يسأل المرء عما لا يعنيه، ويسأل الناس عن أمورهم الخاصة، التي لا يرتضون أن يطلع عليها أحد غيرهم، ثم ان السائل قد يوقع نفسه فيما يسوؤه من رد موبخ مسكت، قال ابن عبد البر: «قال تميم بن نضر بن يسار لأعرابي: هل أصابتك تخمة؟ قال: أما من طعامك فلا. ودع السؤال عن الأمور وبحثها فلرب حافر حفرة هو يصرع * سرعة الجواب: فيجيب دون أن ينهي السائل كلامه، أو يجيب عن سؤال لم يوجه اليه، وأقبح ما في هذا أن يجيب المرء عن سؤال وجه الى غيره، فهذا كله مناف لأدب المحادثة، قال عمر بن عبد العزيز: خصلتان لا تعدمانك من الجاهل: كثرة الالتفات، وسرعة الجواب. * الحرص على إبداء الرأي في كل صغيرة وكبيرة: وهذا مما يتنافى مع الحزم، فليس من الحكمة ان يتعجل الانسان إبداء الرأي، لانه ربما جانب الصواب، وخالف الحقيقة، بل ربما قاده ذلك الى أن يتعصب لرأيه ولو كان غير مصيب كي لا ينعت بالعجلة والزلل. وآراء المرء له، وأقواله عليه، متى صرح بآرائه صار أسيرا لها، مكبلا في أغلالها، له غنمها، وعليه غرمها. * التعرض للسفلة والسفهاء: فهناك من لا يأنف من مجاراة السفهاء والتعرض للسفلة، فاذا ما جمعه بهم مجلس توسع في الحديث معهم، وتمادى في مضاحكتهم وممازحتهم، مما يجعله عرضة لسماع ما لا يرضيه من ساقط القول، فيصبح بذلك مساويا لهم في سفههم وسفالتهم، اذ نزل اليهم، وانحط في حضيضهم. إذا جاريت في خلق دنيء فأنت ومن تجاريه سواء والمروءة أن يعرض المرء عنهم، ويدع الحديث معهم الا بقدر ما تدعو اليه الحاجة، من سلام أورده، أو جواب لسؤال، أو نحن ذلك، قال تعالى: {خد العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} (199 سورة الأعراف).