويات لا يُمكِن تَحَمّلها" ، أمّا وصْفَة "بومبيو" البديلة فهي "تشجيع الإصلاحات الاقتصادية لزيادة الوصول إلى الأسواق ومكافحة الفساد وتعزيز سيادة القانون" ، وهي جُمَل أليفة في الجانب الديماغوجي مِن الخطاب السياسي الأمريكي المُوَجَّه إلى حكومات الدّوَل المُستَهْدَفة بالضّغط عليها لتنفيذ الإملاءات الأمريكيّة مِن بوّابة تنفيذ شروط النّقد الدّولي للمنّ على هذه الدّوَل بقروض مُهينة.
وذات الأضاليل الأمريكيّة تطاول الاتحاد الروسي وتحاول تشويه دوره في مُواجَهة الإرهاب في ليبيا بالتوازي مع التعاون الاقتصادي بينها وبين دول كمصر والجزائر والمغرب في مجالات النفط والطاقة النووية.
وعند ما نقرأ أنّ وزير الدفاع الأمريكي "مارك إسبر" يدرس "مقترحات لإجراء تخفيض كبير في أعداد القوات الأمريكية المتركزة في غرب إفريقيا، أو حتى سحبها بالكامل، كخطوةٍ أولى من عملية مراجعة توزيع القوات الأمريكية، التي يمكن أن تعيد تنظيم الآلاف من القوات في جميع أنحاء العالم، في إطار المساعي الأمريكية إلى تقليص المهام العسكرية الأمريكية، التي نُشِرَت لقتال الجماعات المتشددة بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول، وإعادة تركيز أولويات البنتاغون بدلاً من ذلك على مواجهة القوى العظمى مثل روسيا والصين"، عندئذٍ نتأكّد أكثر أنّ "الدولة العميقة" في الولايات المتحدة الأمريكيّة شَرٌّ مُطْلَق يَتحرّك عبْرَ العالَم على خلفيّة نيوليبراليّة مُتَوحّشة مُجَرَّدَة مِن أيّ وازع إنساني ، فما دامَ العالَم كُلّه بات مُتأكِّداً مِن أن "القاعدة" و "داعش" سلاحان إرهابيّان تكفيريّان أنتجتهما مَخابرُ المُخابرات الأمريكيّة أُبيدَ بهما مئات الآلاف مِن البشر ودُمِّرَت مُدُن وَأوابد حضاريّة، وفي "11سبتمبر2001" ذاق المُواطنُ الأمريكيّ "طبخة السمّ" هذه التي طَهتها دولته لتميتَ بها شعوباً أخرى ترفض التبعيّة لواشنطن وتل أبيب ومشروعهما المشترك، وبالتالي فإنّه غَيْر مُسْتَبْعَد أنْ يكونَ "فايروس الكورونا" صادراً عن مختبرات أمريكيّة تستعدّ لحربٍ بيولوجيّة ، خاصّةً وأنّ الإدارة الأمريكيّة بادرت برعونة أخلاقيّة إلى اتهام الحكومتين الصينيّة والإيرانيّة بالتواطؤ مع "فيروس الكورونا" على أرواح شعوبهما ، والآن بَعدَ أن بدأت الصين تتعافى وتستعدّ لمساعدة الإنسانية في كلّ مكان لمقاومة "الكورونا" ، وَبَعْدَ أن كان "ترامب" منذ أيّام قد استهان بالأمر مُتراخياً في تحصين شعبه مِن تداعيات طبخة "الكورونا" ، يُعلِنُ اليوم حالة الطوارئ في بلادِه مِن مخاطر "11سبتمبر" كوروني.
إنّ دوائر الاحتكار الامبريالي الأمريكي التي يبدو أنّها تعتنق الفكرة المسيحيّة الصهيونيّة التي تسعى إلى نهاية العالم ، كما هي تقف خلف الصناعات العسكرية والتقنية والإعلامية، فإنّها تقف أيضاً خلف "هوليود" التي تشكِّل وتوجّه الرأي العام ليس في أمريكا فقط بل في أجزاء واسعة مِن شعوب العالم ، "هوليود " التي مثلما صنعت بمخيالها الشرّير أفلاماً حاكَتْها ثورات الفوضى الخلّاقة قبل سنوات مِن إطلاق "الربيع العربي" ، صَنَعَتْ أفلامَ حروب بيولوجيّة ، كفيلم (contagion ) "العدوى" للمخرج "ستيفن سودريرغ" الذي "يتنبّأ" بطبخةِ وباء "الكورونا" بتفاصيلَ مذهلة لا يُمكننا أنْ نَعدّ تطابقها مع ما يحصل الآنَ مَحْض صدْفَة .
أخيراً وعلى الرغمِ مِن العنجهيّة الأمريكيّة التي تُمْعِنُ في العدوان المُتواصِل على الشعب العراقي منذ ثلاثة عقود، في الوقت الذي يُفْتَرَض فيه تآزُر الشعوب والدُّوَل كافّة في مواجَهة جائحة "الكورونا" ، فإنّنا نرجو أن تهزمَ البشريّة هذا الوباء وتخرجُ مِنْه بأقلّ الخسائر وأنْ تنقشعَ أخطارُهُ عن كُلّ الشعوب بما فيها الشعب الأمريكي ، وأن ينقشع في ذات الوقت الوباء الصهيو أمريكي الرابض بشرورهِ على صَدر الإنسانيّة ، كَونَهُ المصدر الأساس لكُلّ الأخطار التي تُحْدِق بالإنسان المُعاصِر في كُلِّ مكان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.